تذَيَّل التعليم وثيقة الحوار، ولم تطرح مكافحة الإرهاب كقضية جوهرية.
كل ذلك يعكس مدي الاختزال الذي طبع نظرة القائمين علي الحوار إلي أطرافه، بحيث اقتصر عليهم وخصومهم.
حضر المؤيدون وغاب الخصوم، أما الرأي العام فقد أخرجه الفريقان بين “الإبط والمرفق ”
أما وقد حضر موسى وقومه مائدة فرعون.. فما بالك با التلاقي بين أبناء الوطن الواحد! فلا أعتقد أن غياب الخصوم كان طاعة لله، هذا إذا لم يكن عجزا عن تبليغ الرسالة.
رسالة الحوار تستمد نبلها من المضامين ذات الصلة القوية بقضايا الناس، وما دام الأمر كذلك فهذا يتطلب انتقائية شديدة في اختيار المواضيع، وقد تكون هذه الانتقائية معاقة في ظل غياب البعض لكنها تظل مطلوبة، من هنا يحق لنا أن نتساءل:
هل يعد تغيير النشيد الوطني مطلبا لرأي عام لا يقدره مبدوء بعبارة : “كن للإله ناصرا” هذه الكلمة السواء التي نلتقي فيها نحن وأهل الكتاب : ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ ))فكيف به أن يقدره بصيغة أخري ! وبعد حذف الاقتباس من الآية القرآنية ((فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا)) من سورة الكهف التي قص فيها القرآن آية المؤمنين المسيحيين من أهل الكهف ثم نهي عن الجدال بشأنهم.
أما المراء بشأن النشيد الوطني الموريتاني فليس جديدا,فقد شكل مصدر إزعاج للمعسكر الشيوعي الإلحادي مما أدي إلي استخدام الاتحاد السوفيتي للفيتو ضد استقلال موريتانيا ودخولها الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك بتاريخ 4 ديسمبر1960.
ومن ثم ظل مصدر قلق للشيوعيين الموريتانيين انطلاقا من قناعتهم الماركسية التي تنفي الإيمان با الله إلا أنه بقدر ما شكل مصدر قلق لهم، بعث الطمأنينة لدي خصومهم الغربيين ، الذين سارعوا إلي حشد الدعم السياسي المنقطع النظير لموريتانيا حيث قايضت الولايات المتحدة روسيا باعترافها بمنغوليا مقابل الاعتراف بموريتانيا في 28اكتوبر 1962 ( انظر محمد عبد الرحمن ولد عمار _ العلاقات الموريتانية العربية من الاستقلال إلي نهاية القرن العشرين _ مصادر الجزء الثالث 2003_ص 169 ).
وبالمناسبة فإن هذا النوع من القضايا يجب أن يدرج ضمن المناهج التربوية ،بل أن يشكل أحد مرجعيات الدبلوماسية الموريتانية في علاقتنا بالغرب.
والواقع أن هذا النشيد جاء بديلا عن النشيد الفرنسي الذي كان يدرس آنذاك في المدارس الموريتانية.
و نصه بالفرنسية للسيد: ديا عبد الله الحسن:Dia Abdoulaye Alassane
France ta puissance..à brisé nos liens
Des tyrans nous vendaient comme des bêtes de somme
Et nous tes fils somme fiers de porter ton cher nom
Tu nous libéras et fis de nous des hommes
Salut France et gloire à ton nom
Nous t’aimons comme notre mère
Car c’est à toi que nous devons
La fin des nos vieilles misères
Comme un arbre géant domine les buissons
Ton grand passé s’adresse au dessus de l’histoire
وهذا نصه بالعربية ([[1]]url:#_ftn1 ):
فرنسا يدك القوية كسرت قيودنا
من بعد أن كان الطواغيت يبيعوننا
كما تباع الدواب…نحن أبناؤك
فخرنا…… أن نحمل اسمك
حررتننا وصيرتنا بشرا….
