و قد استرعى هذا الغياب انتباهي منذ وقت طويل ، بل و أثار استغرابي و امتعاضي انعدام الوعي لدى الفاعلين التربويين و المهتمين بالشأن الثقافي في البلاد بما يكتسيه أدب الأطفال من أهمية بالغة في بناء عقول الأجيال الصاعدة التي تشكل بحق رأس المال البشري، الذي لا مجال لنهوض الأمة ولا لازدهارها بدون إعداده إعدادا جيدأ و مسؤولا.
وتقوم هذه المحاضرة على المحاور الآتية :
ـ 1 إيماءة خاطفة إلى ماهية الأدب بشكل عام.
ـ2 إشارة سريعة إلى خصائص و مميزات و أهداف أدب الأطفال بوصفه لونا أدبيا متفردا.
ـ 3 التعرض بإيجاز لظهور و تطور أدب الطفولة في البلدان المتقدمة مع تقديم مقارنة سريعة بين وضعية أدب الأطفال في هذه البلدان و الدول العربية، بما فيها موريتانيا.
ـ 4 أدب الطفل في العالم العربي.
ـ5 أوضاع أدب الطفل في موريتانيا.
ـ6 تبيان إسهامي الشخصي المتواضع في العمل على ترقية و تطوير أدب الطفل في البلاد.
ـ 7 إبداء ملاحظات و تقديم مقترحات حول سبل النهوض بأدب الأطفال في هذا الربوع.
ماهية الأدب بشكل عام
لقد تم تقديم عدة تعريفات و توصيفات للمنتوج المعرفي و الفكري الذي بات يعرف بالأدب . وفي هذا المضمار، قد لا يجافي الصواب من قال : إن الأدب على وجه العموم، هو أحد أشكال التعبير عن مجمل عواطف الإنسان و أفكاره و خواطره و أحاسيسه و هواجسه بأجمل الأساليب الكتابية أو الشفوية سواء كانت نثرا أم شعرا أم غيرهما من ألوان التعبير الراقي.
فهو إذن فن التعبير بالكلمة الساحرة المجنحة. وجوهره في التحليل النهائي هو تراكم آثار نثرية و شعرية تتميز بجمال الشكل، و تنطوي على مضمون ذي أبعاد إنسانية تضفي عليه قيمة مضافة سامية و باقية.
و يقسم النقاد، و خاصة في الغرب، الأدب إلى أدب ” تخييلي”Fiction و أدب “لا تخييلي non Fiction . و يشكل الأدب التخييلي الرواية و القصة و الأقصوصة و القصة القصيرة جدا فضلا عن المسرح و الشعر . فيما يحوي الأدب اللاتخييلي المقالة و السيرة الذاتية و النقد الأدبي على وجه المثال لا الحصر. و الأدب عموما إبداع فني يستهدف – من بين أمور أخرى- الإمتاع و التسلية و دغدغة العواطف و تعميق الوعي و شحذ الإحساس و صقل الذائقة و تنمية و توسيع الخيال والمدارك.
أدب الطفل ، خصائصه ، تجلياته و أهدافه
بدأ الاهتمام بأدب الأطفال في المجتمعات الغربية اعتبارا من القرن السادس عشر و استمر من ذلك الوقت في التبلور و التطور بشكل مطرد. و زاد ت العناية به و السعي إلى تنويع أشكاله و مضامينه بعد الحرب العالمية الثانية و تحديدا بعد إعلان حقوق الطفل من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال جلستها رقم 106 المنعقدة في 21 نونبر 1976 ، و التي أصدرت قرارا يجعل العام 1979 عاما دوليا للطفل، و يدعو جميع البلدان إلى إعادة النظر في برامجها المكرسة لخدمة الأطفال، مع التأكيد الملح على أهمية مراعاة النمو العقلي و النفسي و الاجتماعي للطفل. وسعيا إلى تحقيق هذه الأهداف تنامى الاهتمام عبر العالم ببلورة و ترقية أدب الطفولة.
و هذا الأدب يتميز عن أدب الراشدين بكونه يتوجه خصيصا إلى فئة اجتماعية محددة هي الأطفال من عمر بضعة أشهر حتى مرحلة المراهقة. علما أن فترة الطفولة تشمل عدة مراحل هي:
ـ الطفولة المبكرة ( من عمر 0 سنة إلى ثمان سنوات)
ـ الطفولة المتوسطة ( من ثمان سنوات إلى 12 سنة)
ـ اليافعين أو الشباب الصغير( من 12 سنة إلى 16 سنة)
و يتم خلال هذه المراحل المتتالية النمو الجسدي والنضج النفسي و الوجداني و العقلي للطفل، و يتنامى احتياجه إلى الرعاية و التأطير و الإرشاد و التنشئة الاجتماعية القويمة. و تنشئة الطفل على الوجه المطلوب تستوجب تنمية مهاراته و مواهبه و توسيع مداركه و شحذ ملكاته و تحصينه ضد الإنزلاقات و الجنوح من خلال تلقينه القيم الحميدة و المثل العليا و حضه على السلوك القويم المتوازن وحمايته من التغريب و الاستلاب الثقافي و الحضاري و من كل أشكال الغلو و التطرف.
