على هضبة تكانت عزف النخيل لحنا من التاريخ، ينطلق من أزقة مدينة تجكجه، الشامخة منذ خمسة قرون.. فاضت الأودية بالأمطار، وتداعت الوفود من جميع مناطق موريتانيا، للمشاركة في مهرجان التمور.. ذلك الحدث الذي يعيد للمدينة ألقها في صيف كل عام.
قبل يومين ضجت المدينة بالأقدام وازدحمت بالسيارات، في شوارع ظلت لعام كامل تعيش في هدوء على سفوح الجبال وتحت ظلال النخيل.. إنه المهرجان الذي ينتظره سكان ولاية تتوسط موريتانيا، ويصفها سكانها بالمنسية أبدًا.
انتعشت في المدينة أنشطة تجارية صغيرة ووجد أهلها فيها سوقا موسميا هاما لتحقيق أرباح معتبرة في ظرف وجيز.
اشتهرت تجكجة بتمورها وزراعتها، مع ما تعانيه من شح في مصادر المياه، لكنها مع ذلك ظلت مصرة على تنظيم هذا الحدث في نسخته الثامنة، وسط العمران التاريخي الذي يضفي على المهرجان وهجا سحريا خاصا.
حضر للمهرجان الذي بدأ قبل يومين وزراء وسفراء مقيمين في موريتانيا، ليقفوا على معارض منظمة في الساحة المخصصة للمهرجان، وهي معرض للتمور ومعرضا لمنتوجات الصناعة التقليدية ومعرضا للمخطوطات.
وأطلقت الحكومة بهذه المناسبة مجموعة من المشاريع من بينها وضع الحجر الأساس لأشغال ترميم المسجد العتيق بالقديمة، وتسييج المقبرة.
وقال وزير الثقافة والشباب والرياضة، ختار ولد الشيباني، إن مدينة تجكجة تعتبر إحدى «القلاع التاريخية الوطنية التي تحتضن مخزونا هائلا من تراثنا الثقافي المادي وغير المادي، وذلك ما أكده إختيارها ضمن المواقع الموريتانية التي تم تصنيفها على قائمة التراث في العالم الإسلامي».
وأضاف الوزير الذي حضر افتتاح المهرجان، أن الدولة «عازمة على ترميم الحي القديم بمدينة تجكجة، وستبدأ قريبا في إعادة بناء المسجد العتيق بالمدينة».
من جهته، قال عمدة بلدية تجكجة محمد ولد بيها، إن هذه التظاهرة أصبحت موعدا سنويا «مشهودا وحدثا تنمويا وثقافيا بارزا تنتظره ساكنة المدينة بفارغ الصبر لما فيه من فوائد مادية ومعنوية للساكنة، كما يتداعى إليها آلاف الزوار من كل حدب وصوب».
وتابع أن اللجنة المنظمة للمهرجان «حرصت على أن يجد رواد هذه التظاهرة ما يصبون إليه، حيث وضعوا برنامجا متنوعا يتضمن معرضا للتمور والمخطوطات والصناعة التقليدية، وزيارات لمعالم تاريخية وأخرى سياحية».
ويعود تاريخ تأسيس مهرجان التمور في مدينة تجكجة إلى عام 2012 وينظم في موسم الصيف من كل عام، قبل أن يتوقف بسبب جائحة كورونا، ليستأنف أنشطته هذا العام.