عندما يتابع المرء صراخ منسقية المعارضة الديمقراطية وضجيجها الدائم، لا بد أن يتذكر مقولة العالم الإيطالي الشهير ألدوميلي: إن كثرة الكلام تدل على ضعف العقل !
فهذه الدمية الكرتونية التي سماها أهلها “المنسقية”، ونفخوا فيها من رياح الكلام الخاوي، وأرادوا لها أن تبدوا جميلة وجذابة في أعين الشعب الموريتاني، لا تعدوا كونها ظاهرة صوتية بدأت تصرخ وتطلب “رحيل النظام”، وانتهى بها الأمر إلى أن استحالت حشرجة مبحوحة تسابق الوقت لتجد مقعداً في قطار ديمقراطية كاد أن يفوتها.
وبعد أن تحول مطلب رحيل النظام إلى سراب، وأدركت “خراف المنسقية” أن “قرون اللحم” التي لديهم عاجزة عن هز أركان حكم رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، وبعد أن طردتهم نعال الشعب الموريتاني من الباب، أرادوا أن يدخلوا عليه من النافذة، عبر “وثيقة” طرحوا فيها شروطاً للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وكأنهم يريدون إيهام الجميع أنهم في موقف قوة يخول لهم طرح وإملاء الشروط، وعلى الآخرين -رغم قوتهم- الاستماع والطاعة.. مساكين هي “خراف المنسقية” تكذب وتكذب ثم تكذب، لتصدق في النهاية كذبتها !
المفارقة العجيبة في “وثيقة” المنسقية، هي أنها تعيد نفس الخطأ التاريخي الذي ارتكبته هذه الأحزاب سنة 2011، عندما فتح لها الرئيس محمد ولد عبد العزيز وموالاته الأذرع والأحضان للدخول في حوار وطني شامل وصريح، ولكنهم فضلوا التلكؤ والتردد، ووصل بهم التمادي في الغرور أن يضعوا النتائج المنتظرة من الحوار شروطاً للدخول فيه، ولو تحققت هذه الشروط فلا داعي للحوار أصلاً، ولكنهم في الحقيقة لم يكونوا يريدون حواراً ولا نتائج ولا ديمقراطية ولا هم يحزنون !
نفس السيناريو يتكرر الآن، فها هي المنسقية تضع العربة أمام الحمار مرة أخرى، وتطلب تشكيل حكومة جديدة تكون شريكة فيها، لتتولى مهمة الإشراف على الانتخابات المقبلة، ولكن البعض يسأل عن فائدة الانتخابات إذا لم تكن ستحدد لنا الأغلبية من الأقلية، ومن يحكم ومن لا يحكم.. والبرنامج الانتخابي الذي يريده الشعب الموريتاني وذلك الذي لا يريده ؟
لعل هذه الحكومة التي يقودها الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف، وتبذل جهداً حثيثاً لتطبيق برنامج رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، تشكل كابوساً يقض مضاجع “عجزة المنسقية”، وتمنع النوم عن شيوخ خارت قواهم من السعي الدؤوب بين “مسجدي المغرب وابن عباس”.
لقد استطاع الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف خلال السنوات الأخيرة، أن يلقم قادة المنسقية أكثر من حجر، فكان يرد على كلامها النابي ونقدها الساقط المبتذل، بإنجازات على الأرض لا يمكن لعاقل أن يكذبها أو أن يشكك في أهميتها.. ولكن غشاوة المواقف المسبقة والحقد الدفين تمنع القوم من رؤية الحقيقة، وكما يقول المثل الحساني: من لم ير الشمس فلا تره إياها !
مرت الآن أربع سنوات على انتخاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز، واختياره من طرف الشعب الموريتاني الذي أعطاه ثقته التامة ليطبق برنامجه الانتخابي الذي حمل آمال وطموحات هذا الشعب المطحون منذ خمسين عاماً، ذلك البرنامج الانتخابي الذي شكل المرجعية الأساسية والثابتة لعمل الحكومة، والذي كان الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف العين الساهرة على تطبيقه بأدق تفاصيله.
