من بيتها المتواضع في حي “الصطارة” بمدينة روصو، تحمل مارية صبيحة كل يوم، غرابيلها إلى ركنها الخاص بسوق المدينة، لتبدأ عملها الذي ألفته منذ أكثر من عشر سنوات؛ تنظيف الأرز من قشوره وتبييضه وإزالة الشوائب العالقة به.
تغدو مارية البالغة من العمر خمسين عاما، وهي تحمل هم عيالها وتحديات واقعها “الصعب” فهي تقول إن “ارتفاع الأسعار” أثر على دخلها ب”بشكل مجحف” من عملها في هذا المجال.
فوق رصيف الشارع الرئيسي للمدينة، والذي يمر بمحاذاة السوق في عاصمة ولاية اترارزة، تجتمع نسوة تحدرن من أماكن شتى من داخل المدينة وخارجها، يمارسن مهنة بوسائل بدائية جدا، نافسن فيها المصانع الحديثة وجلبن الزبناء.
غرابيل وآلات يجمعن فيها الأرز المنقى من بقايا القشور العالقة والتي لم تستطع أجهزة المصانع عزلها عن حبات الأرز، من هذا تقتات أسر كثيرة في مدينة نهرية تحيط بها مساحات شاسعة، تعتبر أرضية خصبة لشتى أنواع الحبوب والخضروات.
تقول “جينابا” إن “دقتهم واتقانهم في تنظيف الأرز بعد المصانع، هو ما أكسبهن ثقة الزبون، وإن كانت الطريقة بدائية”.
“جينابا” تعرف نفسها بأنها معيلة أسر، ولكنها تشكو هي الأخرى من ارتفاع الأسعار ، وتقول إنه أثر على حركة البيع وضاعف من معاناة “مقشرات” الأرز .
ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومصاريف التنقل بين البيت والسوق، فرض على “عيشه” وهي لاتزال في عقدها الثالث الالتحاق بخالتها لمساعدتها في تعبئة الأغلفة لبلاستسكية وخياطتها، لتعليب الأرز بعد تنظيفه.
لاتخفي “عيشه” ما تعانيه من قساوة المناخ وحرارة الشمس غير أنها ترى الفقر أشد وطأة وأكثر قساوة من كل الظروف وفقاً لتعبيرها .
لاتشتري النسوة الأرز من المصانع، فهي كمايقلن تبيع بأسعار مرتفعة، ولكنهن يتعاملن مع المزارعين مباشرة، إلا أن ذلك يضاعف من معاناتهن، لما يتكبدنه من مصاريف “مجحفة” لحمله، بالإضافة إلى الجهد البدني، الذي يبذلنه في عملية تجهيز الأرز، من تقشيره حتى تعليبه، وفق ما أكدنه لمراسل (صحراء ميديا) في المدينة.
ورغم وجود أكثر من عشرين مصنعاً للتقشير والعشرات من محلات التقشير التقليدي تبقى صويحبات الغرابيل، الأكثر إقبالا ورواجا لدى الأسر وتجار التجزئة لجودته وسعره التنافسي، كما يقلن.