أصدرت دار «هاشيت أنطوان» للنشر كتاب «الرسائل الخليجية»، وهو الكتاب الخامس ضمن سلسلة كتب جماعية من نمط «أدب الرحلات» يحكي قصة الحضارة العربية، بدأت بـ«باريس كما يراها العرب»، ثم «الرسائل الدمشقيّة» و«المئويّة الثانية للقضيّة الفلسطينيّة» و«الرسائل المغربيّة».
وساهم في الكتاب الجديد 22 كاتبا عربيا، من دول عربية مختلفة، يروون مدن الخليج وقضاياه، وقد جاءت النصوص في بابين، الأوّل يفتح على نصوص حرّة وشخصيّة تناولت 14 مدينة وإقليماً خليجيّاً، ويجدر بالذكر هنا أنّ بعض المدن كالدوحة والمنامة والكويت قد استأثرت بنصّين، بينما كان نصّ واحد من نصيب بقيّة المدن التي شملت كلّاً من مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وجدّة وإقليم نجد في المملكة العربيّة السعوديّة، ومسقط ونزوى وإقليم ظفار في سلطنة عمان، وأبو ظبي ودبي والعين والشارقة في الإمارات العربيّة المتّحدة.
أمّا الباب الثاني، فيقدّم أبحاثاً ومقاربات عن قضايا خليجيّة في الاقتصاد والاجتماع والثقافة، ولا سيّما الموضوع النفطي والإعلامي وغيرهما من المواضيع المفصلية في الحديث عن الخليج.
عمل جماعي
نصوص هذا الكتاب من تأليف: ابن بطوطة، يونس أبو أيّوب، وفاء ثابت المزغني، فيصل جلول، سيّار الجميّل، نشأت سالم الحلبي، ياسمين حنّاوي، نوال الحور، عادل خليفة، أمين الريحاني، نوال سالم، عزّة سليمان، سعدة الصابري، جلول صدّيقي، قيس العزّاوي، وفاء فكاني، جمال يوسف فيّاض، روعة قاسم، سامي كليب، فيروز محمّد يحي الولي، عبد الفتّاح نعّوم، عبد الله ولد محمّدي.
الكتاب وإن كان عملا جماعيا، إلا أنه تم تحت إشراف مباشر ومستمر من الأستاذين سامي كليب وفيصل جلول، والأول هو إعلامي وكاتب سياسي يحمل الجنسيتين اللبنانية والفرنسية، حائز دكتوراه في علوم الإعلام والاتصال وتحليل الخطاب السياسي، وعمل مذيعا ومقدما للبرامج ومراسلا حربيا وسياسيا لأكثر من 25 عاما بين فرنسا والوطن العربي، غطى خلالها أبرز حروب العالم وأحداثه.
أما فيصل جلول فهو باحث لبناني في أكاديمية باريس للجيوبوليتيك وعضو مؤسس ومسؤول في عدد من المنتديات والمؤتمرات والجمعيات العربية، مقيم في باريس منذ أكثر من ربع قرن، سبق أن نشر دراسات ومقالات مختلفة في العالم العربي وأوروبا، ومن مؤلفاته المنشورة «حوار المشرق والمغرب» و«الجندي المستعرب» و«نقد السلاح الفلسطيني»، بالإضافة إلة كتب عديدة أخرى.
من دمشق إلى الخليج
ويقول سامي كليب وفيصل جلول، في مقدمة الكتاب الجديد، إن الرسائل العربية التي يشرفان عليها «انطلقت من دمشق، وذهبت إلى المملكة المغربية، وها هي تلج بنا إلى الخليج العربي لنعبر من شواطئه الجميلة إلى حواضره، ومن واحاته إلى بوابات مدنه العريقة أو الجديدة، ومن لؤلؤه إلى نفطه وثرواته، ومن تقاليده وتمسكه بإسلامه إلى حداثته وانفتاحه على الطوائف الأخرى».
ويضيف الكاتبان في المقدمة أن «الرسائل الدمشقية والمغربية سمحت لنا بترسيخ يقيننا بأن في هذا الوطن العربي الكبير كثيرا من جسور المحبة وبذور الأخوة وآفاق التعاون وإمكانيات التكامل، لكنها جسور عششت فيها العقارب في العقود الماضية بسبب سوء تقدير أو سوء تدبير أو مطامع أجنبية، فابتعدت العربُ عن العربِ».
ولكن الكاتبان يقولان: «لعلنا من بين قلة لم تفقد الأمل ولا فقدت أريج التواصل، ولا صدقت أن ثمة فرقة لا عودة عنها، فانطلقنا مما نعرفه ونحترفه، أي مهنة الكتابة، وذهبنا إلى دمشق والمغرب والآن إلى الخليج، نروي قصة حضارتنا العربية من بوابات المدن والتقاليد والثقافة والمجتمع والعادات، وسوف نكمل المسيرة صوب كل دولنا».
يؤكد الكاتبان أن الكتاب الجديد يروي مدن الخليج «بنظرة عربية محبة، ولكن أيضًا بنهج علمي يستند إلى مشاهدة الواقع على حقيقته وقراءة الكتب والوثائق والدراسات، بحيث لا نغالي في تجميل ما نراه، ولا نتعامل مع هذه المنطقة الغنية تاريخا وحاضرا كمستشرقين».
ويوضح المشرفان على الكتاب أن المساهمين فيه «عرب وغير خليجيين»، مع إعادة نشر نصين تاريخيين أولهما عن نجد للرحالة اللبناني أمين الريحاني، والثاني عن ظفار للرحالة الأشهر ابن بطوطة.
ونبهت المقدمة إلى غياب بعض المدن الخليجية المعروفة، وأكد المشرفان أن «هذا ليس ناجما عن خطأ أو سوء تقدير لأهميتها، بل لأسباب متعلقة بالدرجة الأولى بحجم الكتاب الذي يلزمنا بالاختيار والتفضيل بين مدن متساوية في أهميتها، وبالدرجة الثانية بطريقة عملنا التي تقوم على التطوع حصرا، فالكتاب الذين يعملون معنا لا يتقاضون أجرا ولا حقوقا، ولعل دافعهم الوحيد هو الثقة بنا وبمشروعنا، وربما إيمانهم بأن النص الحر من كل قيد يصل إلى أكبر نسبة من القراء».
ويقع الكتاب الجديد في 416 صفحة من الحجم المتوسط، ويصدر عن دار «هاشيت أنطوان»، وهي دار للنشر تأسست بفعل عقد شراكة وُقِّعَ بين دار «هاشيت» الفرنسيّة والعالميّة للنشر، و«مكتبة أنطوان» اللبنانيّة عام 2009. وتشكّل الدار الجديدة امتدادًا لمغامرة النشر التي بدأتها دار نوفل منذ عام 1970.
وتختص «نوفل» تقليديًا في الإصدارات الأدبية الكلاسيكية والتاريخية، والتي تكتسي حلة جديدة بعد أن وسّعت مجالات إصدارتها لتشمل الروايات المعاصرة والإنتاجات الإبداعية الشبابية والكتب السياسية وتلك البوليسية والروائية المترجمة.