تبعد جامعة نواكشوط العصرية أكثر من عشرين كيلومترًا عن بعض أحياء العاصمة، وهي المسافة التي يتوجب على مئات الطلاب قطعها يوميًا، في رحلة ذهاب وإياب شاقة، وصفها الطالب حميتو ولد حافظ بـ «المعركة الحقيقية».
مع ساعات الصباح الأولى من كل يوم يغادر «حميتو» بيت أهله في عرفات، هاجسه الوحيد أن يجد مكانًا في واحدة من حافلات النقل الجامعي، وهي حافلات توفرها الجامعة ولكنها غير كافية لنقل أكثر من 12 ألف طالب يوميًا.
يقول حميتي في حديث مع «صحراء ميديا» إن «المعركة الحقيقية تكمن في الوصول إلى الجامعة قبل موعد الحصة الدراسية».
تتنوع وسائل النقل التي يستخدمها الطلاب في طريقهم إلى الجامعة؛ يقول حميتي إنه يركب يوميا «التوك توك» لقطع المسافة الفاصلة بين بيت أهله ومحطة الحافلات «لأنه أسرع وأكثر قدرة على تجاوز السيارات والتحرك خلال الزحمة».
عند المحطة يقف «حميتو» مع عشرات الطلاب، في انتظار الحافلة، بعضهم يقتنص دقائق الانتظار للمذاكرة، وآخرون منكبون على هواتفهم وفي بعض الأحيان يتصفحون وجوه القليل من المارة، فالمدينة بدأت تستيقظ للتو.
يقول حميتو: «الدراسة هنا صعبة، صعبة جدًا، بسبب أزمة النقل، لأن الجامعة لا توفر العدد الكافي من الحافلات».
ثم يضيف: «يجب عليك القتال، وأن تمتلك شخصية قوية، فهنا لا مكان للتنازل أن التراجع حتى تركب هذه الحافلة».
تقطع الحافلة المسافة ما بين «كرفور مدريد» والجامعة في ساعة ونصف، مرت طويلة على الطلاب وهم يخشون تعطل الحافلة قبل الوصول، أمر يحدث كثيرًا، على حد تعبير العديد من الطلاب، يقول واحد منهم: «النقل يؤرقنا، خاصة أن بعضنا يغيب عن الاختبارات بسبب الأعطاب الفنية التي تصيب الباصات المتهالكة».
يقول حميتو: «هذه التاسعة والنصف، ساعة ونصف من السير، إنها رحلة متعبة بالنسبة لطالب مازالت لديه رحلة عودة شاقة ومتعبة.. لا يمكن أن يستمر هذا الوضع».
المركز الوطني للخدمات الجامعية يرى الوضع من زاوية أخرى، ويؤكد أنه يوفر ما يكفي من الحافلات لنقل 12 ألف طالب يوميًا، وأن بحوزته فرق فنية جاهزة لإصلاح أي حافلة يصيبها أي عطل فني.
لم يخف محمد لولي، رئيس مصلحة النقل في المركز الوطني للخدمات الجامعية، في حديث مع «صحراء ميديا» صعوبة المهمة، وقال: «نحن نسير يوميًا من 120 إلى 130 رحلة، من وإلى الجامعة».
وأضاف: «هذه الرحلات تسير بانسيابية ودون مشاكل، تحت مراقبة لصيقة من المركز وشركة النقل العمومي».
لا ينكر الطلاب وجود عدد كبير من الحافلات، ولكنهم يقولون إن أغلب هذه الحافلات «لا تتوفر فيها معايير حافلات عصرية، معظمها مهترئ».
يقول ماء العينين ولد سيدي المختار، وهو طالب في الجامعة، إن «سبب الاكتظاظ هو رغبة شركة النقل العمومي في الربح، حتى وإن كان على حساب الطالب».
ويستغرب ولد سيدي المختار من استمرار مركز الخدمات الجامعية في التعاقد مع شركة النقل العمومي التي يعتقد أنها «فشلت على مدى خمس سنوات في توفير نقل محترم وعلى مستوى من الجودة».
استغراب نقلناه إلى محمد لولي، رئيس مصلحة النقل في المركز الوطني للخدمات الجامعية، فقال إنهم في المركز ملزمون من طرف السلطات بالتعاقد مع شركة النقل العمومي، وأكد أن المركز «غير معني بالتفاوض أو التعاقد مع أي شركة».
ولكن ولد لولي ينفي بشكل قاطع وجود أي أزمة في النقل الجامعي، ويؤكد أن «كل محطة للنقل الجامعي فيها فنّيون مهمتهم إصلاح الأعطاب في الحافلات، وإذا تعطلت حافلة في الطريق تحل المشكلة في غضون عشر دقائق فقط».
شركة النقل العمومي المعنية بتوفير حافلات النقل وصيانتها، تعذر الحصول على رأيها، رغم الاتصالات التيأجرتها«صحراءميديا» طيلة إعداد الموضوع.
الشركة التي تأسست قبل سنوات لتوفير النقل العمومي في العاصمة، بجودة عالية وأسعار مخفضة، استوردت عددًا من الحافلات، أغلبها مستعمل، ولكن خدماتها ظلت تواجه النقد، خاصة من طرف الطلاب في جامعة نواكشوط.
تتباين وجهات نظر الطلاب حول خدمات النقل الجامعي، مع آراء الجهات الرسمية، إلا أن رأيًا آخر يبرز بين الطرفين ليدعو السلطات إلى توفير سكن جامعي، قد يساهم في تخفيف الضغط على حافلات النقل الجامعي.