ليس هناك ـ باستثناء المتأرجحين أو من يشعرون بالأسف ـ من يتغافل عن حجم المكاسب الوطنية التي تحققت من حوار الطبقة السياسية الوطنية خلال الأشهر القليلة الماضية، هذا الحوار الذي هدف إلى إعادة تأسيس وتركيب عوامل الثقة بين ساسة البلد تمهيدا لخلق مناخ ملائم وأرضية صالحة لحياة سياسية سليمة لا علاقة لها برواسب الماضي وتراكمات إرثه الثقيل.
لقد اتضح للجميع ـ خصوصا من حرموا أنفسهم فرصة المشاركة فيه ـ أنه كان حوارا جديا، جادا وقيما، وقد تحقق معظم ما تم الاتفاق عليه والتوصل إليه من خلال الحوار في كل القضايا التي تمس جوهر الاهتمام العام، وكانت أحدث مكاسب هذا الحوار هي تشكيل جهاز حكومي رفيع المستوى مخصص لمحو آثار الاسترقاق بما يمكن ضحاياه السابقين من استعادة حقوقهم وكرامتهم وفي جو بعيد من الإثارة ومنطق الانتقام والحقد.
بيد أن من لم تعجبهم نتائج هذا الحوار لسبب أو لآخر خصوصا من أولئك الأوفياء لخطهم الثابت على التأرجح بالسعي خلف مصالحهم الذاتية الضيقة، حسبوا هذه النتائج على طريقتهم التقليدية وانطلقوا في حملة مستعرة ضد هذا الحوار باطنها النقمة ندما على ما فرطوا فيه إذ لم يكونوا ضمن صناع هذا الحدث التاريخي، وظاهرها الغيرة على مصالح الوطن طبقا لمفهومهم الشخصي وحساباتهم الذاتية.
هم لم يكونوا يوما حيث تكون المصلحة العامة إلا إذا كانت تتقاطع مع مصالحهم الشخصية، ونهجهم الراسخ هو التأرجح بين الأقطاب حتى تتضح وجهة المصلحة وفي أي مرفىء سترسو.
لم يحقق هؤلاء ما كانوا يتصيدونه عندما اتجهوا للأغلبية ، فغازلوا المعاهدة ، لكن هذه الاخيرة ووفاء لإسمها لا تريد التورط مع جماعة تحتاج الكثير من العوامل والمؤثرات الذاتية والخارجية لكي تحافظ على العهد وتتوفر على شروط التعاهد ومستلزماته وأخلاقياته، وقد كان لهذا الرفض اللبق ـ ولكن الصارم أيضا ـ من المعاهدة ما جعل المتأرجحين يطلقون هذه الحملة الإعلامية التي تجاوزت حدود اللباقة ولم تكتف بالإيماء والتلميح حتى أنها أشارت بصريح العبارة إلى زيارة عادية من الرئيس بيجل ولد حميد والقيادي في حزب الاتحاد من اجل الجمهورية احمد ولد باهيه للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات تلبية لدعوة من هذه الاخيرة للتشاور وتبادل وجهات النظر حول الموسم الانتخابي المقبل وهو أمر عادي بل ومطلوب لأنه يدخل ضمن مطالب ونتائج الحوار السابق طبقا لما أكده الرئيس بيجل في أكثر من نشاط إعلامي مارسه في الفترة الاخيرة.
كل ذلك وغيره جعل هذه الحملة في النهاية مجرد جملة اعتراضية في مسار المعاهدة هي بعدها متواصلة متدفقة في مجراها، لا، بل هي (أي المعاهدة) متماسكة متراصة أكثر من ما مضى.
إنها أيضا لا تزال على موقفها العلني الداعم لمبادرة الرئيس مسعود ولد بلخير معتبرة إياها حلا فوريا للواقع الحالي، بل ولأنها تستند في كل نقاطها ومحاورها على الحوار السابق، وبقدر قليل من التحليل عميقا كان أو سطحيا لهذه المبادرة تتأكد مصداقية هذا التوصيف، وحتى الرئيس مسعود نفسه يعترف صراحة بأن الحوار هو المحرك ووقود مبادرته.
