أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، أن الأسابيع التحضيرية لقمة نجامينا أسفرت عن اتفاق مع دول الساحل حول رفض أي حوار مع إياد أغ غالي، زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وأمادو كوفا أمير كتيبة تحرير ماسينا وهما تنظيمان تابعان للقاعدة وينشطان في منطقة الساحل، وخاصة في مالي وبوركينا فاسو.
الرئيس الفرنسي كان يتحدث خلال مؤتمر صحفي عبر تقنية الفيديو، مع صحفيين من دول الساحل، بالتزامن مع مشاركته في قمة قادة دول الساحل التي شارك فيها عن بعد، وناقشت تطور الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل، ومصير التدخل العسكري الفرنسي في المنطقة.
وقال ماكرون: «خلال الأسابيع الأخيرة عززنا التوافق مع محاورينا في دول الساحل، حول اعتبار أن إياد أغ غالي وأمادو كوفا عدوان، ولا يمكن أن يكونا بأي حال من الأحوال محاوران، لأنهما زعيمان إرهابيان تسببا في مقتل آلاف المدنيين والعسكريين».
وجاء رفض فرنسا للحوار مع قادة الجماعات الإسلامي (إياد أغ غالي وأمادو كوفا)، بعد أن قررت بوركينا فاسو الحوار مع تنظيمات فرعية في منطقة «دجيبو» في الشمال، إلا أن الرئيس الفرنسي اعتبر أنه لا بد من شروط لهذا الحوار، أولها التخلي عن السلاح والتعهد بمحاربة بقية التنظيمات.
كما سبق وأن أعلنت مالي استعدادها للدخول في حوار مع بعض قادة القاعدة، وخاصة إياد أغ غالي وأمادو كوفا، وهو ما ردت عليه جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بالقبول ولكنها وضعت شروطا في مقدمتها انسحاب القوات الفرنسية من المنطقة.
من جهة أخرى قال الرئيس الفرنسي إن لديه أمل في وضع القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل تحت البند السابع للأمم المتحدة خلال الأشهر المقبلة، وهو القرار الذي قال إن الإدارة الأمريكية السابقة كانت تعارضه على مستوى مجلس الأمن الدولي طيلة العامين الماضيين.
وقال ماكرون إن دول الساحل تسعى لوضع قوتها العسكرية المشتركة تحت البند السابع للأمم المتحدة حتى تضمن «التمويل الدائم»، مشيرًا إلى أن هذا النقاش مستمر منذ عامين «وكان صعبا على المستوى الدبلوماسي، لأن الإدارة الأمريكية السابقة كانت تعارضه وأوقفته».
وأضاف ماكرون: «لدي الأمل في إمكانية الحصول عليه خلال الأشهر المقبلة، إلا أنه يجب أن لا يكون شرطا مسبقا لنجاح عمل القوة العسكرية المشتركة»، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي وفر مائتي مليون يورو ومائة مليون وفرها الاتحاد النقدي لغرب إفريقيا، بالإضافة إلى مساهمات من دول الخليج العربي وشركاء آخرين.
وأوضح الرئيس الفرنسي أن القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل ستكلف مبلغ 40 مليون يورو سنوياً، مؤكداً أن المتاح من التمويل يمكنها الآن من البدء في العمل والتطور بشكل تدريجي.
وقال الرئيس الفرنسي إن الاستراتيجية الآن هي إعطاء صبغة محلية للحرب ضد الإرهاب، من خلال إشراك الجيوش الوطنية والقوة العسكرية المشتركة، بالإضافة إلى طابع دولي عبر القوات الخاصة الأوروبية (تاكوبا) التي قال إن الهدف الاستراتيجية هو أن يكون قوامها ألفي جندي، من ضمنهها 500 جندي فرنسي.
وفي سياق الحديث عن سحب القوات الفرنسية من منطقة الساحل الأفريقي، قال ماكرون إن السحب الفوري لهذه القوات «خطأ»، وقال إن «تطورات مهمة بدون شك ستدخل على انتشارنا العسكري في منطقة الساحل في الوقت المناسب، لكن هذا الأمر لن يحصل على الفور».
وانتقد الرئيس الفرنسي بشدة النقاش الدائر حول التدخل العسكري في منطقة الساحل، وقال إن «هنالك من يتلاعبون بالمعلومات، ويقدمون فرنسا على أنها قوة استعمارية، أو أنها منخرطة في حرب عرقية»، وهو ما نفاه بشدة.
وقال ماكرون: «وجودنا في الساحل كان بطلب من دول الساحل، وهو دعم لسيادة هذه الدول، نقاتل ضد عدو مشترك سبق أن ضربنا في عقر دارنا، لديه أجندة دولية وجعل من منطقة الساحل هدفا للتوسع والنمو، مهددا بذلك الأمن والاستقرار في عموم غرب أفريقيا».
وأضاف ماكرون: «إننا نعاني من ألم مزدوج، فنحن وحدنا انخرطنا بشكل فعلي إلى جانب دول الساحل، تكبدنا الخسائر وسقط جنودنا ولدينا عائلات في حداد، ويأخذون علينا أننا وقفنا إلى جانب دول ذات سيادة هي التي طلبت منا ذلك.. نحن هنا لأن مصيرنا مرتبط بمنطقة الساحل، فحين يسقط الساحل في أيدي الإرهابيين فإن أفريقيا ستسقط أيضاً، وأوروبا ستعيش تداعيات هذه المأساة، لذا فإنه من واجبنا أن نكون إلى جانبكم».
وأضاف ماكرون أن التركيز خلال الفترة الماضية كان منصبا على «الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى»، المرتبطة بتنظيم داعش، وقال إنهم حددوا بوضوح هدفها، وقال إن هذه الجماعات «هدفها ليس فقط مدينة كيدال أو باماكو، وإنما تخطط للضرب أبعد من ذلك، غداً أبيدجان ودكار ومناطق أخرى، لتستمر في التوسع».
وتنشر فرنسا 5100 جندي في منطقة الساحل، منذ مطلع عام 2013، ولكن انتقادات توجه لهذا التدخل العسكري بسبب استمرار الهجمات في المنطقة بشكل شبه يومي.
واستعرض الرئيس الفرنسي ما تحقق من نتائج عسكرية منذ قمة «بو» العام الماضي، خاصة فيما يتعلق بتموقع قوات برخان والتنسيق مع القوة العسكرية المشتركة، وقال إنه بعد سنة من قمة بو «نجحنا في تحقيق نتائج فعلية في المثلث الحدودي» بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مؤكداً أن تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى «فقد هيمنته ومني بخسائر كبيرة».
وقال ماكرون إن «نجاح قمة بو لم يكن فقط نجاحا عسكرياً، وإنما أيضا نجاح ديمقراطي»، مشيراً إلى الانتخابات الرئاسية في النيجر وبوركينا فاسو.
وأوضح الرئيس الفرنسي أن الوضع الانتقالي المستقر في مالي ونجاح الانتخابات في النيجر وبوركينا فاسو وأجواء ما بعد الانتخابات، كل ذلك قال إنه «يفتح نافذة لتحقيق اختراق عسكري ومدني وسياسي، وفي هذا السياق تنعقد قمة انجامينا التي تعد لحظة لتضخيم الديناميكية الصادرة عن قمة بو».