احتضنت القاعة الكبرى بالمركز الثقافي المغربي بنواكشوط مساء الاربعاء 17 ابريل محاضرة أدبية وفكرية تحت عنوان: الإسهام الثقافي والأدبي للمرأة الموريتانية في ظل الدولة “قدمتها كل من الباحثة والكاتبة تربة بنت عمار و أمينة بنت اعل سالم باحثة في الدراسات الإسلامية.وذلك بحضور نخبة كبيرة من رواد الثقافة والأدب والإعلام والناشطات في مجال حرية المرأة.
الدكتور محمد القادري مدير المركز الثقافي مهد للمحاضرة بالحديث عن التحولات الثقافية والاجتماعية التي شهدها المجتمع الموريتاني خلال العقود الاولى للدولة الوطنية وما كان لها من انعكاسات على الوضع العام،مستشهدا بما كتبته إحدى المحاضرات بالقول إن” تجربة حرية المرأة سارت بخطوات مثقلة نتيجة للتاريخ الإقصائي والتهميش….لتشارك في عملية البناء والتقدم، مما أعطى لعملية التطور دفعا ملموسا رغم ما تعانيه المرأة من حصار،ولذا برزت تجربتها في الثقافة والأدب كعنصر رافض للظلم والإقصاء فسجلت بذلك إسهامها الثقافي والأدبي….
المحاضرة الاولى تربة منت عمار قدمت رؤيتها لما يسمى بادب المرأة قائلة برفضها لتصنيف الادب على أساس الجنس أو النوع .
وقالت في معرض حديثها في هذا السياق إنه من الظلم تصنيف الادب الى رجالي ونسائي لان ذلك يتنافى مع الطبيعة الابداعية للمنتج بغض النظر عن منتجه،فالشاعرة الاندلسية ولادة بنت المستكفى قاسمت ابن زيدون في شعرها ما عانها من الحرمان بنفس الدرجة من الشعرية وهذا دليل على أنه لافرق بين انتاج الاثنين من حيث الجودة والتميز.
لكن ذلك التصنيف او التبويب اعتمده النقاد للتمييز بين ما تنتجه المراة وما ينتجه الرجل كنوع من التفرقة الادبية
وتطرقت المحاضرة لتاريخ تهميش المراة في المجتمع رغم ما نوهم به الآخر ونوهم به انفسنا بأن المراة لا ينقصها شيئ من خلال تعيينها في مناصب قيادية وزارية ومنحها نسبة ثابته في البرلمان.
وأضافت تربه في سياق عرضها التاريخي أن المراة الموريتانية سليلة المرأة الصنهاجية كانت تحظى عبر التاريخ بمكانة مرموقة داخل مجتمعها لدرجة انها كانت وراء تحقيق الكثير من الانتصارات للدولة المرابطية وكانت حينها سافرة الوجه حسب ما ذكر ابن بطوطة في القرن الرابع عشر الهجري،إلا أن تبدل الانساق الحضارية والثقافية في المجتمع الموريتاني بأفول حضارة تمبكتو ومجيء الهجرات الهلالية تغيرت مكانة المراة في المجتمع بفعل ثقافة وأد المراة التي كانت متبعة في الثقافة العربية الجاهلية،ووقع انقلاب في حياة المراة ونزلت مكانتها في المجتمع رغم احتفاظها ببعض الموروث الصنهاجي في قضية منع التعدد واحتفاظها بحياة الدلال داخل البيت عوضا عن مشاركتها في الحياة السياسية.
وجاء في شرحها لسبب منع التعدد الزوجي في المجتمعي الموريتاني قديما طبيعة حياة الترحال والبداوة التي كانت تجعل الرجل غير قادرا على ان يحمل معه خيمتين في آن واحد وسط حياة حل وترحال دائم في صحراء قاسية وشاسعة ولهذا ظلت عبارة “لا سابقة ولا لاحقة تلاحق الزوج في المجتمع”
وتطرقت كذلك لما أسمته بالضبابية في السيادة النسوية عبر التاريخ ،وتغييبها بشكل مقصود في الثورة الادبية في القرن الرابع عشر بمدن شنقيط وولاته وحصر دورها فقط في الابتهالات الدينية مع الجواري والاطفال،ورغم ذلك كان ثمة نساء متميزات في مجال السيرة النبوية ومجالات الشعر والادب .
اما في العصر الحديث ومرحلة بناء الدولة الوطنية فقد كان حضورها باهتا على المستوى السياسي وكل حضور لها تم بشكل قسري على مستوى حزب الشعب بفضل الدور الذي لعبته زوجة الرئيس المؤسس السيدة مريم داداه.
اما الباحثة امينة منت اعل سالم فقد تناولت الحضور الادبي للمراة عبر ثلاثا نماذج بارزة هي باته منت البراء والمرحومتين خدجة منت عبد الحي والسيدة منت احمد.
لكن ما حصل من تطور وحضور للإنتاج الادبي للمراة كان في معظمه في سنوات ما بعد الجفاف وما نجم عنه من هجرة المجتمع من الريف الى المدينة .
وقد توالت مداخلة الحاضرين للتعليق والتعقيب على ما تناولته المحاضرتان حيث تحدث كل من الكاتب والإعلامي الولى ولد سيدي هيبه والشاعر التقي ولد الشيخ والدكتور احمد ولد حبيب الله وغيرهم ….لإثراء النقاش بأفكار تتعلق بواقع المرأة اليوم ودورها في النهضة الثقافية التي عرفها البلد.