ولد الددو: اتهام بيرام ولد اعبيدي لكتب المالكية بتكرس العبودية “منتهى الجهالة والسفه”
نواكشوط ـ الشيخ ولد محمد حرمه
أثار بيرام ولد الداه ولد اعبيدي، رئيس حركة (إيرا)، جدلاً واسعا في الشارع الموريتاني بعد إقدامه على حرق نسخ من أمهات كتب الفقه المالكي يوم الجمعة الماضي، وفي خضم هذا الجدل خرج محمد ولد سيدي يحي، الداعية الموريتاني الشهير، ليقول إن من أقدم على هذا العمل “أحرق قلوب المسلمين في جميع بقاع الأرض”.
ولد سيدي يحي الذي كان يتحدث مساء أمس السبت خلال محاضرة نظمها بمسجد أبي بكر الصديق بمقاطعة دار النعيم، شمال العاصمة نواكشوط، قال إن “هذا منكر عظيم وخطر جسيم وموقف لا يمكن السكوت عنه”، داعيا بيرام ولد اعبيدي إلى أن “يبادر بالتوبة والاستغفار، لأنه أحرق قلوب المسلمين في جميع بقاع الأرض”.
وقال ولد سيدي يحي، الذي يحظى بقاعدة شعبية كبيرة واشتهر بأنه قائد “فقه العوام”، إن بيرام يجب أن “يعود عن ذنبه بنفس الطريقة التي عصى بها الله تبارك وتعالى”، معتبراً أنه “في زمننا اليوم عندما يرتكب الشخص معصية تأتي الإذاعة والتلفزة حتى يستوي في معصيته البعيد والقريب”، وأضاف أنه “يجب أن يشهد على توبته من شهد على معصيته”، وفق تعبيره.
ولد سيدي يحي: الحراطين في مقدمة إعلاء كلمة الله
أما فيما يتعلق بشريحة لحراطين التي ينتمي إليها بيرام فقد قال ولد سيدي يحي إن “التعميم مرفوض”، مشيراً إلى أن “قبيلة ارتكب أحد أفرادها جريمة لا يقال إنها قبيلة مجرمة، وحتى أسرة واحدة إذا كان ابنها سارق فلا تقل هذه الأسرة سارقة”.
وقال إن لديه خبرة في الموضوع ويعرفه عن قرب، وإن “من يسمون في موريتانيا بالحراطين موجودون في جميع المسائل التي تهدف إلى إعلاء كلمة الله، فعندما تذهب إلى الأئمة تجدهم أمامك”، قبل أن يضيف مخاطبا أتباعه أن “الله لا ينظر إليك على أساس لونك ولا لغتك ولا نسبك و(إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (التقوى ها هنا) وأشار إلى صدره”.
وعن علاقة القضية بالسياسية وما أثارته من تعليقات سياسية واسعة، دعا ولد سيدي يحي أتباعه إلى التريث “فلا تختلط عليكم هذه الأمور وإذا أتاكم أحد يريد تصفية الحسابات أو يكره مجموعة أو عنده موقف ويريد أن يزايد في الموضوع لأن لديه رغبة خاصة، فقولوا له لا.. أسكت.. هذا ليس تغيير المنكر وإنما لديك هدف خاص”.
وفي نفس السياق يقول ولد سيدي يحي “اتركوا أهل السياسية يتصادمون بعيداً عن دين الله المقدس والذي لا لعب فيه”، مضيفاً “نحن جميعنا مسلمون بما في ذلك من ارتكب منا المنكر، ولكن جسمنا جسم لا تدخله شياطين الإنس ولا الجن”، وفق تعبيره.
محاضرة ولد سيدي يحي والشارع الموريتاني
تعود الشارع الموريتاني أن يكون “متابعاً جيداً” لمحاضرات الداعية محمد ولد سيدي يحي، ذلك ما يقوله الطالب المحظري عبد الفتاح ولد محمدن الذي أكد أنه “وجد نفسه في المحاضرة التي ألقاها ولد سيدي يحي الليلة البارحة”.