و السبيل إلى بلوغ هذه الأهداف هو بلورة أدب متعدد الأبعاد يشمل القصص و الأناشيد و المسرح و الرسم و النحت و الغناء و الرقص… إذ أن من شأن هكذا أدب تنمية المواهب و توسيع الخيال لدى الأطفال و تطوير الهوايات و تقوية ملكات الخلق و الإبداع عندهم ، وصولا إلى تعميق حس الجمال و حفز الذائقة و الرهافة و تليين العريكة و الأخذ بأسباب التمدن، مع الحرص على التصالح مع الذات و الانسجام مع القيم العليا و المثل السامية الموروثة السائدة في مجتمعاتهم .
وقد بات من المؤكد اليوم أن أدب الأطفال أضحى ضرورة وطنية و شرطا لازما من شروط التنمية الاقتصادية و السوسيوثقافية و الحضارية. كما أنه صار متطلبا من متطلبات تجذير الوعي بالخصوصية الثقافية ووسيلة للتحصين ضد الاستلاب الفكري و الاختراق الثقافي و الوقوف في وجه ما ترمي إليه العولمة من قولبة و تنميط و محو للخصوصيات الثقافية و الروحية للشعوب ، و طمس للمقومات الحضارية للأمم.
ظهور و تطور أدب الأطفال في أهم بلدان الغرب المتطورة
بدأ ظهور أدب الأطفال في كبريات الدول الأوربية كفرنسا و بريطانيا و ألمانيا و الدنمرك و روسيا… ابتداء من أوائل القرن السابع عشر . وقد استلهم كتاب هذا اللون من الأدب الحكايات و الأساطير الشعبية. و الجدير بالذكر في هذا المضمار أن من أهم روافد كتاباتهم ، كتا ب ألف ليلة و ليلة (وخاصة حكايات “علاء الدين و” عالي بابا” و” السندباد البحري”) و كذلك كتاب كليلة و دمنة وكتاب حي بن يقظان وغيرهم من مصنفات التراث العربي التي كانت قد تمت ترجمتها و انتشارها بين أوساط المثقفين في الغرب.
و تنبغي الإشارة هنا إلى أن كتاب أدب الأطفال كانوا في البداية ينظرون إلى الطفل وكأنه راشد صغير، فجاءت كتاباتهم الموجهة إلى الطفل في مرحلة أولى ، على شكل وعظ و إرشاد و توجيهات أخلاقية من منظور الراشدين ، دون مراعاة للخصائص النفسية و القدرات العقلية و الاهتمامات الخاصة للأطفال.
ولقد احتل الكتاب الفرنسيون موقع الريادة في مجال أدب الأطفال، اعتبارا من القرن السابع عشر. وكان في مقدمتهم المؤلف الشهير لكتب الأطفال شارل بيرو Charles Perrault الذي وضع مجموعة قصصية للأطفال ضمت “حكايات أمي الإوزة” و ” الجنية” و ” الجمال النائم” و “ذا اللحية الزرقاء” و غيرها.
و في القرن الموالي ازدادت عناية الكتاب الفرنسيين بالأطفال حيث وضع جان جاك روسو Jean Jacques Rousseau كتاب “إيميل” Emile. ثم نحا نحوه كل من الكاتب جان لافونتين Jean Lafontaine و جيل فرن Jules Verne و الكونتيسا دي سيكور la Comtesse de Segur ،على سبيل المثال لا الحصر.
وفي نفس الفترة ظهر في بريطانيا عدد وافر من الكتاب اهتموا هم الآخرون بالكتابة للأطفال. حيث أنتجوا مجموعة كبيرة من القصص الموجهة للناشئة. لعل من أهمها قصص “رحلات كليفر” Guliver Travels للكاتب جوناثن سويفت Jonathan Swift و قصة ” روبنسن كريزو” Robinson Crusoe لدانييل ديفو Daniel Defoe وقصة “آليس في بلاد العجائب” Alice au pays des Merveilles للكاتب لويس كارول Louis Carol و غيرها.
وفي ألمانيا ، و بالتزامن مع ما حصل في فرنسا و بريطانيا ، ظهرت مجموعة من الحكايات الخرافية من تأليف الأستاذ الجامعي ” مزويس” . إضافة إلى كتابات ” جوته” Goeth الذي استلهم هو الآخر الخرافات الشعبية لإبراز مختلف تجليات الحكمة و المضامين الأخلاقية الكامنة فيها. كما قام الأخوان جاكوب ووليام جريم William Grimو Jacob بتأليف مجموعة من الأقاصيص للأطفال تحت عنوان ” حكايات الأطفال”.
وفي الدانمرك، برز رائد أدب الطفل المرموق هانص كريستيان آندرصون Hans Christian Anderson، الذي نشر العديد من قصص الأطفال. كان من أشهرها “البطة القبيحة” و ” فتاة المباراة الصغيرة”.
