احتاج الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى 166 يوماً ليجري أول تعديل على حكومة الوزير الأول إسماعيل ولد ابده ولد الشيخ سيديا، ولكن التعديل الذي حدث في صلب الجهاز المالي والاقتصادي للبلد، كان تعديلاً أقرب إلى إبقاء الأمور على ما كانت عليه.. وقد يقول أحدهم إنه «ليس تعديلاً».
إنه تبادل للمناصب بين محافظ البنك المركزي الموريتاني ووزير الاقتصاد والصناعة، ولكن الأهم هو أنه تبادل للمهام بين رجلين عملا معاً لسنوات طويلة، الشيخ الكبير ولد مولاي الطاهر وعبد العزيز ولد الداهي، وذلك ما سيضمن سير الأمور بسلاسة كبيرة وهدوء.
جاء التعديل الجزئي للحكومة خالياً من أي رسائل سياسية، حين جرى بين رجلين يوصفان في الغالب بأنهما من فئة «التكنوقراط» والخبراء الفنيين، وفي منصبين أقرب إلى كونهما منصبين فنيين في حكومة وصفت منذ اليوم الأول بأنها «حكومة خبرات».
في غضون ذلك يتحدث بعض الموريتانيين عن رسالة سياسية «خافتة» حملها تعيين ولد الداهي في الحكومة، موجهة إلى المحيط الاجتماعي للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
ولكن الرسالة الهامة التي حملها التعديل كانت ذات طابع «اقتصادي»، فخلال سنوات حكم ولد عبد العزيز تلاشت وزارة الاقتصاد وذابت داخل وزارة المالية، ومنذ وصوله إلى الحكم حاول ولد الغزواني أن يعيد للاقتصاد اعتباره بعد أن ابتلعته المالية، ففصل الوزارتين وعمق الصلة بين وزارة الاقتصاد والبنك المركزي.
عين ولد الغزواني المحافظ المساعد للبنك المركزي وزيراً للاقتصاد والصناعة في أول حكومة يختارها أغسطس الماضي، وبعد أقل من ستة أشهر عين المحافظ نفسه في ذات المنصب، وأعاد المحافظ المساعد السابق إلى البنك المركزي محافظاً؛ لقد فتح ولد الغزواني خط سير في الاتجاهين بين الوزارة والبنك.
من جهة أخرى يمكن القول إن ولد الغزواني فتح هذا الخط بعد أن انتهت مأمورية محافظ البنك المركزي، وهو الذي يحاول منذ وصوله إلى الحكم أن يبقي على الجميع بالقرب منه، خاصة المسؤولين الذين أداروا البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، تفادياً لإحداث انقطاع في التسيير، والوصول إلى تمكين فريقه الخاص بشكل تدريجي وهادئ.
ولكن التعديل الجزئي أثار سؤالاً قديماً متجدداً لدى الموريتانيين، يتعلق بآلية تدوير المسؤولين الحكوميين، وكيف تبقى مجموعة قليلة تتبادل المناصب المهمة في ظل وجود نخب عديدة ضمن قائمة الانتظار.
إنه السؤال الذي طُرح على جميع الأنظمة، ولكنه كان أقوى منذ وصول ولد الغزواني إلى الحكم، وهو الذي استفاد من دعم كتل سياسية عديدة في الانتخابات الماضية، ويرى العديد من الموريتانيين أنه في غنى عن تدوير المسؤولين، بسبب حجم الخيارات الكبيرة المطروحة على طاولته.