غير بعيد من ضفاف نهر السنغال، ترقد مدينة سيلبابي الموريتانية، منذ عدة عقود وسكانها المشكلون من أعراق مختلفة، كانوا أمس الاثنين على موعد مع فيضانات حولت هدوء المدينة إلى مأساة توفي فيها عدة أشخاص وشرد المئات.
عدة ساعات من تهاطل الأمطار، ملأت الأودية القريبة من مدينة سيلبابي، لتصل السيول في ساعة متأخرة من الليل إلى شوارع واحدة من أكبر مدن موريتانيا وأكثرها كثافة سكانية، فاستيقظ السكان على الكارثة، وهم من كانوا يتذمرون قبل أسابيع قليلة من موجة جفاف حادة تجتاح مدينتهم وتهدد مزارعهم.
أتلفت السيول المزارع، ولجأت مئات الأسر إلى المدارس بعد أن تهدمت بيوتها الطينية، التي تحميهم من ارتفاع درجات الحرارة ولكنها تذوب مع كل أمطار كثيفة ومتواصلة.
فاطمة بنت محمود، أم لخمسة أطفال، تجلس في أحد أقسام المدرسة رقم 1 مع زوجها الذي فقد بصره قبل عام، تقول فاطمة إنها بالكاد استطاعت إخراج زوجها من داخل بيتهم، قبل أن تغمره المياه في الحي المنكوب، وتضيف «لجأنا لهذه المدرسة مع 9 أسر جرفت السيول بيوتهم».
تواصل فاطمة الحديث لموفد «صحراء ميديا» إلى سيليبابي، وهي توقد النار تحت وجبة غداء قالت إنها أول وجبة يعدونها منذ تساقط الأمطار قبل 48 ساعة: «نأمل أن لا يطول بنا المكوث هنا فبعد شهر تفتح المدرسة أبوابها إذا لم تتدخل السلطات سنبقى مشردين للأبد»، كانت فاطمة تتحدث وهي تلاعب صغيرها البالغ من العمر عامين لتخفيف تأثره بالكارثة.
حال فاطمة قد لا يختلف كثيراً عن حال عشرات الأسر التي هدمت السيول منازلها، وتفرقت بين مدارس «سيليبابي»، لكنها تبقى أفضل حالاً من التاجر الحاج ولد بيرام الذي هدمت السيول منزله ودكانه، فذهبت أمواله مع السيول الجارفة.
كان ولد بيرام يقف على أنقاض دكانه مخاطبا أحد عماله: «ابحث هنا كان الدقيق، هناك كان الزرع…»، ويعدد بضاعته الضائعة، ثم يختم حديثه بطلب البحث عن ثياب تحت الأنقاض لأنه لم يكن لديه سواها.
قصص إنسانية متنوعة، وأوضاع صعبة، عاشتها عشرات الأسر في مدينة «سيليبابي» وترجو هذه الأسر أن تتدخل الحكومة الموريتانية لتلافي الواقع قبل أن يتحول إلى «كارثة» أعمق.