والأغرب في الأمر هو دعوة هؤلاء المتأرجحين (أولئك الذين وصفهم الرئيس بيجل بالمرتبكين) لحوار سياسي جديد، لكأن ساستنا لم يعد لهم من هم سوى الحديث والحوار ثم الحديث والحوار حتى لا يبقى سوى الحديث والحوار، ولن يكون هناك وقت حتى لتنفيذ نتائج هذا الحديث والحوار ما دام كل الوقت لا يستهلك إلا في الحديث والحوار، ولنتساءل هل الوضعية السياسية الآن وكذلك وضعية البلد بأكمله تحتمل أو تستدعي حوارا وحديثا لا يليهما سوى حوار وحديث أيضا؟
الإجابة بطبيعة الحال هي كلا، وليست هذه دعوة للتوقف عن التشاور والحوار حول أوضاع البلد، بل هي دعوة للتجاوز نحو الاهم ولخلق الأرضية الشرعية والدستورية لأي حوار مستقبلي خصوصا وأن كل مؤسساتنا السياسية الحالية لم تعد قائمة من الناحية الدستورية لا النواب ولا العمد ولا أعضاء المجالس البلدية، وتوشك مؤسسة الرئاسة نفسها أن تدخل في نفس الوضعية.
وبخصوص التوصيف الأخير نرى أن الوقت قد حان للشروع والتمهيد للاستحقاقات المقبلة التي ستمكن من خلق مؤسسات تمتلك الشرعية الدستورية للدعوة إلى أي حوار أو تشاور بين مكونات الطيف السياسي الوطني، وسيكون هناك متسع من الوقت أمام الجميع خصوصا وأن الحكومة قد اتخذت كافة الاحتياطات اللازمة بما في ذلك الضمانات الكافية لتنظيم الاستحقاقات المقبلة في موعدها المحدد أي في شهر أكتوبر المقبل، وبعدها يمكننا أن نتشاور أو نتحدث في جو دستوري وبكامل شرعيتنا وصلاحياتنا.
على كل حال ـ وبرغم محاولات المتأرجحين أو المرتبكين وفق وصف الرئيس بيجل ـ لا جدال في حصانة (حتى لا أقول قداسة) حوارنا السابق ونتائجه الثمينة، فهو فعلا خط أحمر وشرط أساسي لتفتح “المعاهدة” ذراعيها لكل من يريد الإنضمام إليها سواءا كان جادا ووطنيا بالفعل أو كان متأرجحا أو “مرتبكا”.
لقد اتضح للجميع ـ خصوصا من حرموا أنفسهم فرصة المشاركة فيه ـ أنه كان حوارا جديا، جادا وقيما، وقد تحقق معظم ما تم الاتفاق عليه والتوصل إليه من خلال الحوار في كل القضايا التي تمس جوهر الاهتمام العام، وكانت أحدث مكاسب هذا الحوار هي تشكيل جهاز حكومي رفيع المستوى مخصص لمحو آثار الاسترقاق بما يمكن ضحاياه السابقين من استعادة حقوقهم وكرامتهم وفي جو بعيد من الإثارة ومنطق الانتقام والحقد.
بيد أن من لم تعجبهم نتائج هذا الحوار لسبب أو لآخر خصوصا من أولئك الأوفياء لخطهم الثابت على التأرجح بالسعي خلف مصالحهم الذاتية الضيقة، حسبوا هذه النتائج على طريقتهم التقليدية وانطلقوا في حملة مستعرة ضد هذا الحوار باطنها النقمة ندما على ما فرطوا فيه إذ لم يكونوا ضمن صناع هذا الحدث التاريخي، وظاهرها الغيرة على مصالح الوطن طبقا لمفهومهم الشخصي وحساباتهم الذاتية.
هم لم يكونوا يوما حيث تكون المصلحة العامة إلا إذا كانت تتقاطع مع مصالحهم الشخصية، ونهجهم الراسخ هو التأرجح بين الأقطاب حتى تتضح وجهة المصلحة وفي أي مرفىء سترسو.
