وجهت منظمة الصحة العالمية، قبل أيام، تحذيرات جدية إلى ست دول في غرب القارة الأفريقية بالإضافة إلى الكونغو الديمقراطية، من احتمال تفشي وباء جديد من فيروس «إيبولا» القاتل، الذي سبق أن انتشر في المنطقة عام 2013 وتسبب في مقتل آلاف الأشخاص.
ووجهت التحذيرات إلى الدول المجاورة لغينيا، بعد أن سجلت إصابات بالفيروس في هذه الدولة التي كانت بؤرة له قبل ثماني سنوات.
وقالت المتحدثة باسم المنظمة العالمية مارغاريت هاريس، في مؤتمر صحفي عبر تقنية الفيديو من جينيف، إن منظمة الصحة العالمية «حذرت ست دول مجاورة لغينيا، بما فيها سيراليون وليبيريا، بالإضافة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية»، من إمكانية انتشار للفيروس الخطير.
وأضافت هاريس أن هذه الدول «تتحرك الآن بسرعة للاستعداد والبحث عن أي إصابات محتملة».
وطلبت المنظمة من الدول المعنية أن تكون في حالة تأهب لمواجهة ظهور أي إصابات بالفيروس شديد العدوى، فيما أعلنت الكونغو الديمقراطية انها سجلت عدة إصابات بالفيروس مطلع شهر فبراير الجاري، واشتبهت غينيا في سبع حالات بالإضافة إلى ثلاث وفيات يعتقد أنها مرتبطة بالفيروس، وفق ما أوردت وسائل إعلام محلية.
واشنطن تحذر
وبدأ الزخم حول فيروس «إيبولا» يثير ردود أفعال دولية، خاصة وأنه يتزامن مع استمرار جائحة فيروس «كورونا» المستجد، التي أنهكت المنظومة الصحية العالمية.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن العالم يجب أن لا يتجاهل انتشار فيروس «إيبولا» في أفريقيا، رغم الانشغال بجائحة فيروس «كورونا».
وقالت ساكي في بيان صحفي: «لا يمكننا أن نتجاهل الأمر، يجب أن نبذل قصارى الجهد من أجل منع تفشي الأمراض لئلا تتحول إلى أوبئة».
وأشارت ساكي إلى أن الولايات المتحدة الامريكية ستتعاون مع الدول المتضررة ومنظمة الصحة العالمية، مضيفة أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سولفيان تحدث مع سفراء غينيا وسيراليون وليبريا والكونغو وأبدى استعداد بلاده لمد يد العون.
وتخشى الولايات المتحدة الأمريكية تكرار الخطأ الذي حدث مع فيروس «كورونا» المستجد، حين تجاهل العالم انتشاره في الصين، قبل أن يتحول إلى «جائحة عالمية».
Suite à la résurgence du virus Ebola en République de Guinée, le gouvernement guinéen a sollicité de l’assistance par l’intermédiaire du Mécanisme de protection civile de l’UE.
La France envoie plus de 500 kits de protection contre Ebola: https://t.co/BXl65ar4fG #EUCivPro pic.twitter.com/jAbqwhAYLu
— European Commission 🇪🇺 (@EU_Commission) February 19, 2021
منظومة هشة
العديد من دول غرب أفريقيا التي سبق أن ظهر فيها الفيروس، تعاني من هشاشة منظومتها الصحية، ونقص في الكادر البشري والمعدات والأدوية، وزادت جائحة كورونا من تعقيد الوضع الصحي فيها، وخاصة تداعياتها الاقتصادية.
وحذر ممثل منظمة الصحة العالمية في غينيا جيورج ألفريد كي زيربو، من أن النظام الصحي في البلد يواجه تحديا متعدد الأبعاد، ففي حين تواجه السلطات انتشار فيروس كورنا والحمى الصفراء على الحدود مع السنغال، يأتي ظهور إيبولا ليزيد الوضع تعقيدا.
وقال زيربو في تصريحات صحفية إن «البنية التحتية الصحية للبلد هشة والتحديات كبيرة».
وسبق أن عجزت هذه البلدان عن احتواء الوباء عام 2013، قبل أن تدخل منظمة الصحة العالمية على الخط وتتحرك بعض الجهات الدولية، ليتم في النهاية احتواء الوباء، ومنع تحوله إلى «جائحة عالمية»، إلا أن جهود البحث عن لقاح أو علاج للفيروس ما تزال بطيئة.
وبعد أربع سنوات من إعلان دول غرب أفريقيا اختفاء الفيروس والقضاء عليه، أعلنت غينيا يناير الماضي ظهور إصابة جديدة به، وأرسلت بعثات إلى منطقة (نزيريكوري)، جنوب شرقي البلاد، وهي نفس المنطقة التي سجلت أول إصابة بالفيروس عام 2013.
وقال المدير الجهوي للصحة في نزيريكورى، لصحيفة (جون آفريك)، إن السلطات تابعت جميع المخالطين للحالة الأولى، ثمانية منهم ظهرت عندهم أعراض، فيما تعود أول إصابة أعلن عنها لممرضة توفيت نهاية يناير الماضي.
