نظم بيت الشعر-نواكشوط مساء أمس ندوة نقدية تحت عنوان “الشعر الشعبي وعلاقته بالشعر الفصيح”؛ وتأتي هذه الندوة ضمن سلسلة “مقاربات نقدية” ينظمها بيت الشعر.
وقد حاضر ضمن الندوة الأديبان : اتقان النامي و محمد محمود محمد الأمين السالم حماه. فيما افتتحت بكلمة لمدير بيت الشعر الذي أدار الجلسة وقدم المحاضرين.
وقبل أن يحيل الكلمة إلى المحاضرين تعرض عبد الله السيد إلى نشأة الأدبين وأنهما متقاربين زمنيا ، وأن العلاقة بينهما لم تتوقف عند الأبعاد اللغوية والموضوعية وإنما تجاوز ذلك حتى إلى الإطار العروضي لدى الشيخ محمد اليدالي الذي نظم قصيدة فصيحة على منوال الإيقاع العروضي لأحد “ابتوت لغن”.
وفي بداية مداخلته أشار اتقانه النامي إلى أن الجامع الأول لهذين الأدبين هو اللغة العربية التي يعتبران بمثابة ابنين لها وأنهما ظلا يشتركان في موافقات عديدة لا تتوقف عند الفنيات البلاغية التي عرف الاشتغال عليها لدى الشعراء من الأدبين.
وأضاف المحاضر إلى أن هذه الموافقات ترجع في الأساس إلى أن الأدبين يخرجان من مشكاة واحدة ثقافيا ولغويا.
وفي معرض النماذج للموافقات الفنية والموضوعية التي شهدها الأدبين، تعرض اتقانه إلى نموذج من الشعر الفصيح للمتنبي وآخر شعبي للشاعر سدوم ولد انجرتو
حيث يقول المتنبي:
أقبلتها غرر الجياد كأنما
أيْدي بَني عِمرانَ في جَبَهاتِهَا
الثّابِتينَ فُرُوسَةً كَجُلُودِها
في ظَهْرِها والطّعنُ في لَبّاتِهَا
ألعارِفِينَ بها كَما عَرَفَتْهُمُ
والرّاكِبِينَ جُدودُهُمْ أُمّاتِهَا
كأنّما نُتِجَتْ قِياماً تَحْتَهُمُ
وكأنّهُمْ وُلِدوا على صَهَواتِهَا
أما سدوم فيقول:.
نعرف يوم امن أيام الوَيْــــــــل==نفســــــــتُ فيهْ ؤنفّسْــهَ
هوّ نفّسْهَ بيـــــه ارجيــــــــــــل==وهيّ زاد اطويل انفَسْـهَ
واتبان اتهَزْهَزْ فَثْرْ الخيــــــــل==وهــــوّ ما بانْ إرَادِسْــهَ
وامنين اتحجل بيهْ اتمــــــــيل==عنْ بلْ الباس إكَرْكَسْـــهَ
أما المحاضر الثاني فقد وقف عند ظاهرة الترجمة بين الأدب الشعبي والأدب الفصيح فبين أن نصوصا من الأدب الشعبي ترجمت بنصوص من الأدب الفصيح وكذلك العكس.
كما استعرض ظاهرة ثانية تتعلق بدخول المعجم الفصيح الشعر الشعبي وأظهر أن الأديب لكويري عبد الله كان نموذجا بارزا لهذه الظاهرة.
وفي نهاية المحاضرة تدخل أساتذة جامعيون وأثاروا إشكالات متعددة تتعلق كلها بالعلاقة بين الشعر الشعبي الملحون والشعر الفصيح.