في خضم بحثي عن موقف الحزب الحاكم من “الميثاق الجمهوري” المزمع توقيعه بين بعض قوى المعارضة وحزب الانصاف، جمعني اليوم لقاء خاص مع الرئيس ماء العينين ولد أييه.
ليس سهلًا أن يلتقي صحفيٌ برئيس الحزب الحاكم، الذي يَعتقد أنه رئيس الحزب الديمقراطي الأمريكي، بل ربما لو بذلتُ الجهد ذاته للقاء الرئيس الأمريكي شخصيًا لكنتُ لقيتُه.
لدى جميع نسخ الحزب الحاكم في موريتانيا مشكلة مع الصحافة، ليس بالضرورة خوفًا منها، بدليل علاقاته معها وإظهار الود لها في مواسم الحملات الانتخابية، ربما المشكلة الكبرى في انتقاء مسؤوليه الإعلاميين، الذين لا يقومون في الغالب بأكثر من بلورة وجاهات نظر رئيس الحزب التي لا تعدو كونها نسخة من الإعلام الرسمي الحكومي.
لستُ مستشاراً إعلاميًا للرئيس ماء العينين ولد أييه، كي أشرح له مهمة الإعلام الحزبي، لكنه، وخلال اللقاء لم يخفِ الحاجة إلى دفعة إعلامية، خارج مواسم الانتخابات، وقد أسهب في الدفاع عن موقفه الشخصي المؤيد لعمل إعلامي حزبي، يتمتع بقدر من الاستقلالية، ويعمل بالتنسيق مع قيادة الحزب، في جهد لا يقتصر على نواكشوط فقط، وإنما على المستوى الوطني، ويُكابر ولد أييه حين يدّعي أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان بالآلية الإعلامية المتبعة حاليًا.
ولد أييه ذكيٌ ذكاءَ أهل آدرار، وعصيٌ على تقويله ما لا يريد أن يقول، ويبدو أنه اكتسب خبرة كبيرة في العمل السياسي، ويعلم نقاط قوة حزبه ونقاط ضعفه..
سألتُه: السيد الرئيس لم نسمع صدى لتداول الاتفاق السياسي من طرف الهيئات القيادية في الإنصاف؟
قاطعني قائلًا: لم تخبرني أنك تريد أن تنتزع مني مقابلة صحفية، دون سابق إشعار، ومع ذلك فأنت مؤتمنٌ فيما ستنقل عني قطعًا.. إن كنت تنوي نشره.. بخصوص السؤال لقد تم إطلاع المكتب التنفيذي للحزب بانتظام على مراحل نقاش الاتفاق وتلقّى إحاطتين خلال دورتين عاديتين من جلساته وفوضَ رئاسة الحزب منذ البداية بالمضي في الاتفاق، وسيتلقى هذا المساء إحاطة ثالثة، في أفق التوقيع على الاتفاق يوم الخميس المقبل”…
ولأني أخذتُ الكثير من وقت المنتظرين للقاء رئيس الحزب، فقد قاطعتُه بهذا السؤال: هناك حديث من حين لآخر عن إجراءات من قبيل حل البرلمان، وتغيير مدة المأمورية الرئاسية. هل يتطرق الاتفاق لمثل هذه الأمور؟
فأجاب بصراحة لم أتوقّعها منه: أبدًا، لم يتم التطرق خلال النقاش لأي أمور من هذا القبيل والاتفاق لا يتضمنها ولا يتضمن أي إشارة إليها والوضعية السياسية للبلاد لا تستدعيها.
قاطعته مرة أخرى لأني أعلم أنه جاهز لبدء عد الانجازات، ويأخذ ذلك وقتًا طويلا.. قلتُ له: هل تعتقد أن من بين الموقعين معكم لهذا الاتفاق من سيرافقكم في دعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للفوز بمأمورية ثانية؟
فأجاب، لنضع هذا السؤال في السياق.. خطاب ترشح فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لمأموريته الأولى لقي ترحيبا منقطع النظير، وبرنامجه الانتخابي عبر عن آمال الشعب وطموحاته ولقي إجماعًا واسعا، وتنفيذ هذا البرنامج يتم بشكل جيد رغم كل العقبات التي شهدها العالم والمنطقة، ويزداد هذا الإجماع يومًا بعد يوم، ونعلم أن رسائل خطابات وادان وتيشيت وچول تؤسس للتحول الاجتماعي والرقي الذي يحتاجه البلد، كذلك أسسُ النهوض المنشود باقتصاد البلاد تم وضعها، وبلادنا تنعم لله الحمد بوضعية أمنية تحسد عليها، جو الانفتاح السياسي يتعزز وتوقيع الاتفاق السياسي الحالي دليل على ذلك. نحن في حزب الانصاف وفي أحزاب الموالاة الأخرى جاهزون لضمان نجاح مريح لفخامة رئيس الجمهورية في الشوط الأول، ونتائج الانتخابات الأخيرة تُعضِّدُ ذلك، خصوصا أن المستوى الكبير لتنفيذ برنامج فخامة الرئيس كان حاسمًا في تحقيق هذه النتائج، نحن في الإنصاف وفي أحزاب الأغلبية متأكدون أن الفوز الكبير الذي سيحققه فخامة الرئيس في الانتخابات المقبلة ضروري لمواصلة النهضة التي تشهدها البلاد، ونأمل أن يكون من بين قوى المعارضة من يشاركنا هذا الرأي.
ختمنا اللقاء بالتقاط هذه الصورة، والأكيد أن التعليق الأول عليها سيكون: زينين لا ظرتكم العين، وأن التعليق الثاني سيكون: ازين انت حتّ من الرئيس مسكين، وسيكون التعليق الثالث: لاحگكم تسبغو روصكم..
عبد الله أتفغ المختار