ما يتوفر من الأعلاف يغطي حاجة 20% فقط من المواشي
النعمة ـ الرجل ولد عمر
استبد الصيف بمراعي مدينة النعمه عاصمة ولاية الحوض الشرقي بموريتانيا، واجتاح الاحتكار والمضاربة ما هو متوفر من أعلاف في السوق المحلية والمستوردة أساسا من جمهورية مالي المجاورة.. دقت السلطات المحلية للولاية ناقوس الخطر، وتحتم على وزارة التنمية الريفية التدخل على وجهة السرعة.
حين يتأخر المطر يوما يكون ذلك كالسياط على بطون المنمين ومواشيهم، وحين يتمادى الصيف أكثر تصبح المنطقة مجدبة ويتسرب القلق والخوف إلى ملاك المواشي الذين يخوضون حربا في سبيل الحصول على غذاء لمواشيهم لضمان بقائها على قيد الحياة في منطقة تعتبر المصدر الأول للمواشي بالنسبة للسوق الموريتانية.
في العادة تخلف التساقطات المطرية على ولاية الحوض الشرقي أحزمة معتبرة من الخضرة والمراعي التي توفر الكلأ لمواشي الولاية ولفترة أطول، ويعتمد المنمون في الولاية عموما، ومدنية النعمة خصوصا على كم وكثافة تلك المراعي وقدرتها على سد حاجة ماشيتهم حتى حلول موسم الأمطار الموالي، لكن تأخر هطول المطر لهذه السنة ونفاذ كميات الأعشاب، التي يتم قطعها و تخزينها على امتداد العام كان بداية أزمة حقيقية هي الآن في مرحلة الذروة
.”على الرغم من الأزمات التي هزت مدينة النعمه ومرت دون توصيف، تبدو أزمة الكلأ كريح سموم، كحدث جلل” يقول أحد المنمين. أطنان من العلف.. أعرب قطاع كبير من المنمين وملاك المواشي ممن إلتقتهم صحراء ميديا عن استيائهم الكبير من الإهمال واللامبالاة لدى الجهات المعنية محليا، ويتهمونها بالتقصير حيال الخطر الكبير الذي ظل يتهدد مواشيهم منذ وقت ليس بالقصير. بينما أكد با موسى مساعد المندوب الجهوي للتنمية الريفية والبيئة، إن الجهود أفضت إلى منح 240000 ألف طن من الأعلاف (ركل)، لسد حاجة نسبة 80% من ماشية الولاية التي تصل 3034000 رأس ماشية ظلت تعاني صيفا مجدبا.
ورغم ذلك يبقى الطلب على مادة الأعلاف في تزايد كبير، خاصة أن نسبة 52% من كمية الأعلاف تلك تم ضخها في السوق المحلية لمدينة النعمه، فيما استفادت من الكمية المتبقية كل من ديكني، تمبدغه، باسكنو، آمورج، وأنبيكت لحواش
.وهو ما لا يغطي أكثر من نسبة 20% من الحاجة الماسة إلى هذه المادة التي ارتفع سعرها في السوق وشاعت فيها المضاربة والاحتكار وأصبح من العسير على صغار المنمين اقتناؤها لمواشيهم
.وقال عدد من المنمين الذين التقتهم صحراء ميديا ان النسبة الأكبر من الأعلاف التي تم إرسالها من طرف وزارة التنمية الريفية للمساعدة في تخفيف الأزمة التي يعاني منها السوق المحلي، هي نفسها التي تم تهريبها من مخازن المندوبية، وأصبحت الآن مسرحا للاحتكار والمضاربة، حيث وصل سعر الخشنة الواحدة أكثر من 6000 أوقية، وأحيانا 8000 اوقية بعد أن تقرر بيعها بـ 2800 أوقية من طرف المندوبية.
محمدي ولد فال، منم قال لصحراء ميديا إنه تم توقيفه مؤخرا على إثر موقفه من ما وصفه بـ”المسلكيات المنحرفة التي تشرف عليها الإدارة الجهوية للولاية”، بما فيها شخص الوالي، وكان ذلك سببا في التحقيق معه حسب قوله.
ورغم نفي مساعد المندوب الجهوي للتنمية الريفية لكل تلك الاتهامات القائلة بتعامله مع عدد من التجار والمتنفذين الناشطين في عمليات التهريب، إلا أن الشجار الذي جرى بينه وأحد المنمين بسبب ما قيل انه محاولة منح كمية أكبر من الأعلاف لجهات مقربة، كان بداية لتوتر جديد تمت على إثره إحالة المتهم إلى جهات التحقيق ومن ثم وكيل الجمهورية الذي أخلى سراحه “بعد أن بدا أمام العدالة كمن كان في حالة تصدي لعمليات تهريب واسعة”، حسب وصف أحد زملائه. دائرة الاستفادة.. رغم لي الأذرع الدائر أمام مخازن المندوبية الجهوية للتنمية الريفية ومنطقة “البطحة” قبالة سوق النعمه، بهدف الظفر بكمية من الأعلاف التي تمنحها الدولة وبأسعار مخفضة فان قطاعا كبيرا من صغار المنمين والفقراء يغيب، و أعرب بعضهم عن عدم درايتهم بما يدور، ويبدو اليأس هو السمة الطاغية على محياهم، كما لسان حال عدد ممن إلتقتهم ـ صحراء ميديا ـ في أحياء المدينة
.الأمر الذي يعيد مسؤوليته مساعد المندوب الجهوي للجنة التي تم إنشاؤها برئاسة حاكم المقاطعة، والتي من ضمن مهامها الإشراف على العملية بعدالة ومساواة وكذا التحسيس بشأنها.
اللجنة التي برز في ظلها كل ذلك الصراع والعراك الذي لم يسلم منه شخص مساعد المندوب نفسه وهم من أكد خبر الاعتداء عليه جسديا أثناء قيامه بهامه وفي حضرة الأمن المحلي
.في ظل استمرار هذا الوضع ووجود كمية قليلة من الأعلاف لا تكفي لسد أكثر من حاجة 20% من مواشي النعمة، يتجه الفقراء وصغار المنمين إلى جلب بقايا من العشب الجاف من مسافات بعيدة تتجاوز أحيانا 60 كلم مشيا على الأقدام.
وتقول بعض المصادر إن عددا من المنمين الماليين باتوا يدخلون على الخط ويقومون بقطع تلك الأعشاب قبل وصول المنمين الموريتانيين، وحرمانهم منها وكذلك المواشي التي ترعى في ضواحي المدينة، الأمر الذي ما سبب الضرر لباعة هذه المادة في السوق المحلية من المواطنين الفقراء.
وقال مصلح ولد سيدي، بائح أعشاب جافة “نحن نستغرق أكثر من 4 أيام لجب عدد قليل من الرزم، ومضايقة الماليين لنا في السوق المحلية هي أمر كثيرا ما شكوناه إلى السلطات المعينة، لكن دون جدوى”.. والشيء نفسه يؤكده، عبودي ولد أحمد يبه، بقوله “نحن نجلب الأعشاب من منطقتي “اسوين” و”علب آدم يابه” شرقي النعمة، لكن الوسائل التي يستخدمها الماليون تحد من استفادتنا وتدفعنا لرفع سعر الأعشاب بوصفها الملاذ الأخير لمن لا يقدرون على شراء العلف”.