و في روسيا نشرت كمية من الحكايات الشعبية المعبرة عن العادات و التقاليد المحلية تحت عنوان ” أساطير روسية”. كما كتب للأطفال الشاعر الكبير ” ألكسندر بوتشكين” Alexandre Poutchkine حيث نظم قصيدة موجهة للأطفال خصيصا بعنوان: ” حكاية الصياد و السمكة”. و ألف الكاتب المشهور لييون تولستوي Leon Tolstoi كتبا خاصة للصغار. وكذلك فعل الكاتب المرموق ماكسيم كوركي Maxim Gorki مؤلف رواية ” الأم” الذائعة الصيت.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية بدأ الاهتمام بأدب الطفل اعتبارا من القرن الثامن عشر و استمر في التطور و التنوع إلى أن بلغ شأوا لا يضاهى خلال أواسط القرن العشرين. و من بين مشاهير رواد أدب الطفل في أمريكا الكاتبان المعروفان هاريس و مارك توين Harris و Mark Twain إضافة إلى كل من أليينور بورتر Eleonor Porter و براون جاريل Brown Jarrel . و في هذا المضمار ينبغي التنويه بالابتكار الذي أحدثته الكاتبة صارا كوم براون Sara Come Brown و الذي أسمته ” ساعة القصة” أو ” درس القصة”. “The story hour“ أو” The story lesson“.
وقد أصبحت ساعة القصة تقليدا متبعا و جزءا من المنهج التعليمي في العديد من المؤسسات التعليمية و المكتبات الخاصة بالأطفال في أميركا ، حيث يتحلق الأطفال حول المعلم أو المعلمة للاستماع بتمعن إلى قصة قد تم اختيارها سلفا ، و يناقشونها بشغف و بحماس كبيرين.
الشيء الذي اظهر مدى المتعة التي يجدها الأطفال في الإصغاء سويا إلى سرد الحكايات و الأقاصيص. كما أظهرت التجربة درجة تفاعلهم مع مضامين تلك الحكايات.
و الواقع أن أدب الأطفال بكل أشكاله ووسائطه قد عرف في أمركا طفرة هائلة من حيث الكيف و الكم إذ بلغ عدد دور النشر المهتمة بطباعة و توزيع كتب الأطفال 400 دار للنشر . وقد قامت بنشر و توزيع 100 ألف كتاب، أي حوالي 30% من مجموع ما قد تم إصداره من كتب الأطفال عبر العالم. و تميز جل هذه الكتب بسماكة و جودة الورق، فضلا عن جمال الصور و جاذبيتها. ناهيك عما تمتاز به من فرادة في الإخراج و تألق في المظهر.
و اعتبارا من أواخر القرن العشرين و نتيجة للانفجار الغير المسبوق الذي حصل في ميدان الالكترونيات و الحوسبة و الرقمنة ووسائل الاتصال و التواصل، فقد تنوعت المظاهر و المضامين و الأشكال التي بدأت تكتسيها المعارف الموجهة للأطفال. كما اختلفت وسائطها و نواقلها.
جاء ذلك نتيجة للتطور المذهل للصناعات الثقافية و تقنيات الترفيه و الإمتاع و التسلية و الفرجة و ما أوجدته من طرائق التوجيه البيداغوجي ومنهجيات التأطير الديداكتيكي…
وخلاصة القول في هذا المضمار هي أن الطفل أصبح في الدول المتقدمة،أكثر من أي وقت مضى، محل عناية الجميع و موضوع اهتمام الكل باعتباره راشد الغد ،الذي يجب إعداده اليوم على الوجه الأكمل ليكون في مستوى ما يواكب ظاهرة العولمة من تحديات جسيمة و ما سوف تفرزه من رهانات مصيرية ليس من الحكمة و لا من التبصر تجاهلها و إغفالها.
أدب الأطفال في العالم العربي
رغم وجود تقاليد سردية تهم الراشدين و الأطفال في التراث العربي، مثل حكايات ألف ليلة و ليلة وكليلة و دمنة و سيف ابن ذي يزن و أبي زيد الهلالي و حكايات عنترة بن شداد و الزير سالم و غيرها،إلا أن أدب الأطفال المتسم بالمواصفات و الخصائص التي عرف بها في الأمم المتقدمة ، لم يتبلور في العالم العربي إلا بعد قرون من ظهوره و انتشاره في الغرب. وذلك نتيجة لعدة عوامل لعل من أهمها الأمية و البداوة و التخلف و نظرة الدونية التي يعاني منها الطفل في المجتمعات العربية.
الواقع أن أول مجهود قيم به في العالم العربي من أجل إنتاج أدب للأطفال جدير بهذا الاسم هو ما تم في مصر في عهد محمد علي باشا ، حيث قام رفاعة الطهطاوي الذي كان مسئولا عن التعليم في ذلك الوقت ، بترجمة “حكايات الأطفال” للكاتب الفرنسي المتقدم الذكر شارل بيرو Charles Perrault إلى العربية و أدخل قراءة القصص في المنهج المدرسي. إلا أن أدب الأطفال لم يأخذ مكانته الحقيقية في مصر و في العالم العربي ككل إلا في عشرينيات القرن المنصرم.