سلام عليك……فرنسا
ومجد اسمك نحبك كما نحب أمهاتنا
لأننا ندين لك بنهاية مآسينا القديمة
ومثل الشجرة العملاقة التي تهيمن علي صغار الشجر
ماضيك المجيد ينتصب في التاريخ
كما يعد بديلا عن النشيد القبلي التقليدي:
نحن أبناء الملوك والحرب قد نزل ولا باس بالموت إذا حان الأجل
الذي لا يلبي حاجة دولة ناشئة إلى السلم الأهلي والرقي الاجتماعي.
وإذا كان البعض يعتقد أن هذا النشيد لا يستجيب لحاجة تنمية مفهوم الشعور الوطني فما ذا يقولون بشأن النشيد الوطني العراقي الذي يعد مثالا في هذا السياق لكنهم انقسموا بسبب التطيف الديني فالنشيد الوطني ورمزيته لا يصل إلى الحد الذي يتطلب حوارا بهذه الدرجة لأنه لا يكتسي ذالك الطابع الرمزي المعروف عند غيرنا ! وإذا تواصل هاجس الانمحاء هذا، فإنه قد يصل إلي جدل آخر بشأن أمور عديدة !
إذاً فإن اجتماعا بهذه الأهمية ينبغي أن يحترم اهتمامات الرأي العام خصوصا فيما يتعلق بالأمور التالية:
ـــ الأمن الغذائي وإذا كانت الخطوة الجريئة التي اتخذها رئيس الجمهورية بشأن التأسيس لبحرية وطنية تحمي شواطئنا وتعزز سيادتنا البحرية وكذلك شق القناة المائية الجديدة في ولاية اترارزة خطوات تستحق الثناء والتلاحم. فإن الأمن الغذائي لا يزال بحاجة إلى إرساء سياسة وطنية تؤسس لنهضة زراعية تتكامل مع حماية ثروتنا السمكية.
ـــ التأسيس لسياسة تربوية ناجحة : فكل المتجمهرين الذين يبحثون قضايا النشيد والعلم يعلمون أن المدارس تحولت إلى قاعات حضانة بدون ألعاب ، وأن نسب النجاح في الباكلوريا مخيفة ، وأن جامعة نواكشوط تفتقر إلى السكن الطلابي ، وغيره من المرافق الضرورية، وأن خريجيها يبقون بدون عمل، وأن من تمكن من الذهاب إلى الخارج لكسب الدراسة يعد متسكعا لأنه لا توجد اتفاقيات ثقافية تضمن مستقبل أبنائنا كتلك التي عهدناها في العقد الأول من الاستقلال ، يتعلق الأمر هنا بأن الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي في مجال الصيد يجب أن تشمل الجانب الثقافي والتعليمي والتكنولوجي هذا الأمر يتطلب سياسة جادة أكثر من الحاجة إلى حذف كلمات من نشيد ينصر الله ويحذر من البدع.
ـــ التأسيس لسياسة دبلوماسية تضمن مصالحنا، ذالك أن ضياع قضية الصحراء في دهاليز الرغبات الأجنبية يشكل موتا لدبلوماسية قامت أصلا على مطالب موريتانية بالصحراء ثم انحدرت إلى مستوي وقوفنا كمتفرج على قضية أنجزنا فيها حكما بحقنا في جزء من الصحراء وشاركنا إلي جانب أشقائنا المغاربة في حرب من أجلها وهي تؤثر على علاقتنا بدولة تربطنا بها مصالح عديدة إستراتيجية وأمنية واجتماعية هي المغرب لذا على القائمين على الشأن الموريتاني أن يتقدموا بالدبلوماسية الموريتانية إلى مستوي يليق بحجم تطلعات الموريتانيين بشأن الارتقاء بالعلاقات المغربية الموريتانية إلي الحد الذي يجب أن تكون عليه.
على هذا الأساس يجب أن يكون الحوار ملكا للرأي العام بقضاياه التي تشغل باله، أما الغياب عنه فهو هزيمة قبل المعركة وأي حوار لا يحترم توجهات الرأي العام يعد أقرب إلي الخُوَّار منه إلي الحوار.
