على غير عادتها في مثل هذه المواسم، بدت اسواق العاصمة الموريتانية نواكشوط .. اقل صخبا وان كانت اكثر اكتظاظا، واختلطت المساومات بين الباعة والمتسوقين حول اسعار البضاعة واخر عناوين الموضة بمواضيع وشجون اخرى خارج سياق العيد. لتهيمن الاسئلة حول الرئيس على المشهد العام في موريتانيا. علق المصطفى (42 سنة) تاجر احذية اسيوية فوق واجهة دكانه صورة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وهو ينحني امام رجل مسن في احد احياء نواكشوط الفقيرة وكتب باحرف هجائية متناثرة “الله يشفيك.” حاول الرجل ان يدافع عن موقفه معتبرا ان غياب الرئيس لاول مرة في مثل هذه المناسبة كان بسبب امر جلل؛ بحسب تعبيره. وطوال الايام التى سبقت حلول عيد الاضحى اغلقت الطرق المؤدية الى اكبر اسواق العاصمة الموريتانية نواكشوط في اوج الازدحام الموسمي بمناسبة العيد، واحاطت دوريات شرطة المرور بكافة المنافذ واضعة الحواجز الحديدية لمنع تجاوز السيارات الى المواقف المعهودة حيث تخشى السلطات من ازدحام المتسوقين وارباك حركة التبضع بدخول اللصوص الذين ينتهزون فرصة الازدحام في الاسواق للقيام باعمال سطو وسرقة .. باية حال عدت ..؟ لا حديث يخلو من سؤال او تعليق او حكاية حول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الموجود في العاصمة الفرنسية للعلاج من اثار طلق ناري تعرض له عن طريق الخطا وفق ما افادت الرواية الرسمية قبل نحو اسبوعين ، هيمنت اخبار الرئيس على خطاب الباعة والمتسوقين وتعطلت عجلة البيع مرات عديدة في وسط سوق العاصمة الموريتانية نواكشوط للاستماع الى حكايات الزبائن حول تضارب الروايات بشان ملابسات اطلاق النار والعملية الجراحية التي خضع لها الرئيس في المستشفى العسكري بنواكشوط، ونقله الى العاصمة الفرنسية واحتمالات عودته لمزاولة مهامه .. كل ينقل من مصدره … روايات تتقاطع في كثير من الاحيان ثم تختلف في بعض التفاصيل. تحولت زوايا واركان السوق الى منابر للاستماع الى اخر الحكايات حول الرئيس بعد ان كانت ارجاء السوق تردد صدى اخر صيحات الموضة … سيعود الرئيس … لقد تماثل للشفاء ويمكنه ان يمارس مهامه بعد ايام قليلة يقول احد باعة بطاقات تزويد الرصيد بعد ان زود بطارية مكبر الصوت وطفق يردد تلك الكلمات حيث تجمع حوله بعض من المارة. السوق المركزي في نواكشوط يشهد اقبالا كثيفا هذه الايام برره البعض بالسعي الى سماع المزيد من الاخبار في ظل عدم توفر السيولة لشراء حاجيات العيد ، شكوى الكثير من الموريتانيين من ارتفاع اسعار الازياء في هذ العيد لم تطغ على الاجواء التى اكتنفت عملية اطلاق النار على الرئيس وما رافقها من شائعات شغلت بال الكثير من الموريتانيين المنقسمين بشان الموقف وان كانوا عموما يتمنون الشفاء للرئيس وفق ما يقول احد المتسوقين. الاخبار القادمة من باريس غير مطمئنة … لم يظهر الرئيس منذ ان تحدث عبر التلفزيون غداة سفره لتلقي العلاج امر يبعث على القلق حقا؛ يعلق احد المواطنين وهو يسترق السمع لاحاديث متبادلة في احد ازقة السوق . كان المتحدثون يسردون قصصا تارة نقلا عن وسائل الاعلام وتارة نقلا عن اشخاص يدعون قرابة بعائلة الرئيس، وفي ظل شح المعلومات وهيمنة الاخبار الموجهة حول حقيقة الوضع الصحي لرئيس الجمهورية، أصبحت الشائعة السلعة الاكثر رواجا ما يؤدي الى ان بعض الحكايات تكون اقرب الخيال منها الى واقع الامور، وفق ما يرى فريق من المتابعين. وفي اخر ظهور له نشرت الوكالة الموريتانية للانباء صورة للرئيس وهو يستقبل وزير الدفاع الفرنسي الذي كان يعيده في المستشفى الباريسي ، وبعد ايام خرج الرئيس من المستشفى وفق ما افادت مصادر في الرئاسة الموريتانية وهو يقضي فترة نقاهة في باريس ، بعث الرئيس ليلة العيد برسالة مكتوبة قراها مذيع نشرة الاخبار في التلفزيون نيابه عنه ، وقد تضمنت تهنئة الموريتانيين بالعيد وطمأنتهم على صحته، لتفجر موجة جديدة من التحليلات المتناقضة. لم تتضمن الرسالة اجلا بالعودة وهكذا سنظل في حيرة من امرنا.. “اننا نريد الحقيقة الكاملة حول الوضعية الصحية لرئيسنا”؛ يعلق احد المواطنين، هذا فيما اتجهت الانظار الى المسجد العتيق بالعاصمة نواكشوط حيث يؤم إمام المسجد الكبير في موريتانيا صلاة العيد لأول مرة في ظل “شغور” مقعد الرئيس في الصفوف الامامية للمصلين.