و كان ذلك على يد محمد الهراوي الذي كان أول من ألف كتبا للأطفال خصيصا. كما وضع كامل الكيلاني هو الآخر العديد من القصص للأطفال منها :”السندباد البحري” و”حكايات جحا” وأساطير الحيوان”. وقد اهتم بأدب الأطفال أمير الشعراء أحمد شوقي الذي ترجم إلى العربية كتاب Les Fables de Lafontaine (خرافات لافونتين). بيد أن أهم رواد أدب الأطفال وأغزرهم إنتاجا في الوقت الراهن على مستوى مصر و العالم العربي على وجه العموم، هو الكاتب المرموق الأستاذ عبد التواب يوسف الذي وافاه الأجل المحتوم في أواخر السنة المنصرمة. حيث إنه قد أثرى المكتبة العربية بما يربو على 620 كتابا للأطفال في شتى المجالات. منها 595 طبعت في مصر و 125 طبعت في بلدان عربية أخرى.
و تلا مصرفي تطوير أدب الطفل لبنان ، حيث أنشئت مجلات مصورة خاصة بالأطفال ، وظهرت قصص موجهة لهذه الشريحة الاجتماعية، من بينها قصص : “الوطواط” و ” طرزان” و “سوبر مان” و غيرها.
وفي سوريا ظهر كذلك اهتمام بأدب الطفل تجلى في وضع قصص و أناشيد و معزوفات و مسرحيات ظهرت تحت عنوان “ديوان الأطفال”. و في فلسطين برز رائدان أوليا عنايتهما لتطوير أدب الطفل من خلال تأليف حكايات للأطفال. يتعلق الأمر بالشاعر و الباحث علي الخليلي و الكاتب عبد الرحمن عباد.
و في الأردن وجدت كذلك عناية ملحوظة بتطوير أدب الطفل ، حيث أنشئت مجلة “سامر عامر” التي اشترك في تغذيتها بالكتابات كل من أحمد حسن أبو عرقوب و الشاعر محمد القيسي و محمد شقير و فخري قعوار و غيرهم.
و في العراق ظهر ابتداء من أوائل السبعينيات جيل من الكتاب و الفنانين و الإعلاميين مهتمين بأدب الطفل في مختلف تمظهراته. في مقدمة هؤلاء كان الشاعران الكبيران معروف الرصافي و الزهاوي، حيث كتبا أناشيد موجهة للأطفال. و أنشئت كذلك صحافة خاصة بالنشء تمثلت في مجلات مختصة مثل مجلة ” مزمار” و ” مجلتي” فضلا عن برامج إذاعية و تلفزيونية تستهدف الأطفال بالدرجة الأولى.
كما تنامى الاهتمام بأدب الطفل في دول الخليج ابتداء من أواسط القرن الماضي. فأنشئت مجلات تعنى بالناشئة مثل مجلتي “سعيد” و ” العربي الصغير” في الكويت، إضافة إلى مجلة “حسن” التي كانت تصدر عن دار عكاظ، و مجلة ” الجيل الجديد” في السعودية حيث برز كتاب للأطفال نذكر منهم على سبيل المثال عزيز ضياء و إسحاق يعقوب.
في نفس الفترة نشأ وعي ملحوظ بضرورة تطوير أدب الأطفال في بلدان المغرب العربي. ففي ليبيا اشتهر كاتبان باهتمامهما بأدب الطفل و هما يوسف الشريف و محمود فهمي اللذان أصدرا مجموعة قصصية للأطفال، نذكر منها قصة ” الراعي الشجاع”. وفي تونس تميز كذلك بعض الكتاب بعنايتهم بأدب الطفل.لعل أشهرهم محمد العروصي الذي كتب عدة مجموعات قصصية للأطفال من بينها :”أبو نصيحة” و”القاضي الجيلاني” و ” بوشنب”.
و في المغرب قد ظهر منذ بداية السبعينيات رعيل أول من الكتاب المهتمين بأدب الأطفال، أنتجوا مجموعة من القصص منها : ” السندباد الصغير” و” حكايات جدتي”. و قد أنشئت هنالك مجلات خاصة بالطفل منها: مجلة ” الأنوار” و مجلة “أنيس” و مجلة ” الإرشاد”. و من ابرز الكتاب المغاربة المهتمين بأدب الطفل يمكن ذكر : مصطفى غزال و مصطفى رسام و محمد شفيق و أحمد عبد السلام البقالي و العربي بن جلون.
و في الجزائر وجد أيضا اهتمام كبير بترقية و تطوير أدب الطفل. وآية ذلك أن الشركة الوطنية للنشر و التوزيع قد نشرت العديد من كتب الأطفال ضمن ما عرف بسلسلة الأدب “كاستور” و غيرها.
هذا ما يمكن قوله بشكل موجز عن وضعية أدب الأطفال في العالم العربي. وهذه الوضعية تبدو بالغة الضعف و الاختلال إذا ما تمت مقارنتها بالوضعية التي تميز أدب الأطفال في البلدان المتقدمة، حيث أن تقارير اليونسكو ذات الصلة تظهر أن الرصيد العربي من الإنتاج العالمي لكتب الأطفال لا يتجاوز 1،1% رغم وجود 35 مليون طفل عربي متعطشين للقراءة.
