لم تنم مدينة النعمة، عاصمة ولاية الحوض الشرقي، ليل الأربعاء/الخميس، وهي تستعد لاستقبال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في إطار زيارة شعارها “التنمية”، ولكن التنافس الانتخابي بين السياسيين المحليين خطف الأضواء في ليلة صاخبة بالمدينة الهادئة.
كل شيء كان جاهزًا لاستقبال ولد الشيخ الغزواني، الذي يزور النعمة لأول مرة منذ انتخابه قبل أكثر من ثلاث سنوات، وهي الزيارة التي سيعقد خلالها اجتماع مجلس الوزراء في المدينة، لنقاش ملفات تنمية الحوض الشرقي.
على طول الشارع الرئيس في المدينة نصبت مئات الخيام، رفعت عليها صور للرئيس ولوجهاء وأطر الولاية، علقت بالقرب منها لافتات ترحب بالرئيس وأعضاء الحكومة، وأخرى تطالب حزب “الإنصاف” الحاكم بترشيح هذا السياسي أو ذاك، فيما بدا أنه حملة انتخابية مبكرة.
طغى التنافس ما بين تحالفات أطر الولاية على المشهد، فلا أحد في خيام السياسيين يتحدث عن المشاريع التنموية التي ستعلن عنها الحكومة، أو تلك التي سبق أن أنجزتها، فلا حديث يعلو على السياسة والانتخابات.
مئات السيارات العابرة للصحراء، تجوب الشارع الرئيس، تنطلقُ منها مكبرات صوت بالأهازيج والأناشيد السياسية، وتقرع فيها الطبول، ويردد راكبوها كلمات تمجد أحد السياسيين المحليين، وتصفه بأنه الأجدر بالترشيح في الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية.
لجأ بعض منظمي المبادرات السياسية إلى تنظيم حفلات موسيقية لأنصار حلفه، الذين جلب أغلبهم من مقاطعات وقرى نائية، من أجل “إظهار دعم من يراهنون عليه في الانتخابات المقبلة”.
من بين هؤلاء “فاضل ولد ابيه” الذي بدا عليه التعب أثناء حديثه لنا، قال وهو يتثاءب، إنه وصل صباح (الثلاثاء) بعد رحلة شاقة سلكت فيها سياراته طرقا وعرة على مدى أربع ساعات.
يضيف “ولد ابيه” أنه خاض هذه الرحلة الشاقة من أجل دعم أحد السياسيين المحليين “لأنه يستحق الوقوف معه ومساندته خلال زيارة الرئيس”، قبل أن يضيف أنه “يتمنى من حزب الإنصاف أن يرشحه للانتخابات البرلمانية”.
ويبرر “ولد ابيه” موقفه بالقول إن المرشح الذي يتمنى دخوله البرلمان “كان سببا في جلب المياه الصالحة للشرب إلى قريته النائية”.
معظم الموجودين في المخيمات السياسية جاؤوا من أنحاء ولاية الحوض الشرقي، باتوا ليلتهم في الخيم وفي السيارات في انتظار استقبال الرئيس.
كسرت هذه الحشود رتابة وهدوء مدينة النعمة، فقد تحولت إلى ساحة للتنافس ما بين أطر ووجهاء الولاية، وكان التوتر والحماس يزداد مع اقتراب موعد وصول الرئيس.
ينظر صاحب إحدى المبادرات إلى ساعته، ثم يقول إن “الوقت تأخر”، يدقق في الصور واللافتات التي سيرفعها مساندوه عند وصول الرئيس.
يحثهم على رفع لافتات تطالب حزب الإنصاف بترشيحه، يقول إن عليهم الاتحاد والعمل كمجموعة وإظهار دعمهم للرئيس، لكنه يعيد ويشدد على أن يرددوا هتافات تطالب بترشيحه.
ولكن هذا المرشح يبدو قلقًا، فالمنافسة قوية وخصومه يستخدمون نفس الآليات لمحاولة لفت انتباه الرئيس والحزب، فهذه سيارات ثبتت عليها مكبرات صوت تبث إعلانات لأحد وجهاء الولاية، تعدد إنجازاته حين كان وزيرا، وتدعو أنصاره إلى الالتحاق بمهرجان ينظمه هذه الليلة بمناسبة زيارة الرئيس للولاية.
على الرغم من أن الحكومة أعلنت أن الزيارة تهدف إلى إعلان عن حزمة من المشاريع التنموية، إلا أن المشهد أشبه بأجواء حملة انتخابية سابقة لأوانها، حملة داخل الحزب الحاكم، من أجل نيل ثقته لخوض انتخابات ستكون ساخنة.