بدأت اليوم الجمعة أشغال المنتدى الدولي الثاني لمدينة الصخيرات (30 كلم جنوب غرب الرباط) الذي تنظمه المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، بشراكة مع مكتب مستشاري السياسة الأوروبية التابع للمفوضية الأوروبية حول موضوع “مبادرة من أجل مجموعة أطلسية”.
وتتضمن النسخة الثانية لهذا المنتدى تقديم مداخلات من قبل مجموعة من الشخصيات الحكومية والبرلمانية والسياسية البارزة من الاتحاد الأوروبي وإفريقيا وأمريكا الجنوبية والشمالية حول بعض القضايا المتصلة بالجيوستراتيجية الأطلسية في الميادين الاقتصادية والمجتمعية والبيئية والأمنية٬ وذلك بمقاربة مستقبلية.
ويعقد هذا المنتدى الذي يدوم يومين تحت رعاية للملك محمد السادس٬ ٬ ويأتي في إطار الدراسات المستقبلية التي تقوم بها المندوبية المغربية للتخطيط لرصد آفاق “مغرب 2030” ،
ويشارك من موريتانيا؛ أحمد ولد داداه، زعيم المعارضة الديمقراطية، ورئيس تكتل القوى الديمقراطية، وهو أيضا خبير اقتصادي دولي.
كما يشارك أيضا الدكتور عبد القادر ولد محمد الوزير السابق لشؤون المغرب العربي، والباحث، والقانوني الموريتاني المعروف، رفقة الدكتور أحمد يور ه ولد حي؛ أستاذ الاقتصاد في جامعة نواكشوط.
وألقى أحمد ولد داداه صباح اليوم الجمعة محاضرة حول (الحكم الرشيد) أو (الحكامة بالمصطلح المغربي) أمام المشاركين قال فيها إن تحقيق التنمية الشاملة التي تعود بالنفع على الجميع لا يمكن في ظل أجواء غير ديمقراطية.
وأكد ولد داداه إن الديمقراطية الحقيقية والحكم الرشيد هما أساسان لا بد منهما لإقامة التنمية، وأبرز بالتفصيل أهمية الحكم الرشيد في عالم اليوم، وما يقتضيه من الوسائل والجهود، وكيف يمكن مواجهة المشاكل والتحديات التي تقف حجر عثرة في سبيل تحقيقه.
وطالب زعيم المعارضة الديمقراطية في موريتانيا بضرورة إقامة شراكة فعلية مبنية على أسس جديدة بين دول الشمال وبين الدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية، تشمل كافة المجالات لتعزيز الترابط وتطوير آليات العمل المشترك “بما يخدم المصلحة ويوصل إلى الأهداف المنشودة” حسب تعبيره.
وشدد أحمد ولد داداه بشكل خاص على أهمية إفريقيا، وضرورة الاهتمام بها، حتى لا تصبح عرضة لمشاكل الإرهاب العابر للحدود، وللتهيب الذي ينخر الاقتصاد.
وتهدف هذه المبادرة٬ الموجهة للدول والفاعلين غير الحكوميين٬ والتي ينصب اهتمامها على ميادين متنوعة كالاقتصاد والتنمية البشرية والعلم والتكنولوجيات والأمن الغذائي والحفاظ على النظم الإيكولوجية للمنطقة٬ إلى إشراك الفضاء الأطلسي في نظام يسود فيه القانون والممارسات الجيدة.
و أكد مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوربية أن منتدى للصخيرات٬ يمثل مساهمة هامة لمواجهة التحديات المشتركة في هذا الفضاء الجيو – استراتيجي.
وقال باروسو في كلمة تم بثها عبر الفيديو خلال افتتاح المنتدى أنه “حان الوقت لردم الهوة والانقسامات بين الشمال والجنوب والشرق والغرب ٬ لأن هذه الانقسامات لا تخدم النظام العالمي للقرن الواحد والعشرين” ٬ مضيفا أن منتدى الصخيرات يشكل أرضية مثلى لبلورة أشكال جديدة للتعاون المشترك داخل الفضاء الأطلسي.
وأكد رئيس المفوضية الأوربية أن اقتصاد الفضاء الأطلسي يمثل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي العالمي كما أن المنطقة تتصدر مناطق العالم من حيث حجم المبادلات التجارية والاستثمارات الخارجية ٬ مشيرا إلى أن مجتمعات هذا الفضاء تتقاسم ثقافة عميقة من المبادئ السياسية والديمقراطية وحقوق الانسان.
واعتبر باروسو أن بلدان الفضاء الأطلسي تواجه مصيرا وتحديات مشتركة تتمثل أساسا في التهديدات الأمنية كالإرهاب والجرائم المنظمة والهجرة غير الشرعية فضلا عن التغيرات المناخية والأمن الغذائي .
من جانبه٬ قال المدير العام لمكتب مستشاري السياسة الأوربية جون كلود تيبو أن منتدى الصخيرات يشكل أرضية لنقاش عقلاني حول جملة من القضايا التي ترهن المصير المشترك لبلدان الفضاء الأطلسي ٬ وخاصة ما يتعلق منها بالتحديات التي تطرحها الأزمات الاقتصادية العالمية على بلدانه.
وأكد أن منتدى الصخيرات سيشكل أهم مساهمة يمكن أن تقدمها بلدان الفضاء الأطلسي لبلورة مستقبل واعد لشعوبه.
من جهته أكد المندوب المغربي السامي للتخطيط أحمد الحليمي العلمي٬ ٬ أنه من شأن المبادرات المشتركة للبلدان المنتمية للفضاء الاطلسي أن تتيح له الاضطلاع بدوره الاستراتيجي التقليدي.
وأوضح الحليمي٬ في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية أنه من خلال هذه المبادرات يمكن لبلدان الفضاء الاطلسي خلق دينامية داخله في إطار احترام السيادة الوطنية ٬ لمواجهة المصير المشترك ورفع التحديات العديدة المطروحة على هذا الفضاء الجيو- استراتيجي .
وأضاف أن هذه المبادرات ستساهم في رفع التحديات المشتركة المرتبطة بالتنمية المستدامة والامن الغذائي والقضاء على الفقر٬ وتعزيز التماسك الاجتماعي ومواجهة التهديدات بشتى أشكالها٬ ولاسيما على مستوى الأمن والسلم العالميين.
وتتوزع أشغال المنتدى التي تستمر يومين٬ على ثلاث جلسات تبحث الأولى الحكامة (الحكم الرشيد) الجديدة للفضاء الأطلسي والثانية الأجندة الاقتصادية لهذا الفضاء٬ فيما ستناقش الجلسة الأخيرة الاستغلال المسؤول للتراث الأطلسي المشترك.