لم يحقق هؤلاء ما كانوا يتصيدونه عندما اتجهوا للأغلبية ، فغازلوا المعاهدة ، لكن هذه الاخيرة ووفاء لإسمها لا تريد التورط مع جماعة تحتاج الكثير من العوامل والمؤثرات الذاتية والخارجية لكي تحافظ على العهد وتتوفر على شروط التعاهد ومستلزماته وأخلاقياته، وقد كان لهذا الرفض اللبق ـ ولكن الصارم أيضا ـ من المعاهدة ما جعل المتأرجحين يطلقون هذه الحملة الإعلامية التي تجاوزت حدود اللباقة ولم تكتف بالإيماء والتلميح حتى أنها أشارت بصريح العبارة إلى زيارة عادية من الرئيس بيجل ولد حميد والقيادي في حزب الاتحاد من اجل الجمهورية احمد ولد باهيه للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات تلبية لدعوة من هذه الاخيرة للتشاور وتبادل وجهات النظر حول الموسم الانتخابي المقبل وهو أمر عادي بل ومطلوب لأنه يدخل ضمن مطالب ونتائج الحوار السابق طبقا لما أكده الرئيس بيجل في أكثر من نشاط إعلامي مارسه في الفترة الاخيرة.
كل ذلك وغيره جعل هذه الحملة في النهاية مجرد جملة اعتراضية في مسار المعاهدة هي بعدها متواصلة متدفقة في مجراها، لا، بل هي (أي المعاهدة) متماسكة متراصة أكثر من ما مضى.
إنها أيضا لا تزال على موقفها العلني الداعم لمبادرة الرئيس مسعود ولد بلخير معتبرة إياها حلا فوريا للواقع الحالي، بل ولأنها تستند في كل نقاطها ومحاورها على الحوار السابق، وبقدر قليل من التحليل عميقا كان أو سطحيا لهذه المبادرة تتأكد مصداقية هذا التوصيف، وحتى الرئيس مسعود نفسه يعترف صراحة بأن الحوار هو المحرك ووقود مبادرته.
والأغرب في الأمر هو دعوة هؤلاء المتأرجحين (أولئك الذين وصفهم الرئيس بيجل بالمرتبكين) لحوار سياسي جديد، لكأن ساستنا لم يعد لهم من هم سوى الحديث والحوار ثم الحديث والحوار حتى لا يبقى سوى الحديث والحوار، ولن يكون هناك وقت حتى لتنفيذ نتائج هذا الحديث والحوار ما دام كل الوقت لا يستهلك إلا في الحديث والحوار، ولنتساءل هل الوضعية السياسية الآن وكذلك وضعية البلد بأكمله تحتمل أو تستدعي حوارا وحديثا لا يليهما سوى حوار وحديث أيضا؟
الإجابة بطبيعة الحال هي كلا، وليست هذه دعوة للتوقف عن التشاور والحوار حول أوضاع البلد، بل هي دعوة للتجاوز نحو الاهم ولخلق الأرضية الشرعية والدستورية لأي حوار مستقبلي خصوصا وأن كل مؤسساتنا السياسية الحالية لم تعد قائمة من الناحية الدستورية لا النواب ولا العمد ولا أعضاء المجالس البلدية، وتوشك مؤسسة الرئاسة نفسها أن تدخل في نفس الوضعية.
وبخصوص التوصيف الأخير نرى أن الوقت قد حان للشروع والتمهيد للاستحقاقات المقبلة التي ستمكن من خلق مؤسسات تمتلك الشرعية الدستورية للدعوة إلى أي حوار أو تشاور بين مكونات الطيف السياسي الوطني، وسيكون هناك متسع من الوقت أمام الجميع خصوصا وأن الحكومة قد اتخذت كافة الاحتياطات اللازمة بما في ذلك الضمانات الكافية لتنظيم الاستحقاقات المقبلة في موعدها المحدد أي في شهر أكتوبر المقبل، وبعدها يمكننا أن نتشاور أو نتحدث في جو دستوري وبكامل شرعيتنا وصلاحياتنا.
على كل حال ـ وبرغم محاولات المتأرجحين أو المرتبكين وفق وصف الرئيس بيجل ـ لا جدال في حصانة (حتى لا أقول قداسة) حوارنا السابق ونتائجه الثمينة، فهو فعلا خط أحمر وشرط أساسي لتفتح “المعاهدة” ذراعيها لكل من يريد الإنضمام إليها سواءا كان جادا ووطنيا بالفعل أو كان متأرجحا أو “مرتبكا”.
* قيادي في حزب الوئام