واتخذت السلطات إجراءات لكبح انتشار الوباء، ففي بيان صادر الاثنين الماضي أعلن الرئيس الغيني ألفا كوندي حظر التجمعات لأكثر من 5 أشخاص، فيما أغلقت السلطات المحلية في «كويكي» الأسواق لمدة شهر.
موطن إيبولا
تعد جمهورية الكونغو الديمقراطية أحد المواطن المعروفة لفيروس إيبولا، وظل حاضرا فيها طيلة السنوات الماضية، رغم القضاء عليه في بقية مناطق القارة الأفريقية، ولم تعلن نهايته إلا في شهر نوفمبر من العام الماضي (2020).
ولكن هذا النصر على الفيروس لم يستمر طويلًا، فأعلنت سلطات الكونغو الديموقراطية في السابع من فبراير الجاري، تسجيل إصابة جديدة بالفيروس سريع الانتشار في مدينة «بوتمبو».
وأعادت السلطات فتح مركز إيواء مرضى إيبولا في محافظة «كيفو»، شمالي البلاد، وأطلقت حملة لمتابعة جميع مخالطي المصابين، في محاولة لاحتواء انتشار الفيروس منذ البداية.
إلى ذلك أطلقت منظمة الصحة العالمية، الاثنين الماضي، حملة تطعيم موجهة بالدرجة الأولى إلى الطواقم الطبية، وقال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايك رايان: «لقد كنا في حالة تأهب، وانتظرنا عودة فيروس إيبولا في شرق الكونغو، وسنفعل كل ما في وسعنا لدعم الحكومة في الاستجابة لمنع انتشاره».
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت قبل عام ونصف العام من الآنن حالة طوارئ صحية عالمية في الكونغو الديموقراطية، بسبب انتشار الفيروس الذي تسبب في مقتل 2200 شخص في الكونغو وحدها.
Apprenons mieux à propos de la maladie à virus Ebola
Et rappelez-vous: avec les bonnes informations et avec l’aide de nos agents de santé, nous pouvons nous protéger d’Ebola. pic.twitter.com/CGnQwaMWaq— Agence Nationale de Sécurité Sanitaire (@anss_guinee) February 19, 2021
قلق إقليمي
أمام ظهور إصابات جديدة بفيروس «إيبولا» في غينيا والكونغو، بدأت دول المنطقة التحرك لمنع دخول الفيروس أراضيها، وأعلنت سلطات السنغال المحاذية لغينيا، رفع مستوى التأهب الصحي في البلاد.
وحسب الصحافة المحلية فإن السلطات الصحية السنغالية أخذت تدابير لمنع دخول الوباء إلى السنغال عبر الحدود مع غينيا، وحتى غامبيا وغينيا بيساو، وقال مسؤول صحي في محافظة (كولدا) الحدودية، إن السلطات اتخذت تدابير، ودعا إلى المزيد من الرقابة على الحدود.
ليبيريا هي الأخرى أعلنت حالة تأهب قصوى بعد ظهور فيروس إيبولا في غينيا المحاذية لها، وطلب الرئيس جورج ووياه من العاملين في قطاع الصحة أن يكونوا على أتم الاستعداد لتفادي انتشار الفيروس في البلاد، بعد أن اجتاحها عامي 2014 و2016.
أما سيراليون القريبة جداً من غينيا، فقد اعتمدت «خطة» استجابة وطنية للطوارئ الصحية، ورفعت حالة الطوارئ إلى «المستوى الثاني»، وهو ما يعني مراقبة الحدود والكشف المبكر عن الحالات النشطة.
كوت ديفوار هي الأخرى اتخذت تدابير وقائية، كمراقبة النقاط الحدودية وتفعيل ما سمته «الخطة الوطنية للتأهب ضد فيروس إيبولا»، ووضعت جميع الفرق الصحية قيد الاستعداد لأي طارئ، وقال وزير الصحة الإيفواري أوجين أكا أوولي، الثلاثاء الماضي، إن «السلطات لم تسجل أي إصابة بفيروس إيبولا».
وقت حرج
ويظهر فيروس «إيبولا» المعروف بأنه فتاك، في وقت تئن الأنظمة الصحية تحت وطأة فيروس «كورونا» المستجد، ويدق الخبراء ناقوس الخطر، ويؤكدون أنه ما لم تكن الاستجابة سريعة وفعالة، فإن الكارثة هذه المرة ستكون أكبر.
وقال محمد مخير، المدير الإقليمي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، إن ظهور إيبولا في غينيا «يأتي في أسوأ وقت ممكن» تواجه فيه البلاد جائحة كورونا، معتبرا أنه من دون استجابة سريعة «من المرجح أن تكون الآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية هائلة بالنسبة لملايين الأشخاص، في بلد نظامه الصحي ضعيف، ويعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر».
وحسب منظمة الصحة العالمية فإن فيروس إيبولا ظهر لأول مرة عام 1976 في السودان والكونغو، وأخذ اسمه من قرية تقع على مقربة من نهر إيبولا، وعاود الظهور في طفرة جديدة عام 2013 في غرب أفريقيا، طفرة تقول منظمة الصحة العالمية إنها أكبر وأعقد طفرة للفيروس منذ اكتشافه، حيث تسببت في أكبر عدد من الوفيات بالفيروس في العالم.