كل ذلك يعكس مدي الاختزال الذي طبع نظرة القائمين علي الحوار إلي أطرافه، بحيث اقتصر عليهم وخصومهم.
حضر المؤيدون وغاب الخصوم، أما الرأي العام فقد أخرجه الفريقان بين “الإبط والمرفق ”
أما وقد حضر موسى وقومه مائدة فرعون.. فما بالك با التلاقي بين أبناء الوطن الواحد! فلا أعتقد أن غياب الخصوم كان طاعة لله، هذا إذا لم يكن عجزا عن تبليغ الرسالة.
رسالة الحوار تستمد نبلها من المضامين ذات الصلة القوية بقضايا الناس، وما دام الأمر كذلك فهذا يتطلب انتقائية شديدة في اختيار المواضيع، وقد تكون هذه الانتقائية معاقة في ظل غياب البعض لكنها تظل مطلوبة، من هنا يحق لنا أن نتساءل:
هل يعد تغيير النشيد الوطني مطلبا لرأي عام لا يقدره مبدوء بعبارة : “كن للإله ناصرا” هذه الكلمة السواء التي نلتقي فيها نحن وأهل الكتاب : ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ ))فكيف به أن يقدره بصيغة أخري ! وبعد حذف الاقتباس من الآية القرآنية ((فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا)) من سورة الكهف التي قص فيها القرآن آية المؤمنين المسيحيين من أهل الكهف ثم نهي عن الجدال بشأنهم.
أما المراء بشأن النشيد الوطني الموريتاني فليس جديدا,فقد شكل مصدر إزعاج للمعسكر الشيوعي الإلحادي مما أدي إلي استخدام الاتحاد السوفيتي للفيتو ضد استقلال موريتانيا ودخولها الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك بتاريخ 4 ديسمبر1960.
ومن ثم ظل مصدر قلق للشيوعيين الموريتانيين انطلاقا من قناعتهم الماركسية التي تنفي الإيمان با الله إلا أنه بقدر ما شكل مصدر قلق لهم، بعث الطمأنينة لدي خصومهم الغربيين ، الذين سارعوا إلي حشد الدعم السياسي المنقطع النظير لموريتانيا حيث قايضت الولايات المتحدة روسيا باعترافها بمنغوليا مقابل الاعتراف بموريتانيا في 28اكتوبر 1962 ( انظر محمد عبد الرحمن ولد عمار _ العلاقات الموريتانية العربية من الاستقلال إلي نهاية القرن العشرين _ مصادر الجزء الثالث 2003_ص 169 ).
وبالمناسبة فإن هذا النوع من القضايا يجب أن يدرج ضمن المناهج التربوية ،بل أن يشكل أحد مرجعيات الدبلوماسية الموريتانية في علاقتنا بالغرب.
والواقع أن هذا النشيد جاء بديلا عن النشيد الفرنسي الذي كان يدرس آنذاك في المدارس الموريتانية.
و نصه بالفرنسية للسيد: ديا عبد الله الحسن:Dia Abdoulaye Alassane
France ta puissance..à brisé nos liens
Des tyrans nous vendaient comme des bêtes de somme
Et nous tes fils somme fiers de porter ton cher nom
Tu nous libéras et fis de nous des hommes
Salut France et gloire à ton nom
Nous t’aimons comme notre mère
Car c’est à toi que nous devons
La fin des nos vieilles misères
Comme un arbre géant domine les buissons
Ton grand passé s’adresse au dessus de l’histoire
وهذا نصه بالعربية ([[1]]url:#_ftn1 ):
فرنسا يدك القوية كسرت قيودنا
من بعد أن كان الطواغيت يبيعوننا
كما تباع الدواب…نحن أبناؤك
فخرنا…… أن نحمل اسمك
حررتننا وصيرتنا بشرا….
