مستشفى مولاي توري: العاملات يرتدين “الزي الشرعي” والبعثات الغربية هي أكبر مزود بالأدوية
غاو ــ عثمان أغ محمد عثمان
وسط جمع من النسوة بقاعة انتظار متواضعة بمستشفى مولاي توري، أحد أكبر المستشفيات بمدينة غاو المالية، تقف كيتا حبيبتو محمد، المتخصصة في أمراض النساء والتوليد، وهي ترتدي زياً إسلامياً محتشماً على غرار بقية النسوة في المستشفى الذي يتلقى فيه العلاج بعض مقاتلي المجموعات الإسلامية المتشددة.
تتحدث كيتا حبيبتو باسترسال وهي تتفحص وجوه النسوة “لقد استقبلنا خلال الشهر الماضي 75 حالة ولادة طبيعية و10 حالات أخرى مات فيها الجنين”، مشيرة إلى “نقص في الأدوية” و”عدم تمكن المواليد الجدد من الحصول على شهادات ميلاد نتيجة لغياب السجل المدني”، كأحد مظاهر انعدام الدولة الذي تعاني منه المدينة.
ولكنها في المقابل ترفض التعليق على زيها الجديد الذي أصبح السمة البارزة في شوارع مدينة غاو التي تحولت من عاصمة الولاية السابعة بدولة مالي، إلى مدينة تصارع من أجل البقاء وسط تجاذب جلي بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي اختارتها عاصمة سياسية لدولة أزواد الوليدة، وحركات إسلامية متشددة لا تخطئها العين في الشوارع وأطراف المدينة.
نشاط الحركات المسلحة يزداد في الشارع الرئيسي الذي يمر قبالة مستشفى مولاي توري، حيث تتحرك بشكل شبه دائم سيارات مجهزة بأسلحة ثقيلة وخفيفة ترفع منها تلك التابعة للحركة الوطنية لتحرير أزواد العلم المزركش بالألوان الخضراء والصفراء، فيما ترفع سيارات بقية الجماعات الإسلامية المتشددة راية سوداء كتبت عليها عبارة “لا إله إلا الله محمد رسول الله”.
حركة تعود إلى وجود مصابين من مقاتلي هذه الحركات في المستشفى الذي بالكاد تخلو ساحته من مسلحين أتوا إما للعلاج أو للقيام بحراسة بعض أجنحة المستشفى التي تضم جنوداً آخرين يتلقون العلاج، وهو ما يرى الدكتور مولاي جيتي، رئيس البعثة الصحية في المستشفى، أنه “إيجابياً من ناحية توفير الأمن في المستشفى، وسلبياً لأن السكان غير متعودين على مظاهر التسلح داخل المستشفيات”.
وفي سياق متصل يقول الدكتور جيتي في تصريح لصحراء ميديا إن “الأدوية الموجودة في المستشفى تم الحصول عليها عن طريق بعثة الصليب الأحمر الدولي والفرع البلجيكي من منظمتي أطباء بلا حدود والطبيب الدولي”، وهي منظمات إغاثة دولية تضرر عملها كثيراً جراء تفاقم الوضع الأمني في المنطقة.
كما أشار إلى أن أكبر المشاكل التي يعانون منها “نقص الكادر البشري حيث توجد خبيرة تخدير وحيدة إذا أصابها مكروه فإن العمليات الجراحية ستتوقف بالمستشفى”، مضيفاً في نفس السياق أن هنالك “نقص في التجهيزات حيث يوجد جهاز إيكوغرافي وحيد معرض للتعطل في أي وقت، وجهاز تصوير بالأشعة السينية يعطي صوراً جودتها عادية، كما يعاني بنك الدم من نقص حاد”، وفق تعبيره.
لا تختلف الأجواء في باق المدينة عن أجواء المستشفى المتوترة، إلا أنه على الرغم من كل ذلك فإن وتيرة الحياة في المدينة تسير بشكل يكاد يكون طبيعياً لولا التواجد الكثيف للمجموعات المسلحة، فلا تكاد تجتاز شارعين حتى تصادفك مجموعة مجهزة بمختلف الأسلحة الثقيلة، وهي مشاهد تثير الرعب لدى سكان غاو الذين يتخوفون في أي لحظة من اندلاع المواجهة بين هذه المجموعات المسلحة التي تتباين في المقاصد والأهداف.
الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تعتبر نفسها ممثل الشعب والمسؤول الأول عن أمنه في دولة أزواد الجديدة، تقول إن “أولويتها تتمثل في إيجاد حل سريع لإخلاء المدينة من كافة المظاهر المسلحة وإعادة الحياة إلى طبيعتها”، إلا أن ذلك لم يمنع بعض موظفي الدولة في الولاية من اعتبار الحركة هي “المسؤولة الأولى عن خراب بيوتهم وفقدانهم لوظائفهم”.
وفي انتظار أحلام الحركة الوطنية لتحرير أزواد ببناء الدولة، وفي ظل الترقب إزاء ما ستسفر عنه التحركات الإقليمية بشأن وحدة التراب المالي، يبقى عدد كبير من الجرحى والمصابين يرقدون في مستشفى مولاي توري الذي لا يتجاوز عدد العاملين فيه 115 ما بين ممرضين وفنيين إضافة إلى 15 طبيباً يتابعون سير العمل.