فقد تمكنت حكومة ولد محمد الأغظف من ترقية المسار الديمقراطي في البلاد، من خلال إنجازات واضحة للعيان تمثلت في إنشاء لجنة مستقلة للانتخابات، وإنجاز حالة مدنية بيومترية عصرية من خلال السجل الوطني للتقييد السكاني والوثائق المؤمنة، إضافة إلى سن قوانين شكلت مطلباً للنخبة السياسية طيلة العقود الماضية، من بينها منع الترحال السياسي وفرض حياد الإدارة في العملية الانتخابية.. إلخ.
هذه الحكومة التي يقودها الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف، والتي تحظى بثقة رئيس الجمهورية وملايين من الشعب الموريتاني، تمكنت في فترة وجيزة من تقوية دولة القانون وتطوير الإدارة وتوسيع فضاء الحريات وتعزيز مكانة الدولة على المستوى الخارجي.
لقد استطاع الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف -رغم تشويش المعارضة- أن يعمل بصمت ليجسد الأبعاد المتعددة للبرنامج الانتخابي الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية سنة 2009، وتمثل ذلك البرنامج الذي يلامس معاناة الشعب الموريتاني، في إنجازات متعددة على المستوى الصحي والتعليمي والخدماتي؛ ومشاريع ذات بعد نفعي على غرار خطة أمل 2012 التي استطاعت امتصاص آثار الجفاف الذي ألحق أضراراً كبيرة بالبلدان المجاورة فيما سلمنا نحن منه بفضل الله أولاً وبجهود حكومتنا.
بتاريخه ناصع البياض، وسيرته الذاتية المشحونة بالتحصيل العلمي والعمل الدبلوماسي، مثل الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف الرجل التكنوقراطي القادر على خدمة بلده بعيداً عن التجاذبات السياسية، والمصالح الشخصية الآنية، فكان بحكم تخصصه الكيميائي مدركاً لخطورة المختبر السياسي وما يمكن أن يحدث فيه من انفجارات وتفاعلات خطيرة على مستقبل ومصير البلد.
كان ولد محمد الأغظف بحكم خبرته الكيميائية يعرف تفاصيل المعادلة السحرية التي يحتاجها هذا البلد، للخروج من عنق الزجاجة، ويضع كل ثقته في الخطط التي طرحها رئيس الجمهورية لتحقيق آمال وطموحات هذا الشعب المسكين؛ فأعطى من وقته وجهده ولم يترك لنفسه وقتاً للنوم أو الراحة.
لم يكن النوم سهلاً على من يخوض حرباً لا هوادة فيها على الفساد الذي كان يجسد ثقافة متجذرة في العقلية الموريتانية وممارسة يومية لدى المسؤول والوزير وحتى الرئيس، وحرباً أخرى أكثر شراسة على الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، في محيط إفريقي يمتاز بالخطورة والتعقيد.
واستطاعت بلادنا أن تحقق النصر في حروبها، فرشدت الكثير من الموارد بفضل سياسة الحكم الرشيد وحماية المال العام من التبذير والاختلاس، كما تطورت قواتنا المسلحة وأصبحت الجيش الوحيد في المنطقة الذي تهابه خفافيش القاعدة وأخواتها، فصال وجال في المنطقة واصبحت حدودنا محرمة على دعاة الإرهاب والفكر المتشدد.
كل هذا تحقق والدمية المسماة “المنسقية” تمارس هواية المشي في شوارع نواكشوط، وتبني أحلامها بالمهرجانات والخطب الحماسية، والتي تتجاوز فيها حدود اللياقة والأدب، فبقيت تراوح مكانها وتعيش على أوهام الماضي، وهي لا تدرك أن تطلعات الشعب الموريتاني تجاوزتها؛ ولكن كما سبق وأن قال لها الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف تحت قبة البرلمان: إن العالم تغير فعليكم أن تتغيروا معه