وحسب نفس التقارير، فإن معدل ما يقرأه الطفل العربي هو ربع صفحة في السنة!! و معدل قراءته خارج المنهج الدراسي هو 6% في السنة ! في حين يقرا الطفل في الغرب 50 كتابا في السنة! وهذه الوضعية وإن كانت مفارقة بالنظر إلى الموارد الاقتصادية الكبيرة التي تتوفر عليها الأمة العربية و الريادة الثقافية التي اضطلعت بها عبر التاريخ بصفتها أمة ” اقرأ”، فإنها متوقعة في السياق العربي الحالي الذي يبلغ فيه معدل نسبة الأمية ما يربو على 30% و لا يتجاوز فيه معدل الوقت الذي يخصصه الفرد العربي للقراءة 6 دقائق في السنة !!!
و هذا في وقت أظهر فيه استطلاع رأي أجري في العاصمة الصينية مؤخرا أن المواطن الصيني يقرأ في المتوسط 5 كتب في السنة!
وتتنزل هذه الوضعية المزرية لأدب الطفل في العالم العربي في نسق دولي معقد أضحت فيه العناية ببناء العقول و إعداد الأجيال أولوية إستراتيجية ملحة، و ترسخت فيه القناعة لدى أولي النهى أن أنجع استثمار هو ما ينفق في تكوين رأس المال البشري وتنمية الموارد العلمية و التقنية. و هذا ما أدى إلى كون الصناعات الثقافية و الإبداعية و الترفيهية باتت تحتل اليوم المركز الثالث بعد قطاعي البناء و السياحة في بعض الإقتصادات الغربية.
و بالنظر إلى كل هذه الاعتبارات و هذه المعطيات و الحقائق فإن تطوير أدب الأطفال و الارتقاء بمستواه لا يمكن اعتباره ترفا أو شأنا ثانويا أو أمرا كماليا، و إنما هو السبيل الأوحد لإعداد الأجيال الصاعدة و تأهيلها لمواجهة متطلبات العصرنة و الحداثة و التنافسية الشديدة في نسق دولي مأزوم تزداد فيه حدة الصراع و التدافع بين الأمم من أجل الريادة و التنفذ.
أوضاع أدب الأطفال في موريتانيا
سبق لنا أن تحدثنا في ما تقدم عن الضعف الشديد الذي يعاني منه أدب الأطفال في العالم العربي مقارنة بما عليه الأمر في البلدان المتقدمة. و بما أن موريتانيا تتذيل البلدان العربية في العديد من المجالات، فإن وضعية أدب الطفل فيها لا بد أن تكون متدنية إلى أبعد الحدود. و مرد ذلك في الأساس إلى العوامل التالية:
1ـ ارتفاع نسبة الأمية في البلاد ( أكثر من 35%)
2ـ علو نسبة الفقر الذي يعاني منه المواطنون حوالي (40%)
3ـ ضعف نسبة النفاذ إلى الخدمات المفضية إلى الارتقاء الثقافي، حيث أن نسبة المستفيدين من الانترنت في البلد لا تتجاوز 5، 0%. ما يجعله يحتل مر تبة 19 على ال 21 دولة عربية و مرتبة 33 على 54 دولة إفريقية و مرتبة 158 على ال 195 دولة الموجودة في العالم.
4ـ نقص الخبرات و الكفاءات في مجال التأطير البيداغوجي ووضع الخطط و بلورة المناهج و تصميم البرامج و المقررات و الكتب المدرسية.
5ـ استحكام الارتجالية و اللامنهجية في صياغة المنظومة التربوية الوطنية.
إلى جانب هذه العوامل البنيوية الأساسية فإن هناك معطيات اجتماعية و سيكولوجية و اقتصادية و سياسية قائمة ، أدى تضافرها إلى الغياب التام لأدب الأطفال في البلاد. فعلى الصعيد السوسيو ثقافي و السيكولوجي، تسود في مجتمعنا ومنذ القدم ثقافة استصغار شأن الأطفال و امتهانهم و النظر إليهم بدونية بل و النزوع أحيانا إلى استغلالهم و ممارسة العنف ضدهم و اعتبار كل ما يمت إلى شؤونهم بصلة ضربا من العبث يعتبر الإنشغال به هدرا للوقت و الجهد.
و من ثم فإنهم كانوا قلما يستفيدون من أية عناية على صعيد الملبس و المأكل و المضجع. بل لم يكن يحق لهم إبداء آرائهم و لا التعبير عن طفولتهم. إذ أن ذلك كان يعتبر وقاحة و سوء تربية قد يعرضهم للتعنيف أوالضرب!
كما أن ظروف تنشئتهم و تعليمهم كانت دوما تتصف بالصعوبة و القساوة و المعاناة. و في الوقت الراهن فإن العديد من الأطفال يعانون من إهمال الآباء و الأمهات ومن ضعف الضمير المهني لدى بعض المربين و المؤطرين الإداريين على مستوى المؤسسات التعليمية الوطنية.
و على الصعيد الاقتصادي و السياسي، فإن ضعف وعي معظم الساسة الذين تعاقبوا على البلاد بأهمية التنشئة الصالحة و بمحورية تكوين و تأهيل الموارد البشرية و الضرورة الملحة لرصد ما يتطلبه ذلك من موارد، قد قاد في نهاية المطاف إلى ضعف الاستثمار في قطاع التعليم و التكوين و التأهيل المهني و الحرفي و ترقية الصناعات الثقافية و الفنون الجميلة الهادفة إلى الترفيه و التسلية و الارتقاء بالذائقة العامة وصقل المواهب و تعزيز القدرات العقلية و الملكات الخاصة لدى الناشئة ، سعيا إلى إرساء أسس الحداثة و العصرنة المفضيتين إلى التمدن و التحضر.
