سجلت أسعار المواد الغذائية في الأسواق الموريتانية، خلال الأيام الأخيرة، ارتفاعًا ملحوظًا وصل في بعض الأحيان إلى ما يزيد على نسبة 30 في المائة، وفي منتجات غذائية محلية، على غرار الأرز الموريتاني الذي وصل سعر كيس خمسين كيلوغرام منه إلى 16 ألف أوقية قديمة، مقابل 12 ألف أوقية فقط قبل أسابيع.
لقد طال ارتفاع الأسعار أغلب المواد الغذائية، ولكن المواد الأكثر استهلاكًا كانت الأكثر تضررًا، إذ وصل سعر كيس الأرز المستورد إلى 17 ألف أوقية قديمة، بعد أن كان سعره 16 ألف أوقية، ليصبح الفرق في السعر بين الأرز المستورد والمحلي لا يزيد على ألف أوقية قديمة فقط.
وكيس السكر وصل سعره إلى 9600 أوقية قديمة، بعد أن كان سعره 8100 أوقية، وبرميل الزيت لعشرين لترًا وصل سعره 9800 أوقية، بعد أن كان 6400 أوقية، وكيس لبن (ماني) فقد وصل سعره إلى 6100 أوقية، بعد أن كان 5600 أوقية.
ولكن الارتفاع الأكبر كان على مستوى أسعار مواد البناء، إذ ارتفع سعر طن الحديد (الصلب) بشكل صاروخي خلال الأسبوعين الأخيرين، وزاد بمبلغ 120 ألف أوقية للطن الواحد، إذ كان يباع بمبلغ يتراوح ما بين 270 و280 ألف أوقية قديمة، وأصبح سعره هذه الأيام 400 ألف أوقية قديمة، أما سعر الأسمنت فقد ارتفع بمبلغ 10 آلاف أوقية قديمة للطن، إذ كان يباع بسعر يتراوح ما بين 39 و41 ألف أوقية، وأصبح سعره اليوم 52 ألف أوقية قديمة.
ركود السوق
يقول العاملون في السوق إن ارتفاع الأسعار بدأ منذ قرابة شهرين، وكان له تأثير مباشر على الحركة في أكبر سوق للمواد الغذائية في نواكشوط، بل وفي موريتانيا عمومًا، والذي يُعرف باسم «شارع الرزق»، حيث أمضى (ببكر) أكثر من ثلاث ساعات متجولًا بين المحلات بحثا عن سلع سعرها يناسبه، وفي كل مرة كان يخوض مفاوضاتٍ شاقةً مع التجار دون أن ينجح في الحصول على سعر يناسبه.
في «شارع الرزق» الأحاديث كلها عن ارتفاع الأسعار؛ يقول (محمدن)، وهو مُسير محل تجاري لبيع المواد الغذائية بالجملة، يقول إن «هذا الارتفاع أثر كثيرًا على حركة البيع والشراء، بالمقارنة معها في الشهر الماضي».
أما (ببكر) القادم من حي شعبي في طرف العاصمة، حيث يملك محلًا تجاريًا صغيرًا لبيع المواد الغذائية، فيؤكد أن موجة ارتفاع الأسعار «أثرت بشكل ملحوظ على محلات التجزئة الصغيرة، إذ تراجعت حركة البيع جراء الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الغذائية»، ولكنه في الوقت ذاته يستغرب الارتفاع المفاجئ للأسعار.
يضيف (ببكر) أن الأسعار الجديدة التي استيقظ عليها المواطن مع بداية السنة الجديدة، تبدو مفاجئة وغير منطقية، بل إنه يفسر الأمر بأنها «أسعار وضعها الموردون وكبار التجار، دون أن يشعروا بها السلطات أو يفكرون في صغار الباعة والمواطنين».
يتحدث (ببكر) من محل تجاري تعود شراء البضاعة منه أسبوعيًا، ولكنه اليوم أرغم على خفض طلبيته من المواد الغذائية، مبررًا ذلك بأن زبناء محله قلصوا الإنفاق الموجه إلى المواد الاستهلاكية بسبب ارتفاع الأسعار، وأضاف: «بحكم عملي منذ أكثر من عشر سنوات في مجال التجارة، خاصة في محلات التجزئة، فإن الأسعار الجديدة لا تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة من هم في الحي الذي يوجد فيه دكاني».
ويؤكد (ببكر) أنه مضطر لرفع الأسعار في دكانه، بسبب ارتفاع الأسعار في السوق.
تحرك رسمي
لقد وصل صدى ارتفاع الأسعار إلى القصر الرئاسي، حيث كان حاضرًا في نقاشات اجتماع الحكومة أمس الأربعاء، فأصدر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني «تعليمات» بضرورة التحرك لمعالجة أزمة ارتفاع الأسعار، خاصة في المواد الغذائية.
وجاء في البيان الصادر عن مجلس الوزراء، أن ولد الغزواني «أصدر تعليماته إلى القطاعات الوزارية المعنية، من أجل إعداد دراسة لمتابعة ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الأساسية، واقتراح حلول ناجعة في أقرب الآجال»، وفق نص البيان.
من جهة أخرى قال رئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين زين العابدين ولد محمد، إن ارتفاع الأسعار محليًا يعود إلى ارتفاعها عالميًا، وارتفاع الطلب على بعض المواد الاستهلاكية خاصة مادة القمح.
وأضاف ولد محمد في مقابلة مع قناة (الموريتانية) أن ارتفاع سعر الأرز المحلي يعود إلى تراجع الإنتاج خلال الموسم الماضي، وتلف كمية كبيرة منه جراء تساقطات كميات معتبرة من الأمطار، وارتفاع منسوب مياه نهر السنغال، بالإضافة إلى ما قال إنه «مضاربة في أسعار المادة الأولية لإنتاج الأرز».
وأوضح ولد محمد: «سعر الأرز حاليًا أقل من سعره العالمي، لأن موريتانيا تتوفر على كميات كبيرة تم استيرادها مع بداية ظهور فيروس (كورونا)، وذلك للرفع من المخزون الغذائي في البلد».
ولكن رئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين أكد أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية مرتبط بالعرض والطلب في السوق العالمي، مشددا على أن «هذه الأسعار مؤقتة وستتراجع خلال الأشهر المقبلة، حين ينخفض مستوى الطلب عليها، ويبدأ موسم الحصاد في الدول المصدرة للسكر والزيت».