عرض مرشحو المعارضة للانتخابات الرئاسية في موريتانيا، مساء اليوم الأحد، تفاصيل الطعون التي قدموها إلى المجلس الدستوري والتي قالوا إنها تثبت وقوع « عمليات تزوير » لصالح المرشح محمد ولد الغزواني، والذي أظهرت النتائج المؤقتة حصوله على نسبة 52 في المائة من الأصوات المعبر عنها.
وقال المرشح بيرام ولد الداه اعبيد، في بداية المؤتمر الصحفي، إن « المعارضة الديمقراطية ممثلة في المرشحين الأربعة، تأكدت من الانطباع الذي كان عندها بخصوص هذه الانتخابات، بعد أسبوع من التحريات التي قامت بها مصالحها التقنية والإحصائية والمعلوماتية، لقد تأكدنا من التزوير بالأرقام ».
وأوضح ولد اعبيد أن بحوزتهم « أدلة دامغة وواضحة » تؤكد أن المرشح محمد ولد الغزواني « لا يمكنه الحصول على أكثر من 41 في المائة، رغم انحياز الدولة والنظام واللجنة الانتخابية، وإذا مُنح كل ما ادعته له اللجنة لا يمكنه تجاوز 50 في المائة، حسب الحسابات التي قامت بها فرقنا »، وفق تعبيره ولد اعبيد.
ويأتي المؤتمر الصحفي لمرشحي المعارضة قبل ساعات من موعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات من طرف المجلس الدستوري منتصف يوم غد الاثنين، وهو الذي استقبل طعون المعارضة قبل أيام، ويضم المجلس الدستوري في تشكيلته ممثلون عن المعارضة.
شبهة في 455 مكتباً
خلال المؤتمر الصحفي استعرض مسؤول العمليات الانتخابية في حملة المرشح بيرام ولد الداه اعبيد أمثلة على « الخروقات » التي رصدوها، وقال: « وصلتنا بعض المحاضر تتضمن نسبة مشاركة 100 في المائة، ما أثار انتباهنا، فقلنا إنه بدل التدقيق في محاضرنا يجب أن نلقي نظرة على قاعدة البيانات التي نشرت اللجنة الانتخابية، ونجري عليها دراسة ».
وأضاف المسؤول أن البحث الذي قاموا كشف وجود 11 مكتباً تجاوزت فيها نسبة المشاركة 100 في المائة « وفي هذه المكاتب حصل ولد الغزواني على نسبة 93 في المائة من الأصوات »، مشيراً إلى أن تعميق البحث قادهم إلى اكتشاف 455 مكتب تصويت تجاوزت فيها نسبة المشاركة 90 في المائة، مشيراً إلى أن « هذه المكاتب لا يوجد واحد منها في عواصم الولايات، بل إنها متفرقة في أنحاء موريتانيا وفي مناطق نائية ويصعب الوصول إليها ».
وأوضح في عرضه أن « عدد المصوتين في هذه المكاتب كان 90844 ناخباً، حصل ولد الغزواني على نسبة 97 في المائة منها، وكانت نسبته في كل مكتب تزيد على 95 في المائة »، مؤكداً أن المصوتين في هذه المكاتب « يمثلون نسبة 10 في المائة من عموم أصوات الموريتانيين، ومكنت ولد الغزواني من الحصول على أكثر من 18 في المائة من النسبة التي بحوزته ».
وضرب المثال بمكاتب في « اكَليب اندور » و« الشكَات » و« البلد الأمين »، وقال إنه عند إلغاء نتائج هذه المكاتب فإن ولد الغزواني سيحصل على نسبة 41 في المائة فقط، قبل أن يضيف: « أما إذا اعتبرنا أنه لم يتم إلغاء هذه المكاتب، وطبقت عليها نسبة المشاركة المعلنة من طرف اللجنة 62 في المائة، سيحصل ولد الغزواني على نسبة 48,5 في المائة »، أي أنه لن يمر في الشوط الأول.
طرد الممثلين
المرشح بيرام ولد الداه اعبيد في سياق حديثه عن 455 مكتب تصويت التي وصفها بـ « المشبوهة »، قال إنها « توجد في مناطق نائية لا تصلها سوى الدولة، وهي مكاتب لم تفتح في الأماكن التي ينص عليها القانون الانتخابي، إذ لم يتم تكن في أماكن عمومية كالمدارس أو المستشفيات أو الإدارات، وإنما في منازل أشخاص يوالون النظام، مقابل الحصول على أموال الدولة والشعب ».
وأضاف ولد اعبيد أن ممثلي مرشحي المعارضة « تم طرد الكثير منهم، من هذه المكاتب، وتم التصويت عنهم لصالح ولد الغزواني، وكُتب بالنيابة عنهم في المحاضر قبول النتائج وأن التصويت جرى دون أي مشاكل ».