كل هذه الإكراهات و العوائق وقفت حجر عثرة في وجه نمو و تطور أدب الأطفال في موريتانيا. فبات ، بالنتيجة، كمية مهملة من طرف جل ساسة البلاد و من قبل نخبها المثقفة و حملة الشأن الثقافي بها، و ذلك على الرغم من غنى الموروث الشعبي بالحكايات و الأساطير و الخرافات و السير البطولية و المغامرات المروية التي تشكل بحق رافدا معتبرا لبلورة أدب رفيع للأطفال في هذا الوطن.
لقد أغفل المثقفون و الكتاب و الأدباء الموريتانيون أدب الطفل و لم يعيروه كل ما يستحقه من عناية على غرار ما حصل في البلدان العربية الأخرى على علاته، كما رأينا.
و بالنتيجة غابت الكتب و المجلات و الأناشيد و الصحف المخصصة للأطفال عن المشهد الثقافي الموريتاني. بل و غاب في ما يبدو حتى الإحساس بالأهمية البالغة التي يكتسيها أدب الأطفال بكل أبعاده ، من اجل تأطير النشء وبناء عقول الأجيال الصاعدة. إلا أنه قد كانت هناك و على نطاق ضيق و عابر بعض الاستثناءات تجدر الإشارة إليها. من بينها على وجه التحديد قيام الكاتبة أمباركة بنت البراء بكتابة بعض القصص للأطفال تحت عنوان “حكايات جدتي” .
ولا بد من الإشارة في هذا الصدد أيضا إلى أن داري النشر الفرنسيتين ” لارماتان” L’harmattan و ” كارتالا ” Karthala قد نشرتا على التوالي مجموعة من القصص الشعبية الموريتانية تحت عنوان ” حكايات عربية موريتانية” Comtes Arabes de Mauritanie و مجموعة من القصص و الأمثلة الشعبية الموريتانية تحت عنوان ” قصص و أمثال موريتانية” Comtes et Proverbes de Mauritanie قامت بجمعها و تنقيحها مجموعة من المثقفين المرموقين بالبلاد و أشرف على ترجمتها إلى الفرنسية الدكتور موسى ولد أبنو و الدكتور محمدو ولد محمدن و ذلك بالتعاون مع الكاتب الفرنسي الراحل بيير بونت Pierre Bonte .كما قامت مجموعة من الباحثين و الأساتذة المشتغلين في ميدان التربية و الثقافة و الأدب ، في بداية السبعينيات ، بإنشاء المركز الوطني لثقافة الطفل.
و قد كان لهذا المركز الفضل في وضع اثنين و عشرين أقصوصة موجهة للأطفال قد استلهمت من الموروثات الشعبية ، من بينها أقصوصة ” خيفرون جيفرون” و أقصوصة ” النعجة البيضاء” و أقصوصة ” كط برقود” و أقصوصة ” الطاووس الذهبي” ، علما أن جميع هذه الأقاصيص ما زالت مخطوطة لم تجد بعد طريقها إلى الطباعة و النشر !!
كما قد قام المركز بإنجاز مسرحية بعنوان ” عنز البزية” . وقد لقيت هذه المسرحية رواجا ملحوظا و سجلت في أشرطة فيديو، و عرضها التلفزيون الوطني ضمن فعاليات اليوم العالمي للطفل. وفي مجال القصة المصورة، قام نادي اليونسكو في موريتانيا بنشر بعض القصص في مجلته ” الهدية” ، في ما أصدر المركز الوطني لثقافة الطفل قصصا مصورة تحت عنوان “الدب و الذيب و الأرنب” و “ديب ودبدوب”، قام بنشرها في العدد الأول و الأخير من مجلة “السنبلة” التي أنشأها و لم يتمكن من الإبقاء على ظهورها لضعف وسائله و عدم تمتعه بأي دعم من أية جهة كانت.
أما صحافة الطفل في البلد فقد انحصرت في زاوية “كالك ما كالك” التي كانت جريدة الشعب تنشر فيها بعض الحكايات الشعبية الموجهة للأطفال، والتي تعتبر حكاية “الحمامتين خوبة و نوبة” إحدى نماذجها المعبرة.
ورغم ما يشكله هذا الغياب التام لأدب الطفل بمختلف أبعاده، من استصراخ مدو لهمم الكتاب و المؤلفين و الأدباء، و استنهاض لضمائرهم فإن العناية بهذا اللون من الأدب مازالت غائبة، والإقبال عليه معدوم.
وهذا ما جعلني شخصيا أنبري منذ سنة 2000 للكتابة في مجال أدب الأطفال والشباب الصغير، لعلي أستدرج آخرين للعمل على كسر هذا الجمود الغير المفهوم و الغير المقبول.
