توصلت صحراء ميديا أمس (الأحد)، برسالة توضيحية من عبد الكريم قباج، الموريتاني من أصل مغربي، والذي يعمل مجال الألكترونيات والصحافة والاتصال. ويوضح في هذه الرسالة أسباب توقيفه من طرف الشرطة قبل أيام في نواكشوط، بسبب مشكلة نجمت عن بيعه لرصيد هاتفي لإحدى شركات الاتصال الموريتانية، بغرض إجراء المكالمات الدولية.
صحراء ميديا تنشر نص الرسالة :
نشر موقع “الحرية” الإلكتروني يوم الجمعة 27 ديسمبر 2013، خبرا أسهب فيه في تقديم تفاصيل مخلة لأسباب وضعي تحت الحراسة النظرية لدى مفوضية الشرطة رقم 2 بلكصر. ولإزالة كل اللبس عن هذه القضية، قد يكون مفيدا أن أحيط الرأي العام بالحقائق التالية المتسلسلة كرونولوجيا:
بدأت القصة قبل أسابيع عندما أعرب لي شريك محتمل في مؤسسة دولية للسمسرة في مجال المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت (وسيط اتصالات)، عن رغبته في شراء دقائق من الاتصال من السوق الموريتاني. سألني الشريك، باختصار، عما إذا كان من الممكن شراء وبيع رصيد الهاتف في السوق الموريتاني، كما هو الحال في كل مناطق العالم.
كانت ردة فعلي الفورية هي إلقاء نظرة على الموقع الإلكتروني لسلطة التنظيم؛ حيث اكتشفت وجود فراغ قانوني بخصوص الموضوع. ما جعلني أخلص إلى أنه يحق لي شراء وبيع رصيد الهاتف، انطلاقا من الحقيقة القانونية التي تقول إن الرصيد فور شرائي له يصبح ملكا لي يحق لي التصرف فيه كيف أشاء.
انطلاقا من ذلك، عرض علي السمسار (وسيط الاتصالات) تعاونا لوضع نظام عبر الإنترنت ومن خلال خوادم إلكترونية يتيح بيع وشراء رصيد صالح للاستعمال دوليا، على أساس نظام فويب (VOIP). تتطلب العملية، إضافة للخوادم الإلكترونية، شراء عشرات الشرائح للاستفادة من الزيادات عليها (بونيس) للحصول على دقائق من المكالمات بسعر أقل.
في 19 ديسمبر، كانت معداتي مثبتة وجاهزة؛ حيث بدأت أستعد لإطلاق الخدمة. اشتريت أول دفعة من الرصيد من شبكة ماتال، وقمت بتعبئة الشرائح.
بعد 24 ساعة من ذلك، قامت ماتال بتعطيل جميع الشرائح التي كانت بحوزتي. وبطبيعة الحال، بادرتُ بالذهاب إليها لعرض المشكلة التي اعتقدت، عن حسن نية، أنها تعود إلى خلل فني سيتسنى التغلب عليه.
أخبرتني السيدة التي استقبلتني في وكالة ماتال بعجزها عن تحديد مكمن المشكلة بسبب عدم عرضه على شاشتها، عارضة عليّ الحضور في اليوم الموالي. تركت معها بطاقة تعريفي الوطنية، حرصا مني على حل المشكلة.
بعد ذلك بـ 24 ساعة، تم تعطيل شرائح أخرى قمت بتعبئتها أثناء ذلك. ففهمتُ أنني أمام مشكلة حقيقية. توجهت إلى الإدارة العامة، لإشعارها بالأمر. أخبرتني ماتال أنه تم الإبلاغ عن سرقة الشرائح التي اقتنيت وأنه يجب عليّ ربط الاتصال بالشخص الذي باعها لي. اتصلت بالبائع، طالبا منه حل المشكلة بأقصى سرعة.
توجه البائع نحو الشركة (يوم الخميس الماضي)، واتصل عليّ في نفس اليوم طالبا مني الالتحاق به في متجره ومخبرا إياي بأنه تم حل المشكلة. وعند قدومي إليه وجدت معه سيدين: أحدهما قدّم نفسه على أنه إطار في سلطة التنظيم والثاني على أنه من ماتال. طلب مني الرجلان إخبارهما بوجهة الشرائح.