وأضاف ولد محمدن في تصريح لصحراء ميديا أن “ولد سيدي يحي أجاب على تساؤلات كثيرة أعطته قناعة انه داعية وسطي وأنه يرتبط بقاعدة جماهيرية لا تبحث إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك بطريقة فقهية مبسطة يفهمها القاصي والداني”، حسب تعبيره.
فيما قال الحسين ولد محمد المختار، وهو تاجر بالسوق المركزي بالعاصمة نواكشوط، إنه “كان يتوقع ما سمعه البارحة من ولد سيدي يحي، لأن محاضراته تأتي دوما في الوقت المناسب وتوضح شبهاً يكون المجتمع يحتاج إلى إزالة اللبس فيها”.
مشيراً إلى أن “ولد سيدي يحي أزال اللبس على الأقل من الناحية النظرية الفقهية حول الموضوع، كما لم يغفل الجانب السياسي في القضية”، معتبراً أن دعوته إلى التماسك والتآخي “أمام شياطين الإنس والجن لا شك ستلقى استجابة لدى الموريتانيين”، وفق تعبيره.
أما محمد يسلم ولد عبد الله، بائع بطاقات تزويد، فقال إن محاضرة ولد سيدي يحي “كشفت له الحقيقة، وردت بوضوح على ما فعله بيرام خاصة من الناحية الشرعية”، معتبراً أن “موقف ولد سيدي يحي من هذه القضية مهم بالنسبة له”.
كما طالب ولد سيدي يحي وأمثاله من الدعاة “بالمواصلة في هذا النهج حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود”، وفق تعبيره.
ولد الددو: هذا التصرف طائش
بعد ردة فعل ولد سيدي يحي التي كانت حديثا أمام الأتباع، جاءت ردة فعل الشيخ محمد الحسن ولد الددو والتي كانت فتوى مكتوبة تم تداولها بشكل واسع عبر وسائل الإعلام الموريتانية اليوم الأحد، والتي اعتبر فيها أن حرق كتب الدين وتمزيقها تصرف “يندى له الجبين ويمتلأ له القلب حزنا وحسرة”.
ويقول ولد الددو في فتواه “رأيت من الواجب علي أن أبين خطر هذا الأمر وبشاعة هذا المنكر الذي أقدم عليه بيرام ووجوب إنكاره على كل من سمع به المسلمين، فلو كان أحرق نقوداً أو مالاً آخر غير كتب الفقه لكان ذلك منكراً فكيف بهذه الكتب المتضمنة لشرع الله”، وفق تعبيره.
وقال إن اتهام بيرام ولد اعبيدي لكتب المالكية بأنها تكرس العبودية “منتهى الجهالة والسفه”، مشيراً إلى أن التمييز في الأحكام بين الأحرار والعبيد ليس مختصاً بالمذهب المالكي.
وأشار إلى أن “مقتضى هذا التصرف الطائش أن يحرق القرآن أيضا وجميع كتب السنة والفقه فكلها كذلك”، مضيفاً أن الله قد فرق في الأحكام بين الأحرار والعبيد في كتابه ورسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المتواترة عنه ولا يستطيع من يؤمن بالله واليوم الآخر إنكار ذلك”.
وأضاف أن إحراق كتب الدين “التي هي خارجة عن سياق القضية جملة وتفصيلاً”، تصرف “لا يشتغل به عاقل فضلاً عن مسلم”، مؤكداً أن هذه الكتب “ليس واحد منها إنتاجا محلياً ولا علاقة لواحد منها بقضية الرق في موريتانيا”.
ويواصل ولد الددو فتواه بأن “هذه المسائل الفقهية إنما يحتاج إليها عند وجود العبودية وتحققها، وهو أمر خارج عن سياق الواقع في موريتانيا اليوم”، وذلك في إشارة إلى عدم وجود العبودية في موريتانيا.