إسهامي الشخصي في بلورة أدب الطفل في البلاد
إن ما قد لاحظته من غياب تام لأدب الطفل في البلد و الذي يتمثل في انعدام الكتب المنتجة محليا و المخصصة لمختلف مراحل الطفولة، و عدم وجود القصص و الشرائط المصورة (BD) و المجلات و صحف الأطفال المتقنة و الرسوم المتحركة المتصلة بخصوصيتنا الثقافية، كل ذلك جعلني أقتحم ميدان الكتابة للأطفال. فقمت سنة 2002 بتأليف و نشر كتاب للأطفال اليافعين عنوانه باللغة الفرنسية (Causeries sur la Mauritanie) و باللغة الانجليزية (Talks about Mauritania) . و هذا الكتاب الذي تمت إعادة طباعته سنة 2011 من قبل دار النشر الفرنسية لارماتان (L’harmattan)، يرمي إلى تعريف اليافعين الموريتانيين بمختلف ولايات الوطن و مساحاتها و مواردها و عادات سكانها و تقاليدهم . كما يسعى إلى لفت انتباه الأطفال إلى العديد من الممارسات الاجتماعية السيئة و المسلكيات السلبية و ما تنطوي عليه من مثالب وأضرار.
من ذلك على سبيل المثال عادة تسمين البنات ” لبلوح” و عادة الخفاض و الزواج المبكر و ظاهرة تفشي الطلاق و تعدد الزوجات … كما يحض على النظافة و الاحتراز من الإصابة بالأمراض المنتقلة جنسيا…و يستهدف الكتاب كذلك تعريف الأجانب بجغرافية و موارد موريتانيا و تنوعها الثقافي و تعددها العرقي و ما يشكله ذلك من تكامل و ثراء.
و من الأمور التي تغياها الكتاب أيضا، توفير نصوص بالفرنسية و الإنجليزية يمكن وضعها رهن إشارة التلاميذ و المدرسين للقراءة و دراسة النصوص، و هذا ما قد قيم به فعلا ، لكن من طرف المدرسة الأمريكية بنواكشوط حيث اعتمدت كتاب (Talks about Mauritania) كمصدر للنصوص التي تقرأ و تناقش في الفصول.
وفي سنة 2002 قمت بتأليف مجموعة قصصية تستهدف الأطفال بعنوان ” من قصص الحيوان” تم نشرها من طرف دار الثقافة بالمغرب، التي تولت توزيعها و تسويقها في الفضاء العربي، إذ لم يكن هناك بد من ذلك.
وقد تم عرضها ضمن المؤلفات المغربية في بعض معارض الكتاب، ( حيث قد وقفت على ذلك بنفسي). و من المفارقة أنه لا وجود لهذه القصص في المكتبات الموريتانية، و لم يتم حسب علمي تقديمها ضمن مؤلفات الكتاب الموريتانيين في معارض الكتب التي تحضرها موريتانيا. وقليل ما هي!.
و المجموعة المصورة هذه تتكون من عشرين أقصوصة. من بينها على سبيل المثال : “الحمير التي تكره ذاتها” و ” الغراب المغني” و ” القرد المتسلط” و الذيب الثري” …. وهي ترمي إلى تسليط الضوء على العديد من الممارسات السيئة و المسلكيات الضارة و المواقف الهدامة المتفشية في المجتمع الموريتاني. و تسعى هذه الحكايات كذلك إلى حض النشء على التحلي بالأخلاق الحميدة و التمسك بالقيم الرفيعة كالصدق و الوفاء و القناعة و الأمانة و التواضع. و تبرز سلبيات وضعة الكذب و الخيانة و الطمع و الصلف و التكبر و التهاون و الكسل.
وقد أعيدت طباعة هذه المجموعة القصصية مجتمعة في كتاب واحد سنة 2012 ضمن منشورات اتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين الذي أنا أحد أعضائه. و آخر المصنفات التي أنجزتها للأطفال هو كتاب من جزأين تحت عنوان « هيا نقرأ يا أولاد”.
تم وضعه لفائدة الأطفال في مرحلة ما قبل التمدرس. و طبع هذا الكتاب طبعة أولى من طرف ” دار جليس الزمان للنشر و التوزيع” بالمملكة الأردنية الهاشمية سنة 2010، ثم صدر في طبعة ثانية سنة 2015 أنجزتها ” دار الفكر” بلبنان.
والجدير بالتنويه أن هذا الكتاب قابل للاعتماد من طرف دول الساحل المجاورة لنا كالسنغال و غامبيا و مالي و حتى النيجر و أتشاد التي بدأت تظهر اهتماما متزايدا بتدريس اللغة العربية . وهذا ممكن إذا ما اتخذت الدولة التدابير الضرورية لذلك، وصولا إلى تعزيز إشعاعنا الثقافي وتوطيد ريادتنا الفكرية التليدة في المنطقة.
تلكم هي المصنفات التي قد قمت بإنتاجها سعيا مني لخدمة أدب النشء وتداركا لانعدام كتاب الطفل في البلاد. و لا بد من الإشارة هنا إلى أني قد قمت بعرض كل واحد من هذه الكتب لدى تأليفي له على الجهات الرسمية التي يفترض أنها مهتمة بهذا النوع من النشاط ، التماسا للمواكبة و الإسناد ، فلم أجد ما كنت أتوقعه من تجاوب أو اهتمام ودعم .