أجبتهما بأمانة وصدق بأنها موجهة لأحد الزبائن. ألحّا عليّ كي أعطيهما اسم زبوني، مهددين باستدعاء الشرطة. فهمت أن الأمر ينطوي على سوء تفاهم، وأخبرتهما أنني أتعامل مع شركة سمسرة (وسيط اتصالات) تشتري وتبيع المكالمات الهاتفية للدقيقة. أخبراني أن ما أنا مقبل عليه هو ممارسة للتزوير، وأنه لا يحق لي القيام بذلك.
ثم اتهماني بأني أنشط ضمن شبكة تعمل في التزوير منذ عدة أشهر! في حين أنني لم أبدأ هذا النشاط إلا منذ بضعة أيام. وأخيرا أخبراني بأن هناك شكوى مزدوجة سيتم تقديمها ضدي من قبل ماتال وسلطة التنظيم، بتهمة السرقة.
تمت مصادرة كل معداتي. وتم وضعي تحت الحراسة النظرية في مفوضية الشرطة رقم 2 بلكصر (سوكوجيم). توالت عليّ الأسئلة حول القضية: مَن؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ كيف؟ كانت إجاباتي تصلهم منسابة، وبضمير مرتاح. وأخبرتهم أن بإمكانهم التثبت من صدقية كل ما أقوله؛ لأن النشاطات في عالم الاتصالات والمعلومات تترك حتما آثارا عليها!
حينها أخبروني أن ما بدأت للتو أقوم به يسمى في عالم الاتصالات بـ “النهاية”، ولا يمكن القيام به دون إذن صريح من سلطة التنظيم.
استفسروني حول مواضيع بدا لي أنها بعيدة من القضية: هل كنتَ مغربيا قبل أن تكون مواطنا موريتانيا؟ لماذا وُلِدتَ في السنغال؟… مع مرور الوقت أدركت أنهم يريدون ربط هذه القضية بشبكة مغربية تم القبض عليها قبل بضعة أشهر، وهي تمارس أنشطة “النهاية”. أخبرتهم أن لا علاقة لي بهذه الشبكة. وكذلك شريكي.
لمدة ساعات كان رجال الشرطة يعتقدون أن لهذه القصة ذات الطابع التجاري ارتباطا بالمساس بالأمن الوطني. فجأة، رفضوا طلبا بالإفراج عني بضامن إحضار؛ فوكيل الجمهورية وحده يحق له ذلك. حتى هذه اللحظة، أنا ما زلت أرى لنفسي الحق فيما قمت به.
استغرق الأمر 24 ساعة ليخلص رجال الشرطة إلى أن لا علاقة للقضية بالجانب الأمني على البلاد، وإلى أنه لا يوجد لحد الساعة نص قانوني يمنع مزاولة هذا النشاط، وإن كان مهنيو القطاع لا يقبلون من أحد القيام به.
تنص المادة 28 من الباب الرابع من قانون سلطة التنظيم بصراحة أنه “يمكن أن تنشأ و/أو تنشط بِحُرّية كلُّ شبكة أو مصلحة للاتصالات لا تخضع لنظام الترخيص ولا لنظام التصريح”.
إنني أنشط في قطاع الاتصالات منذ سنوات عديدة وأتعامل مع جل الفاعلين فيه، ولم يحدث قط أن تمت الإشارة إليّ، لا من قريب ولا من بعيد، في ممارسات سيئة أو غير مهنية. وإذا كان ثمة شيء ألوم عليه اليوم نفسي شيئا ما، فهو تسرعي في تنفيذ هذا المشروع؛ حيث قلت لنفسي ببساطة إنني “بمجرد دفعي لثمن رصيد شبكة ماتال، يصبح هذا الرصيد ملكا لي”، لا سيما وأن هذا المشروع شائع في جميع أنحاء العالم.
أنا أتمسك بجميع أقوالي الواردة في محضر استجوابي، إبان وضعي تحت الحراسة النظرية. ويمكن التحقق منه لدى المفوضية المذكورة أعلاه. لقد تعاونت مع الشرطة ولم أُخفِ شيئا، استنادا على منطلق بسيط: لقد اشتريت بطاقات لشحن الهاتف، وشحنت الرصيد الموجود فيها، ثم بعته لزبون آخر. لا أقل ولا أكثر.
