احتضن المركز الثقافي المغربي يوم الثلاثاء 24 يناير الجاري، محاضرة علمية تحت عنوان “حقوق المرأة في التشريعات الوطنية والدولية”، وهو ما قال مدير المركز الدكتور محمد القادري إنه “من أجل إلقاء الضوء على جانب التلاقي والاختلاف بين التشريعات الوطنية والدولية في ما يتعلق بحقوق المرأة”.
واعتبر محمد القادري في مداخلته الافتتاحية أنه “إذا كانت القوانين الوطنية والدولية تتوافق بخصوص حقوق المرأة في أمور عدة كالمساواة مع الرجل والحق في التعليم والرعاية الصحية ومحاربة الأمية والفقر ومنع الاتجار بالمرأة واستغلالها جنسيا وضمان مشاركتها في مختلف أوجه الحياة العامة وغيرها من الجوانب الايجابية المشتركة فان هناك بالمقابل جوانب تختلف فيها هذه التشريعات بسبب تباين المرجعية الفكرية والدينية لكل منهما”.
وقال قادري إن “التشريعات الوطنية في الدول الإسلامية ترتكز بالأساس على ما نصت عليه الشريعة الإسلامية من حقوق وواجبات باعتبار المرأة ركنا أساسيا في المجتمع”، مشيراً إلى ما قد يتعرض له البعض من “ارتباك” حين يتعامل مع موضوع “المساواة بين الرجل والمرأة، خاصة إذا ما سلمنا بأن القوانين الدولية تسموا على القوانين الوطنية”، مؤكدا أن الأمر يحسم لصالح “الحفاظ على الهوية الوطنية وخصوصياتها الدينية والثقافية، عندما يتعلق الأمر بالعقيدة والدين والثقافة”، على حد تعبيره.
المحاضر محمد ولد سيد أحمد القروي، الأستاذ بجامعة نواكشوط، فقال إن حقوق المرأة في التشريعات “موضوع هام لأنه حديث وقديم”، معتبراً أن “التعايش بين الرجل والمرأة ضروري لاستمرارية الحياة البشرية”.
ليضيف بأن المرأة تعتبر الجزء الأهم في المجتمع البشري وهي الحاضن والنصف الآخر ويمكن القول بأنها المجتمع في كل تجلياته ثم تطرق بعد ذلك لحقوق المرأة في التشريعات الوطنية قائلا أن الدساتير الوطنية الموريتانية والمغربية حرصت على أن تكون حقوق المرأة حاضرة، ففي ديباجة الدستور الموريتاني مثلا، يحافظ على حقوق المرأة والرجل والأسرة كخلية أساسية للمجتمع وعملية المساواة تقتضي ان نحترم للمرأة الحقوق التي نحترم للرجل وفي الفصل الرابع عشر من الدستور المغربي تتم مخاطبة المواطنين والمواطنات كنوع من المساواة التي “يتمتع فيها الرجل والمرأة بكافة الحقوق والواجبات” وهو تفسير لسعي الدولة الى المناصفة ما بين الرجال والنساء”الحرص على ضمان حق المساواة بين المرأة والرجل”
أما في ما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية أو مدونة الأسرة في المغرب فقد حاول المشرع أن يضمن للمرأة مجموعة من الحقوق، كمنعها من الزواج قبل سن البلوغ لمصلحتها وهو ما يعني الانطلاق من الشريعة الإسلامية التي تمنع زواجها في سن مبكرة إلا إذا كانت مصلحتها تتطلب ذلك، على اعتبار أن الزواج هو رابطة شرعية للاستمرارية وبهدف الإحصان والإنجاب.
وتطرق المحاضر للبعض المسائل التي قد يفسرها البعض على أساس إنها امتيازات للرجل على حساب المرأة كاحتفاظ الرجل بحق الطلاق مثلا فاستشهد بمحمد على المحجوب، أستاذ القانون بجامعة عين شمس بمصر الذي يرى أن احتفاظ الرجل بالطلاق له ما يبرره وفق الشريعة والمنطق وهو أن الرجل في تكوينه يبتعد من تحكيم العاطفة في الكثير من المسائل عكس المرأة التي تتأثر بعاطفتها ولذا يمكنها أن تقدم على أي فعل تحت تأثير العاطفة، لكن المرأة يمكنها أن تطلب ذلك الحق في بعض الأحيان إذا تضررت وهو ما يسمى بالخلع،وأعطاها المشرع حقها في الميراث، لكن عدم التساوي الظاهري في الميراث ليس هو عدم التساوي الحقيقي الخفي. لأن المرأة دائما محضونة من الميلاد وحتى الوفاة.
وفي إطار قانون العمل لم تمنع المرأة من بعض الأعمال إلا حماية لها كما أنها لم تمنع من العمل في بعض القضايا إلا لأنها تفوق قوتها وحياءها.
وقال المحاضر إن الاتفاقيات الدولية تعتمد على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينطلق من فرضية المساواة بين الرجل والمرأة ففي المادة الأولى يولد جميع الناس أحرارا ولكل إنسان الحق في الاعتراف بشخصيته القانونية كما يمنع الإعلان كافة أنواع التمييز ضد المرأة .
أما موقف الشريعة الإسلامية من قضية المساواة بين المرأة والرجل،فنرى بأن الشريعة كانت سباقة الى الاعتراف بحقوق المرأة لان الإسلام جاء في وقت كانت توئد المرأة ،ويمكن ان تسبى بطريقة مهينة ،لكن الإسلام أعاد لها هيبتها حيث حرم سبيها “المؤمنين والمؤمنات والصالحين والصالحات،ولم يتوقف عند هذا الحد بل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “خذوا نصف دينهم من فم هذه الحميراء” يقصد بها عائشة رضي الله عنها، وقد لعبت المرأة في بداية انتشار الإسلام دورا أساسيا في الغزوات، كدور أسماء في الهجرة و ذات النطاقين.
فكل هذه الحقوق توضح أن الشريعة الإسلامية كانت أكثر حماية للمرأة من التشريعات الدولية، لان تلك التشريعات بقدر ما تتماشى مع مصالحها بقدر ما تتماشى مع إهانتها، لأن المساواة أحيانا تكون سلبية، بل أن المساواة الحقيقية تقول انه علينا أن نحترم للمرأة ما تحترمه هي لنفسها فلرجل مهامه وللمرأة مهامها.