وبهذه المناسبة، ألقى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق كلمة أمام الملك، أكد من خلالها أنه سيتم إسكان الطلبة في ثلاث مدارس من بين التى تم ترميمها مؤخرا، وهي المدرسة المحمدية ومدرسة الصفارين، ومدرسة ثالثة تم ترميمها من قبل وهي المدرسة البوعنانية.
وأكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أن المدارس العتيقة لمدينة فاس أضحت بعد خضوعها لأشغال الترميم والتأهيل “تستجيب لمتطلبات العصر ولحاجيات التكوين الرشيد في العلوم الشرعية”.
وأوضح الوزير أن المدارس المرممة تتيح إيواء طلبة السلك النهائي بجامعة القرويين فضلا عن طلبة “العالمية العليا”، التي “تتميز عن العالمية العالية بتلقين مواد جديدة، لاسيما اللغات الحية واللغات القديمة من قبيل اليونانية واللاتينية والعبرية”.
وأكد أن مدرسة السباعيين، وهي من المدارس المرممة، قد استثنيت من عملية الإسكان نظرا لشدة ضيق غرفها، قال الوزير إن رئاسة جامعة القرويين تلتمس من الملك محمد السادس الإذن في تخصيص الغرف الخمس الموجودة بالمدرسة المصباحية للعلماء القادمين من خارج فاس بقصد التدريس، لاسيما الأجانب منهم في إطار التعاون الدولي، وتخصيص باقي الأماكن غير المناسبة بها للسكنى، كفضاء إداري لجامع القرويين. وأضاف أن رئاسة الجامعة تلتمس
من جهته، قدم المدير العام لوكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس، فؤاد السرغيني، عرضا حول عمليات ترميم وإعادة تأهيل المدارس العتيقة لمدينة فاس، الحاضرة التي تعد نموذجا مندمجا للمدينة العربية- الإسلامية والمتوسطية.
وأوضح السرغيني، الذي ذكر بأن المملكة المغربية كانت من بين الدول السباقة إلى المصادقة على اتفاقية التراث العالمي لسنة 1972، أن غنى وتنوع الموروث التاريخي للمدينة القديمة لفاس، التي يوجد بها أزيد من 30 ألف صانع تقليدي، مكن هذه الحاضرة الألفية من أن تكون أول مدينة مغربية تسجل في لائحة التراث العالمي سنة 1981.
وقد أنجزت أشغال تجديد هذه المآثر من طرف “معلّْمين” قاموا بترميمها وفقا للنمط الأصلي، مستعينين بمهاراتهم وحرفيتيهم وخبرتهم الموروثة أبا عن جد. ومن شأن ترميم مختلف هذه المآثر المساهمة في تعزيز المدارات السياحية على مستوى المدينة القديمة لفاس، والارتقاء بجمالية المشهد العمراني، وتحقيق التنمية السوسيو- اقتصادية لهذه المدينة المتحفية، والحفاظ على موروثها المادي الذي يعكس عظمة ماض معماري تليد وعراقة خبرة فريدة في المجالات الثقافية والحضرية والاجتماعية.
إثر ذلك، قام الملك محمد السادس بتوشيح عدد من الشخصيات التي ساهمت في إنجاز عمليات ترميم ورد الاعتبار للمدارس العتيقة بالمدينة القديمة لفاس، والذي أعطى انطلاقته ملك المغرب سنة 2013.
و تساهم الجامعة في تكوين العلماء والباحثين المتخصصين والأئمة والمرشدين والمرشدات، وتطوير برامج خاصة للتدريب، والتأهيل والتكوين المستمر في مجال التأطير الديني، وتطوير البحث العلمي في مجال الدراسات القرآنية، والحديث، والعقيدة، والفقه وقضايا الفكر الإسلامي المعاصر.
وتشتمل جامعة القرويين، التي تساهم أيضا في التعريف بالعلوم الإسلامية وبتاريخ المغرب، وبموروث الفقه الإسلامي، لاسيما الفقه المالكي من خلال العناية بمصادره والعمل على نشره، على عدد من المعاهد ومؤسسات التعليم العالي.
ويتعلق الأمر بمعهد دار الحديث الحسنية (الرباط)، ومعهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية (الرباط)، ومعهد محمد السادس للأئمة المرشدين والمرشدات (الرباط)، و المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب (الرباط)، ومعهد الفكر والحضارة الإسلامية (الدار البيضاء)، وجامع القرويين للتعليم العتيق (فاس)، ومدرسة العلوم الإسلامية (الدار البيضاء).
وتؤمن هذه المؤسسات المرجعية لتكوين آلاف الطلبة المغاربة وكذا الأفارقة والأوروبيين، وذلك من خلال تعريفهم على الصورة الحقيقية للدين الإسلامي والعمل على ترسيخ تعاليمه وقيم الاعتدال والتسامح والعيش المشترك التي يحث عليها.
ويعكس القرار المتعلق بإعادة فتح المدارس التاريخية – المحمدية، الصفارين، المصباحية، والصهريج- التي خضعت لأشغال الترميم والتجديد في إطار برنامج إعادة تأهيل مآثر المدينة القديمة لفاس، وكذا فتحها لأغراض السكن والتعليم، لفائدة طلبة سلك “العالمية” وسلك فن الخط بجامعة القرويين، العناية السامية التي ما فتئ أمير المؤمنين يحيط بها العلماء والتعليم الديني وطلبته.
كما يجسد العزم الوطيد لجلالة الملك على استعادة مجد المدارس الدينية، وحرص جلالته الموصول على ضمان نشر القيم الإسلامية الوسطية، المعتدلة، المتسامحة والمنفتحة على الآخر.
كما تدعم هذه المبادرة الملكية جامعة القرويين في تأدية مهامها، مع تمكينها من استعادة إشعاعها في مجال المعرفة ودورها الريادي الذي طالما اضطلعت به منذ إنشائها.