عبد الكريم قباج
صحراء ميديا تنشر نص الرسالة :
نشر موقع “الحرية” الإلكتروني يوم الجمعة 27 ديسمبر 2013، خبرا أسهب فيه في تقديم تفاصيل مخلة لأسباب وضعي تحت الحراسة النظرية لدى مفوضية الشرطة رقم 2 بلكصر. ولإزالة كل اللبس عن هذه القضية، قد يكون مفيدا أن أحيط الرأي العام بالحقائق التالية المتسلسلة كرونولوجيا:
بدأت القصة قبل أسابيع عندما أعرب لي شريك محتمل في مؤسسة دولية للسمسرة في مجال المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت (وسيط اتصالات)، عن رغبته في شراء دقائق من الاتصال من السوق الموريتاني. سألني الشريك، باختصار، عما إذا كان من الممكن شراء وبيع رصيد الهاتف في السوق الموريتاني، كما هو الحال في كل مناطق العالم.
كانت ردة فعلي الفورية هي إلقاء نظرة على الموقع الإلكتروني لسلطة التنظيم؛ حيث اكتشفت وجود فراغ قانوني بخصوص الموضوع. ما جعلني أخلص إلى أنه يحق لي شراء وبيع رصيد الهاتف، انطلاقا من الحقيقة القانونية التي تقول إن الرصيد فور شرائي له يصبح ملكا لي يحق لي التصرف فيه كيف أشاء.
انطلاقا من ذلك، عرض علي السمسار (وسيط الاتصالات) تعاونا لوضع نظام عبر الإنترنت ومن خلال خوادم إلكترونية يتيح بيع وشراء رصيد صالح للاستعمال دوليا، على أساس نظام فويب (VOIP). تتطلب العملية، إضافة للخوادم الإلكترونية، شراء عشرات الشرائح للاستفادة من الزيادات عليها (بونيس) للحصول على دقائق من المكالمات بسعر أقل.
في 19 ديسمبر، كانت معداتي مثبتة وجاهزة؛ حيث بدأت أستعد لإطلاق الخدمة. اشتريت أول دفعة من الرصيد من شبكة ماتال، وقمت بتعبئة الشرائح.
بعد 24 ساعة من ذلك، قامت ماتال بتعطيل جميع الشرائح التي كانت بحوزتي. وبطبيعة الحال، بادرتُ بالذهاب إليها لعرض المشكلة التي اعتقدت، عن حسن نية، أنها تعود إلى خلل فني سيتسنى التغلب عليه.
أخبرتني السيدة التي استقبلتني في وكالة ماتال بعجزها عن تحديد مكمن المشكلة بسبب عدم عرضه على شاشتها، عارضة عليّ الحضور في اليوم الموالي. تركت معها بطاقة تعريفي الوطنية، حرصا مني على حل المشكلة.
بعد ذلك بـ 24 ساعة، تم تعطيل شرائح أخرى قمت بتعبئتها أثناء ذلك. ففهمتُ أنني أمام مشكلة حقيقية. توجهت إلى الإدارة العامة، لإشعارها بالأمر. أخبرتني ماتال أنه تم الإبلاغ عن سرقة الشرائح التي اقتنيت وأنه يجب عليّ ربط الاتصال بالشخص الذي باعها لي. اتصلت بالبائع، طالبا منه حل المشكلة بأقصى سرعة.
توجه البائع نحو الشركة (يوم الخميس الماضي)، واتصل عليّ في نفس اليوم طالبا مني الالتحاق به في متجره ومخبرا إياي بأنه تم حل المشكلة. وعند قدومي إليه وجدت معه سيدين: أحدهما قدّم نفسه على أنه إطار في سلطة التنظيم والثاني على أنه من ماتال. طلب مني الرجلان إخبارهما بوجهة الشرائح.
