عاد يحيى ولد أحمد الوقف، اليوم الخميس، إلى أروقة القصر الرئاسي بعد أن خرج منه عام 2008 متوجهًا إلى الاعتقال بأمر من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، رئيس المجلس الأعلى للدولة الذي قاد آنذاك انقلابا عسكريا على الرئيس الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله.
خلال حكم الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، برز نجم ولد أحمد الوقف خاصة في الساحة السياسية، فعين في شهر أبريل 2007 وزيرا أمينا عاما لرئاسة الجمهورية، نفس المنصب الذي عين فيه اليوم، قبل أن يتم انتخابه في يناير 2008 رئيسا لحزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية (عادل)، وهو الحزب الحاكم آنذاك.
كما ترأس ولد أحمد الوقف في بداية حكم ولد الشيخ عبد الله، اللجنة الوزارية المكلفة بملف اللاجئين الموريتانيين وبالإرث الإنساني، وهي اللجنة التي أسندت إليها مهمة تسوية الملف وعودة المبعدين من السنغال، واتخذت فيه قرارات غير مسبوقة في تاريخ البلد.
في شهر مايو 2008، عين ولد أحمد الوقف وزيرًا أول خلفا لسلفه الزين ولد زيدان، ولكنه واجه أزمة خانقة مع البرلمان عرفت بـ “أزمة حجب الثقة”، أرغم خلالها على تقديم استقالته للرئيس واستقالة حكومته، إلا أن ولد الشيخ عبد الله عاد وجدد فيه الثقة، فشكل حكومة جديدة كان محمد ولد بلال، الوزير الأول الحالي، يشغل فيها منصب وزير الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي.
لكن انقلاب أغسطس 2008 عصف بثاني حكومة لولد أحمد الوقف، بعد شهر واحد من تشكيلها.
النضال
غداة الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، وضع ولد أحمد الوقف رهن الاعتقال رفقة محمد ولد ارزيزيم (وزير الداخلية آنذاك)، أحمد ولد سيدي بابا (رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي آنذاك)، موسى فال (مدير وكالة دمج وتشغيل اللاجئين الموريتانيين آنذاك).
أفرج عن ولد أحمد الوقف ورفاقه بعد خمسة أيام من الاعتقال (11 أغسطس 2008)، بضغط من الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية التي حركت الشارع لرفض الانقلاب، ولكن ولد أحمد الوقف أعيد اعتقاله بعد أيام، حين أوقفته فرقة من الدرك الوطني وهو يستعد لحضور مظاهرة مناوئة للانقلاب في نواذيبو.
أخضع الانقلابيون ولد أحمد الوقف للإقامة الجبرية في الداخل، فيما كان ولد عبد العزيز يتهمه في خطاباته بالفساد، وبأنه هو من أفلس شركة الخطوط الجوية الموريتانية وبأنه متورط في صفقة أرز فاسد، ولكن أي محاكمة لم تجر لإثبات أو نفي هذه التهم.
لفترة قصيرة انخرط حزب عادل، ومعه ولد أحمد الوقف، في الأغلبية الداعمة للرئيس ولد عبد العزيز، ولكن سرعان ما دب الخلاف بين الرجلين، وانسحب الحزبُ عائدا على المعارضة، إذ ظل ولد أحمد الوقف يتصدر صفوف المعارضة، فلم يفوت أي مسيرة مناوئة لحكم الرجل، وكتب عدة مقالات حول الفساد والأوضاع الاقتصادية للبلاد، كما تولى رئاسة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ومنسقية المعارضة الديمقراطية.
العودة
قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية (2019)، كانت صفوف المعارضة مشتتة، وعاجزة عن الخروج بمرشح موحد تجمع عليه، فقرر محمد ولد مولود الترشح مدعوما من التكتل، وتوجه الإسلاميون نحو سيدي محمد ولد ببكر، حينها قرر حزب عادل الذي يرأسه ولد أحمد الوقف دعم ترشح محمد ولد الشيخ الغزواني.
بعد فوز ولد الغزواني بالانتخابات اندمج حزب عادل في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وتقلدت قيادات عادل السابقة مناصب بارزة في حزبهم الجديد، قبل أن تبدأ تعيينات عدد منهم، من أبرزهم فاطمة بنت خطري، فيما كان ولد أحمد الوقف هو الدينامو الذي يحرك لجنة التحقيق البرلمانية التي أعدت تقريرا حول فساد عشرية حكم ولد عبد العزيز.
كما أن ولد أحمد الوقف يمسك منذ عدة أشهر بملف التشاور مع رفاق الأمس في أحزاب المعارضة، وذلك ما يزيد من حظوظ تنظيم التشاور بعد تعيينه وزيرا أمينا عاما لرئاسة الجمهورية.
المهندس والاقتصادي
ولد أحمد الوقف من مواليد عام 1960 في مدينة المجرية، وسط موريتانيا، تخرج من الجامعات المغربية مهندسا في التطبيقات الإحصائية عام 1984، ثم حصل على دبلوم مهندس إحصائي اقتصادي عام 1986، ليدرس في جامعة نواكشوط.
خلال مساره الوظيفي تقلد العديد من المناصب، أولها كان مسؤول خلية الإحصاء والبرمجة بمفوضية الأمن الغذائي، قبل أن يعمل مع برنامج الغذاء العالمي لفترة طويلة امتدت من 1989 وحتى 1999، كما تقلد عدة مناصب في وزارة الاقتصاد ما بين 1999 و2003.
بعد الانتخابات الرئاسية في 2003، عينه الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطائع مديرا عاما لشركة سوماغاز، ثم مديرا للحظيرة الوطنية لحوض آرغين، ثم أمينا عام لوزارة المياه والطاقة.
في الفترة من 2005 وحتى 2006، شغل ولد أحمد الوقف منصب المدير العام لشركة الخطوط الجوية الموريتانية، كما شارك في تحليل نظام تسيير عملية تجميع وتسويق الإنتاج المحلي من الأرز، بالإضافة إلى دراسة تكلفة إنتاج الأرز وتسويق الحبوب في موريتانيا، إضافة إلى المشاركة في وضع سياسة أسعار وتسويق الأرز في موريتانيا وتقويم مشروع البحث الزراعي.