أبلغت مصادر شديدة الاطلاع في شمال مالي صحراء ميديا بأن جماعة أنصار الدين وقوات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي المساندة لها تكبدت خسائر كبير في العتاد والآليات والاسلحة، غير أن تلك المصادر أكدت أن الخسائر في الأرواح “كانت قليلة”.
وعزت المصادر ذلك إلى انتهاج المسلحين الإسلاميين لخطة وقائية منذ بدء الحملة العسكرية الفرنسية أواسط شهر يناير المنصرم، تمثلت في الابتعاد عن السيارات المستهدفة بالقصف الجوي.
وأوضحت أن المسلحين باتوا يتجنبون الطرق المعبدة أو التحرك خلال النهار، مفضلين التنقل ليلا مع إطفاء مصابيح السيارات، ويعتمدون في ذلك على خبرتهم الطويلة في طرق المنطقة.
ففي مدينة كونا قتل حتى الآن أربعة مسلحين من بينهم قياديان بارزان هما محمد اغ علي الملقب كوجاك؛ الذراع الأيمن لابراهيم اغ بهنغا سابقا، والحسن اغ وانسنت الملقب بوليس، بالإضافة إلى سبعة جرحى نقلوا على الفور الى تينبكتو وتلقوا العلاج ومنها الى مناطق باقصى الشمال،
بينما اكدت مصادر من تينبكتو مقتل عدد من عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في كونا دون ان تحدد العدد، وكان يدير معركة كونا امير جماعة انصار الدين اياد اغ غالي؛ بحسب ما أكدت المصادر.
وفي جابلي؛ في الغرب، حيث دارت معارك عنيفة يقال إن القيادي في تنظيم القاعدة امير كتيبة طارق ابن زياد عبد الحميد ابو زيد كان يقودها، لم يتكبد المسلحون خسائر تذكر، حيث أكد مشاركون في المعركة التي جرت بين الجماعات الاسلامية والجيش المالي، أن المعركة أسفرت عن قتيل واحد في صفوف المسلحين وعدد من الجرحى.
الانسحاب
بعد أن سيطر الجيش المالي على جابلي والمناطق المجاورة لها باقل الخسائر بدأ التدخل الفرنسي وقصفت كونا، وتلقى المسلحون أوامر بالانسحاب الفوري واخلاء المنطقة و انسحبوا في نفس اليوم ، لكن الطيران الفرنسي كثف من طلاعاته الجوية بطائرات الرصد والاستطلاع وهجمات خاطفة للطيران الحربي ما جعل أرتال المسلحين تتوزع الى مجموعات صغيرة، ولعل اكبر خسارة لها في الارواح والعتاد كانت نتيجة لخطأ ارتكبه احد عناصرها بإضاءته مصابيح احدى السيارت ما كشفهم للطائرات الاستطلاعية، وفي اقل من خمس دقائق قصفتهم طائرة حربية، وهو ما أدى إلى مقتل ما يقارب العشرون واحترقت 9 سيارات رباعية الدفع مجهزة بالاسلحة الثقيلة؛ على حد قول المصادر.
ويرجع البعض غياب رواية الجماعات الإسلامية لما يحصل في الدائرة في الشمال المالي إلى أن القصف الفرنسي يعتمد على آلية تحديد المواقع (الجي بي اس)، الموجودة في الهواتف المربوطة بالأقمار الاصطناعية التي يستخدمها المقاتلون الإسلاميون في الصحراء التي تنعدم فيها الشبكات الارضية، فاضطر المسلحون إلى إصدار تعليمات صارمة بمنع استخدام تلك الهواتف، وحتى وضع البطارية بداخلها، وهو ما وضع تلك الجماعات في عزلة إعلامية كبيرة.
ونفى عناصر من الحركة الوطنية لتحرير أزواد وعدد من وجهاء المنطقة، الذين رافقوا القوات الفرنسية واتشادية في عملية تمشيط معاقل القاعدة وأنصار الدين، نفوا صحة ما أعلنه الجيش اتشادي من أنه قتل 47 مسلحا، مؤكدين أنه “لم يقتل نصف العدد المذكور”.
وأوضحوا أن اغلب المواقع التي دخلها التشاديون كان لديهم علم بخلودها من المسلحين الاسلاميين الذين فروا امام القصف الفرنسي الكثيف.
ذات المصادر اكدت رواية الجيش التشادي باستيلائه على اكثر من 50 سيارة رباعية الدفع مجهزة بالاسلحة الثقيلة، مضيفين بانه غنم تلك السيارات والعتاد بعد ان تخلى عنها اصحابها خوفا من القصف الفرنسي الذي يستهدف الآليات.
أما في غاو فكان عدم التنسيق بين الجماعات الاسلامية المسيطرة هنالك واضحا (أنصار الدين والقاعدة)، فانسحب مقاتلوها مباشرة بعد سماع أخبار القصف الفرنسي لجماعة أنصار الدين في كونا، وهو ما وقع في ولايتي تمبكتو وكيدال، حيث انسحب أغلب المحسوبين على الجماعات الاسلامية المسلحة وذوي الميول السلفي الجهادي من المدن، بينما اسس الجناح المعتدل لانصار الدين في كيدال حركة ازواد الاسلامية بقيادة العباس اغ انتالا والشيخ اغ اوسا واعلنوا انشقاقهم عن انصار الدين، الامر الذي دفع عددا كبيرا من مقاتلي انصار الدين إلى الالتحاق بالحركة الوليدة، وشجع ذلك التيار المعتدل من انصار الدين في تينبكتو على الإعلان عن انشقاقهم عن انصار الدين وانضمامهم للحركة الوطنية لتحرير ازواد.
وبسبب غياب التنسيق بين القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وكتيبة (الموقعون بالدماء)؛ المنشقة عن القاعدة، تأخر انسحاب عناصر الكتيبة، التي يقودها القيادي الشهير مختار بلمختار الملقب بلعور، من المدن، حيث جابهوا وتصدوا للجيشين الفرنسي والمالي، ونفذوا عدة هجمات، ولا يزال مقاتلوها يتمركزون بالقرب من مدينة كيدال؛ حيث تدور مناوشات بينها وبين الجيشين المالي والفرنسي في منطقة امناس.
وأكد مصدر من الجيش المالي لصحراء ميديا مقتل ثلاثة من الطوارق وجنديين ماليين وسقوط عدد من الجرحى، فضلا عن مقتل جندي فرنسي أكد الأليزيه مصرعه، وذلك خلال معارك دارت بين الطرفين منذ نحو أسبوع.
ولا يكاد يمر يوم دون ان تسجل مناوشات او هجمات تستهدف الجيشين المالي والفرنسي في المناطق الوقعة شمال شرقي غاو امناس وان اظاوكن وان اضيلم، وكلها مناطق لا تبعد اكثر من 70 كلم شمال شرق غاو.