أجبتهما بأمانة وصدق بأنها موجهة لأحد الزبائن. ألحّا عليّ كي أعطيهما اسم زبوني، مهددين باستدعاء الشرطة. فهمت أن الأمر ينطوي على سوء تفاهم، وأخبرتهما أنني أتعامل مع شركة سمسرة (وسيط اتصالات) تشتري وتبيع المكالمات الهاتفية للدقيقة. أخبراني أن ما أنا مقبل عليه هو ممارسة للتزوير، وأنه لا يحق لي القيام بذلك.
ثم اتهماني بأني أنشط ضمن شبكة تعمل في التزوير منذ عدة أشهر! في حين أنني لم أبدأ هذا النشاط إلا منذ بضعة أيام. وأخيرا أخبراني بأن هناك شكوى مزدوجة سيتم تقديمها ضدي من قبل ماتال وسلطة التنظيم، بتهمة السرقة.
تمت مصادرة كل معداتي. وتم وضعي تحت الحراسة النظرية في مفوضية الشرطة رقم 2 بلكصر (سوكوجيم). توالت عليّ الأسئلة حول القضية: مَن؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ كيف؟ كانت إجاباتي تصلهم منسابة، وبضمير مرتاح. وأخبرتهم أن بإمكانهم التثبت من صدقية كل ما أقوله؛ لأن النشاطات في عالم الاتصالات والمعلومات تترك حتما آثارا عليها!
حينها أخبروني أن ما بدأت للتو أقوم به يسمى في عالم الاتصالات بـ “النهاية”، ولا يمكن القيام به دون إذن صريح من سلطة التنظيم.
استفسروني حول مواضيع بدا لي أنها بعيدة من القضية: هل كنتَ مغربيا قبل أن تكون مواطنا موريتانيا؟ لماذا وُلِدتَ في السنغال؟… مع مرور الوقت أدركت أنهم يريدون ربط هذه القضية بشبكة مغربية تم القبض عليها قبل بضعة أشهر، وهي تمارس أنشطة “النهاية”. أخبرتهم أن لا علاقة لي بهذه الشبكة. وكذلك شريكي.
لمدة ساعات كان رجال الشرطة يعتقدون أن لهذه القصة ذات الطابع التجاري ارتباطا بالمساس بالأمن الوطني. فجأة، رفضوا طلبا بالإفراج عني بضامن إحضار؛ فوكيل الجمهورية وحده يحق له ذلك. حتى هذه اللحظة، أنا ما زلت أرى لنفسي الحق فيما قمت به.
استغرق الأمر 24 ساعة ليخلص رجال الشرطة إلى أن لا علاقة للقضية بالجانب الأمني على البلاد، وإلى أنه لا يوجد لحد الساعة نص قانوني يمنع مزاولة هذا النشاط، وإن كان مهنيو القطاع لا يقبلون من أحد القيام به.
تنص المادة 28 من الباب الرابع من قانون سلطة التنظيم بصراحة أنه “يمكن أن تنشأ و/أو تنشط بِحُرّية كلُّ شبكة أو مصلحة للاتصالات لا تخضع لنظام الترخيص ولا لنظام التصريح”.
إنني أنشط في قطاع الاتصالات منذ سنوات عديدة وأتعامل مع جل الفاعلين فيه، ولم يحدث قط أن تمت الإشارة إليّ، لا من قريب ولا من بعيد، في ممارسات سيئة أو غير مهنية. وإذا كان ثمة شيء ألوم عليه اليوم نفسي شيئا ما، فهو تسرعي في تنفيذ هذا المشروع؛ حيث قلت لنفسي ببساطة إنني “بمجرد دفعي لثمن رصيد شبكة ماتال، يصبح هذا الرصيد ملكا لي”، لا سيما وأن هذا المشروع شائع في جميع أنحاء العالم.
أنا أتمسك بجميع أقوالي الواردة في محضر استجوابي، إبان وضعي تحت الحراسة النظرية. ويمكن التحقق منه لدى المفوضية المذكورة أعلاه. لقد تعاونت مع الشرطة ولم أُخفِ شيئا، استنادا على منطلق بسيط: لقد اشتريت بطاقات لشحن الهاتف، وشحنت الرصيد الموجود فيها، ثم بعته لزبون آخر. لا أقل ولا أكثر.
عبد الكريم قباج