و لا ريب أن هذا الموقف المفارق يعكس درجة وعي متدنية بأهمية أدب الطفل و دوره الكبير في تنشئة الأجيال و الإعداد الأمثل لرجال و نساء الغد . مع أن غدا لناظره قريب كما يقال.
ملاحظات و مقترحات حول سبل النهوض بأدب الطفل في البلاد
لقد أجمع علماء النفس و خبراء التربية و القيمون على عمليات التعليم و التكوين بكل أبعادها، أن مرحلة الطفولة بمختف محطاتها هي مرحلة بالغة الأهمية في سيرورة بناء عقل الإنسان و تهذيب ذوقه وصقل مواهبه و تعهد ملكاته و تشكيل شخصيته. ومن ثم فإن إهمال العناية الفائقة بالطفل يعد إخفاقا في إعداد الموارد البشرية و تأهيلها الكامل للإسهام الفعال في النهوض بالمجتمع.
وعليه فقد بات من الضروري بل من الواجب الملح توفير كل الوسائل و تعبئة كل الموارد و تجييش كل الكفاءات و الخبرات من أجل العمل الممنهج على تأطير و توعية و تكوين الطفل ابتداء من مرحلة الطفولة الصغرى.
وذلك من خلال تزويده بالكتب الملونة الجذابة و القصص المصورة المغرية. فضلا عن المجلات والدوريات و ملاحق الصحف المختصة ، إضافة إلى الأغاني و الأناشيد الملائمة لذهنيته و ذوقه و اهتماما ته . و كذلك بالبرامج الإذاعية و التلفزيونية الموائمة له.
و في هذا المضمار، فإن بالإمكان استقاء قصص و حكايات و أساطير من تراثنا الشعبي المتنوع و الثري من أجل تأليف قصص جميلة و مثيرة لأطفالنا. كما أنه بالإمكان إعداد برامج إذاعية و تلفزيونية و إنتاج أفلام للرسوم المتحركة يتم فيها توظيف حكايات ” شرتات” و نوادر ” ديلول” وطرف “تيب” و” أم العريف” وغيرها مما يحويه تراثنا من حكايات و خرافات و نوادر أخاذة و متفردة.
و لا ريب أن من أهم البواعث على القيام دون توان ببلورة و ترقية أدب ملائم لأطفالنا هي خطورة الاستلاب الثقافي الممنهج الناجم عن استفحال ظاهرة العولمة و تفاقم تداعياتها المفضية ،عاجلا أو آجلا ، إلى طمس الخصوصيات الثقافية للشعوب و تمييع مقوماتها الحضارية تمهيدا لتدجينها و استتباعها ، وذلك في وقت يحتدم فيه الصراع بين الأمم على تحقيق السيطرة و توسيع النفوذ وتسنم موقع الريادة على الساحة الدولية . و آمل أن لا تكون الملاحظات و المقترحات و التوصيات التي تقدمت بها من خلال هذه المحاضرة صرخة بواد و نفخا في رماد بارد. و الله الموفق لما فيه الصواب.
محمد الأمين ولد الكتاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- محاضرة ألقيت في إطار الموسم الثقافي لمؤسسة بلاد شنقيط للثقافة و التنمية بنواكشوط في 7 مايو 2016.
الـمــراجـــع
1ـ دراسة في أدب الأطفال، تأليف د. سميح أبو مغلي، مصطفى محمد الفار و عبد الحافظ محمد سلامة ـ دار الفكر.
2ـ مجلة التعليم العدد 28 سنة 1997.
3ـ مقال ” توظيف الفلكلور في أدب الطفل الموريتاني” ـ محمد عبد الله ولد عمار، المنشور في أعمال الملتقى الدولي الأول حول التراث الثقافي الموريتاني 29،30 نفمبر1999 .
4ـ اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر 1989
5ـ أدب الطفولة بين كامل الكيلاني و محمد الهراوي ـ دراسة تحليلية ناقدة ـ دار المعارف 1994
6 ـ أدب الطفل العربي ـ دراسات و بحوث ـ الدار المصرية اللبنانية.
7 ـ أدب الأطفال العرب – نجلاء نصير بشور ـ مركز دراسات الوحدة العربية – 2012.
8 ـ مقالات : ـ “وداعا يا عميد أدب الأطفال : عبد التواب يوسف”، تاريخ زاخر بالعطاء الأدبي و النقدي ـ عبده الزراع.
ـ” تثقيف الطفل و آليات التنميط و التكييف” ـ عبد الرحيم جبران.
ـ ” أدب الطفل في اليمن بين الحضور و الغياب” ـ بلال قايد عمر ( مقالات نشرت بمجلة الرافد عدد فبراير 2016.
The end of education : redifining the value of school by Neil Postman 1995–9
Problème de la jeunesse, Emile Copferman, Petite Collection Maspero, Paris 1972.–10
11-Cahier de pédagogie moderne. Première étape : école maternelle. Par M.Aristow, édition Bourrelier, paris 1956.
12-Philosophie de l’Education (les Doctrines pédagogiques par les textes) par J.Leif et A.Biancheri. Les Presses de l`Imprimerie Delfa, Suisse. 1er Trimestre 1972.