هدوء تام في المنطقة العازلة بين الحدود الموريتانية – المغربية، منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، بعد أن انسحب ناشطو جبهة البوليساريو من المنطقة منزوعة السلاح، فيما دعت موريتانيا إلى «ضبط النفس».
مراسل «صحراء ميديا» على الحدود الموريتانية، نقل عن مصادر عليمة قولها إن «الجيش المغربي سيطر بشكل تام على المعبر، وقام بتمشيط واسع لتأمينه»، وبدأ في تشييد حاجز رملي لتأمين المعبر.
وأضافت ذات المصادر أن دخول الجيش المغربي إلى المنطقة العازلة استمر لأقل من ساعة قبل السيطرة التامة عليها، ولم يحدث أي احتكاك مع المدنيين الذين تم ترحيلهم من المعبر تحت مراقبة من بعثة الأمم المتحدة «المينورسو».
وقال المراسل إن «الوضع في معبر الكركارات هادئ»، فيما توقعت مصادر عديدة في المنطقة أن «تبدأ الحركة التجارية والمدنية في أسرع وقت ممكن».
وقالت مصادر مطلعة لـ «صحراء ميديا» إن الجيش المغربي يعمل منذ دخوله إلى المنطقة العازلة على «سد الثغرات في الجدار العازل».
وتمتد المنطقة العازلة بين البوابتين الموريتانية والمغربية لقرابة 7 كيلومترات، كان ناشطون في البوليساريو قد اقاموا فيها مخيماً وأوقفوا الحركة التجارية والمدنية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
تعليقاً على أحداث اليوم، قال الدكتور ديدي ولد السالك، رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لـ «صحراء ميديا» إن التحرك المغربي «مسألة طبيعية جداً وكان ضروريا».
وقال ولد السالك إن هنالك اعتبارات عديدة تفسر التحرك المغربي «الاعتبار الأول هو أن إغلاق البوليساريو للمعبر كان استفزازاً تريد منه اختبار قوة المغرب، وجس نبض إرادته في حسم النزاع بأي وجه من الأوجه، بعد أن مال المغرب، وجميع الأطراف، إلى الحل السياسي».
وأضاف ولد السالك أن «الاعتبار الثاني هو أن المغرب يتوجب عليه أن يحسم الأمر، لأنه يتعلق بسيادته على أراضيه، لأنه يعتبر أن كل الإقليم الصحراوي جزء من الأراضي المغربية، وبالتالي من الطبيعي أن يحسم أي خلاف حول ذلك».
أما الاعتبار الثالث، على حد تعبير ولد السالك، فهو أن «المعبر منفذ للاقتصاد المغربي تجاه أفريقيا، الذي بدأ يتوسع في السنوات الأخيرة، لذا لن يقبل المغرب إغلاق المعبر»، وفق تعبيره.
من جهة أخرى قال رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية إن «الجزائر إذا كانت لها يد في الموضوع، فهي تسعى لتحقيق هدفين، الأول هو تحريك الملف على المستوى الدولي وإعادة الحيوية إليه بعد أن تم تناسيه نسبياً قبل القرار الأخير، لأنه مرت سنوات ولم يعين مبعوث أممي خاص بالصحراء».
وأضاف ولد السالك أن الهدف الثاني لدى الجزائريين هو «لفت الانتباه عن الأزمة الداخلية في الجزائر، لأن الجيش الجزائري يراهن على ملف الصحراء كجزء من أدوات السيطرة وتوفير شرعية داخلية».
وخلص رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية إلى القول إنه «في النهاية ستكون البوليساريو هي الخاسرة، لأن المسألة محسومة لصالح المغرب، مهما كانت التداعيات التي ستؤول إليها الأحداث».
من جانبه قال الصحفي الموريتاني عبد الله ولد سيديا المقيم في لندن، في حديث مع «صحراء ميديا» إن تحرك الجيش المغربي «خطوة متوقعة»، مشيراً إلى أن «المصالح المباشرة للمملكة المغربية تعرضت للتهديد بعد إغلاق معبر الكركارات».
ووصف ولد سيديا إغلاق البوليساريو للمعبر الحدودي بأنه كان «مغامرة» تهدف إلى ما سماه «خلق بؤرة توتر».
وقال الصحفي الموريتاني إن الأمم المتحدة بإمكانها «أن تطفئ لهيب حرب محتملة، لأن آخر ما تريده الأطراف هو الحرب، بمن فيهم البوليساريو والجزائر من ورائها، لأن الحرب ليست في مصلحة أي كان».
وأضاف: «أعتقد أن على العقلاء في الأطراف الجلوس إلى طاولة الحوار، لأن الحل الأممي ما يزال ممكنا، والأمم المتحدة لديها بعثة المينورسو على الأرض، وبإمكانها تأمين حركة البضائع بين المناطق الموريتانية والمغربية، ومع ذلك حفظ حقوق الصحراويين».
في غضون ذلك أعلنت موريتانيا أنها «تتابع منذ أسابيع بقلق بالغ مظاهر التوتر المتزايد»، عند المعبر الحدودي، وأشارت إلى أنها أجرت العديد من الاتصالات «في مسعى حثيث لنزع فتيل الأزمة».
ودعت موريتانيا جميع الأطراف إلى «التحلي بضبط النفس وتغليب منطق الحكمة»، وشددت على ضرورة «السعي إلى الحفاظ على وقف اطلاق النار وإلى حل توافقي عاجل للأزمة وفقا لآليات الأمم المتحدة».
من جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أسفه لعدم نجاح الجهود الدبلوماسية خلال الأيام الأخيرة، وقال إن الأمم المتحدة ستبذل كل الجهود من أجل استئناف العملية السياسية في ملف الصحراء.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة، مساء اليوم الجمعة، على أنه «مصمم على بذل كل الجهود الممكنة لتفادي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار القائم منذ 06 سبتمبر 1991».