سلام عليك……فرنسا
ومجد اسمك نحبك كما نحب أمهاتنا
لأننا ندين لك بنهاية مآسينا القديمة
ومثل الشجرة العملاقة التي تهيمن علي صغار الشجر
ماضيك المجيد ينتصب في التاريخ
كما يعد بديلا عن النشيد القبلي التقليدي:
نحن أبناء الملوك والحرب قد نزل ولا باس بالموت إذا حان الأجل
الذي لا يلبي حاجة دولة ناشئة إلى السلم الأهلي والرقي الاجتماعي.
وإذا كان البعض يعتقد أن هذا النشيد لا يستجيب لحاجة تنمية مفهوم الشعور الوطني فما ذا يقولون بشأن النشيد الوطني العراقي الذي يعد مثالا في هذا السياق لكنهم انقسموا بسبب التطيف الديني فالنشيد الوطني ورمزيته لا يصل إلى الحد الذي يتطلب حوارا بهذه الدرجة لأنه لا يكتسي ذالك الطابع الرمزي المعروف عند غيرنا ! وإذا تواصل هاجس الانمحاء هذا، فإنه قد يصل إلي جدل آخر بشأن أمور عديدة !
إذاً فإن اجتماعا بهذه الأهمية ينبغي أن يحترم اهتمامات الرأي العام خصوصا فيما يتعلق بالأمور التالية:
ـــ الأمن الغذائي وإذا كانت الخطوة الجريئة التي اتخذها رئيس الجمهورية بشأن التأسيس لبحرية وطنية تحمي شواطئنا وتعزز سيادتنا البحرية وكذلك شق القناة المائية الجديدة في ولاية اترارزة خطوات تستحق الثناء والتلاحم. فإن الأمن الغذائي لا يزال بحاجة إلى إرساء سياسة وطنية تؤسس لنهضة زراعية تتكامل مع حماية ثروتنا السمكية.
ـــ التأسيس لسياسة تربوية ناجحة : فكل المتجمهرين الذين يبحثون قضايا النشيد والعلم يعلمون أن المدارس تحولت إلى قاعات حضانة بدون ألعاب ، وأن نسب النجاح في الباكلوريا مخيفة ، وأن جامعة نواكشوط تفتقر إلى السكن الطلابي ، وغيره من المرافق الضرورية، وأن خريجيها يبقون بدون عمل، وأن من تمكن من الذهاب إلى الخارج لكسب الدراسة يعد متسكعا لأنه لا توجد اتفاقيات ثقافية تضمن مستقبل أبنائنا كتلك التي عهدناها في العقد الأول من الاستقلال ، يتعلق الأمر هنا بأن الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي في مجال الصيد يجب أن تشمل الجانب الثقافي والتعليمي والتكنولوجي هذا الأمر يتطلب سياسة جادة أكثر من الحاجة إلى حذف كلمات من نشيد ينصر الله ويحذر من البدع.
ـــ التأسيس لسياسة دبلوماسية تضمن مصالحنا، ذالك أن ضياع قضية الصحراء في دهاليز الرغبات الأجنبية يشكل موتا لدبلوماسية قامت أصلا على مطالب موريتانية بالصحراء ثم انحدرت إلى مستوي وقوفنا كمتفرج على قضية أنجزنا فيها حكما بحقنا في جزء من الصحراء وشاركنا إلي جانب أشقائنا المغاربة في حرب من أجلها وهي تؤثر على علاقتنا بدولة تربطنا بها مصالح عديدة إستراتيجية وأمنية واجتماعية هي المغرب لذا على القائمين على الشأن الموريتاني أن يتقدموا بالدبلوماسية الموريتانية إلى مستوي يليق بحجم تطلعات الموريتانيين بشأن الارتقاء بالعلاقات المغربية الموريتانية إلي الحد الذي يجب أن تكون عليه.
على هذا الأساس يجب أن يكون الحوار ملكا للرأي العام بقضاياه التي تشغل باله، أما الغياب عنه فهو هزيمة قبل المعركة وأي حوار لا يحترم توجهات الرأي العام يعد أقرب إلي الخُوَّار منه إلي الحوار.
فاطمة بنت محمد النجاح
Email: [email protected]