وضرب ولد اعبيد المثال بمكتب التصويت في انتيشط (البلد الأمين)، مشيراً إلى أن عدد المسجلين فيه 485 ناخباً، صوتوا جميعهم بنسبة مشاركة 100 في المائة، وأضاف: « لم يسافر أحد ولم يمرض، ولم يرفض أحد التصويت، ولم يمت أحد منذ الإحصاء ».
وخلص ولد اعبيد إلى القول إن هذه المكاتب « مكنت ولد الغزواني من الحصول على ما يقارب 20 في المائة من أصواته على عموم التراب الموريتاني ».
نسبة 15٪ لغزواني
أما المرشح كان حاميدو بابا فقد أكد أن الطعون التي بحوزتهم تكشف الكثير من « التزوير »، وقال إنه « عند إعادة النظر في النتائج سيكون من غير المستغرب أن تتوقف نسبة ولد الغزواني عند 15 في المائة ».
وعرض المرشح أمثلة من مكاتب التصويت التي تجاوزت نسبة المشاركة فيها مائة في المائة، وقال إن « أحد مكاتب التصويت في تمبدغه كان عدد المسجلين فيه 242 ناخباً، وعدد المصوتين 245، وفي الترارزة وتحديداً في انتيشط هنالك مكتب كان عد المسجلي فيهن 452 ناخباً وعدد المصوتين 455، ودائماً في انتيشط بالبلد الأمين حيث كان عدد المسجلين 486 وعدد المصوتين 486 والأصوات المعبر عنها 485 ».
وفي ولاية آدرار قال المرشح كان حاميدو بابا إن « مكتب تصويت في بلدية عين أهل الطائع كان عدد المسجلين فيه 103 ناخبين وعدد المصوتين 105 »، أما في تيرس الزمور قال إن « مكتب تصويت في لمريه ببير أم اغرين كان عدد المسجلين فيه 241 ناخباً وعدد المصوتين 248، وفي الشكَّات كان عدد المسجلين 128 وعدد المصوتين 154، وفي لمغيطي عدد المسجلين 71 وعدد المصوتين 148 ».
وخلص إلى أنه « في هذه المكاتب جميعها نجد أن ولد الغزواني كان في حدود 98 في المائة »، معتبراً أن هذا تزوير « فاضح وواضح ».
شبهة في 50 ألف صوت
أما الحضرامي ولد عبد السلام، مدير حملة المرشح سيدي محمد ولد ببكر، فقد استعرض « الخروقات » التي رصدتها حملة مرشحه، وقال إن 211 مكتب تصويت سجلت فيها « خروقات بينة وواضحة »، ضارباً المثال بأحد مكاتب التصويت « كان يشير محضره إلى أن عدد البطاقات في الصندوق 70 بطاقة، بينما عدد المصوتين 365، ومن المفروض أن يكون عدد البطاقات في الصندوق مساوياً لعدد المصوتين، فيما كان عدد الأصوات المعبر عنها 345 »، معتبراً أن هذا المحضر « غير شرعي ».
ولد عبد السلام الذي كان يعرض المحاضر أمام الصحفيين، قال إن « مكتباً آخر كان يشير محضره إلى أن عدد البطاقات الموجودة في الصندوق 369، فيما كان عدد الأصوات المعبر عنها 487 في حين لا يمكن لعدد الأصوات المعبر عنها أن يتجاوز عدد البطاقات الموجود في الصندوق »، على حد تعبيره.
وأوضح ولد عبد السلام أنه بعد جمع كافة « الخروقات المسجلة في 211 مكتب تصويت، تأكدنا أن ولد الغزواني حصل على 54068 صوتاً في هذه المكاتب، وهو ما يمثل نسبة 6 في المائة من مجموع الأصوات التي حصل عليها، وعندما تحذف من أصواته سينزل إلى 46 في المائة ».
وخلص إلى القول إنه « عندما نجمع هذه الخروقات مع ما رصدته حملة بقية الرؤساء (المرشحين) أعتقد أن ولد الغزواني إذا تجاوز نسبة ثلاثين في المائة يكون حقق نتيجة خارقة »، على حد تعبيره.
رسالة للمجلس الدستوري
المرشح سيدي محمد ولد ببكر وجه رسالة إلى المجلس الدستوري يطلب منه فيها تحمل مسؤولياته والعمل وفق ما يمنحه إياه القانون، ودعاه إلى « البحث فيما قدموه من معلومات، وأن يأخذ على عاتقه مسؤولية التثبت منها، ونحن نتمنى منه أن يلتزم بالقانون ».
وأكد ولد ببكر أن هذه الانتخابات « ذات خصوصية » لأنها تتعلق بمنصب رئيس الجمهورية، وبالتالي يجب أن تكون خالية من أي شيء قد يخدش « شرعية ومصداقية » هذا المنصب السامي.
وخلص إلى أن موريتانيا تعيش « أزمة ما بعد الانتخابات »، مؤكداً أن هذه الأزمة « حلها ليس بالقمع ولا تضييق الحريات، الحل يجب أن يكون سياسياً، وهذا لا يتأتى إلا بالحوار »، على حد تعبيره.