تمهيد للندوة المنظمة من طرف المركز الموريتاني للبحوث و الدراسات الإنسانية حول موضوع :
” قضايا الأمن و الاستقرار في منطقة الساحل ، الواقع و المآلات”
الموضوع الذي حدده المركز الموريتاني للبحوث و الدراسات الإنسانية ليكون محل نقاشنا و تبادلنا خلال هذا اللقاء هو : ” قضايا الأمن و الاستقرار في منطقة الساحل، الواقع و المآل”
الحقيقة أن إمعان النظر في هذا الموضوع يجعل العديد من التساؤلات تتوارد إلى الذهن بحثا عن إجابات ضافية و شافية تشفي الغليل و ترضي الفضول ، ولعل أهم هذه التساؤلات هي:
1- فبم تتمثل منطقة الساحل تحديدا؟ هل هي فقط الحيز الذي يضم مالي و النيجر و بوركينا فاصو؟ أم أنها تتجاوز ذاك المجال لتشمل كل الفضاء الصحراوي الواقع بين المحيط الأطلسي و البحر الأحمر، و الذي يضم إضافة إلى هذين البلدين كلا من تشاد و السودان؟
2- إلى م يحيل مفهوما الأمن و الاستقرار على وجه التحديد؟ و ما مختلف تجلياتهما و أبعادهما؟ و ما تعالقهما بوجود الأنساق الديمقراطية بما تستتبعه تلكم الأنساق من حاكمية حسنة و تعدددية سياسية و عدالة اجتماعية و تكافئ للفرص على الصعد كافة؟ أو بعبارة أخرى هل الأمن و الاستقرار يحيلان فقط إلى غياب خطر مادي محدق يهدد كيان البلدان و يشكل خطرا على وجودها و سلامة أراضيها و طمأنينة شعوبها؟
أم أنهما يتضمنان إضافة إلى ذلك ،السلم الاجتماعي بما يستوجبه من تامين للعدالة الاجتماعية و توفير للحريات السياسية و إشراك كامل لكل القوى الوطنية الحية في تسيير الشأن العام و صياغة مصير البلدان المعنية دون إقصاء أو استبعاد لأي منها؟
3- ما مدى استتباب الأمن و توفر الاستقرار في الوقت الراهن على مستوى منطقة السحل؟ و إلى إي حد يمكنهما أن يتأثرا سلبا بتفاقم نشاط العصابات المارقة على القانون التي تتعاطى الإتجاربالسجائر و المحروقات والسلاح و المخدرات الواردة من بعض بلدان أميركا اللاتينية و التي ، أي تلك العصابات ، تمارس الإرهاب و الإيتزاز من خلال اختطاف الرهائن و تنفيذ عمليات السطو و النهب و الاعتداءات المسلحة و التي تجوب منطقة الساحل ذهابا و جيئة ، و تعيث فيها فسادا؟
4- ماهي تداعيات أطماع الدول الغربية المتنفذة في الموارد المعدنية و مصادر الطاقة التي تتوفر عليها بلدان الساحل على الأمن و الاستقرار في تلكم البلدان؟
5- إلى أي حد تساهم الصراعات الإثنية داخل مجتمعات بلدان الساحل و الحروب الأهلية المتولدة عنها في إضعاف الأمن و زعزعة الإستقرار في هذه البلدان؟
6- ما درجة تأثير التناقضات المزمنة القائمة بين بعض البلدان المغاربية و ما يترتب عن ذلك من مكايدات و فقدان الثقة و انعدام التعاون و التنسيق بينها على توطيد الأمن و الاستقرار على الصعيدين الساحلي و المغاربي؟
7- ما هي انعكاسات كل هذه الملابسات على الأوضاع في موريتانيا في الوقت الراهن؟
و ما هي الملامح التي قد تكتسيها هذه الأوضاع في المديين القصير و المتوسط في منظور ما سوف يفضي إليه الربيع العربي من انزياحات و ما قد تقود إليه الأزمة الاقتصادية العالمية المتفاقمة من تقلبات جذرية يصعب التنبؤ ب بنتائجها وتبعاتها؟
8- هل هناك وعي كامل لدى الأنظمة السياسية الحالية لبلدان الساحل و لدى أنظمة البلدان المغاربية المصاقبة لها بالضرورة القصوى لإعتماد التعاون و التنسيق و العمل المشترك في ما بينها لمواجهة عصابات التهريب ومنظمات التطرف و الإرهاب التي تهدد الأمن و الإستقرار في الفضائيين الساحلي و المغاربي؟
و هو ما قد ألح علي أهميته القصوى و ضرورة الإسراع بتنفيذه معهد توماس مور في دراسة أنجزها في 29 من شهر فبراير المنصرم تحت عنوان : ” من أجل أمن دائم في الإتحاد المغاربي فرصة للمنطقة و التزام للإتحاد الأربي” أو بالفرنسية “pour une securite durable au Maghreb,une chance pour la region, un engagement pour l`Union europeenne “
و يبقى السؤال المحوري الذي يطرح نفسه بإلحاح و الذي يهمنا نحن أكثر من غيره هو:
ما مدى إدراك بلدنا الحالية لخطورة الأوضاع السائدة اليوم في منطقة الساحل و في المجال المغاربي المتاخم لها؟ و ما درجة قدرته على وضع إستراتيجية و بلورة خطط محكمة يمكن أن يركن إليها لاستباق ما قد ينجم عن هذه الأوضاع المقلقة من تحديات و مخاطر تستوجب قدرا كبيرا من الإستعداد و التأهب و الجاهزية؟
هذه تساؤلات يمليها التمعن في هذا الموضوع الهام الذي ارتأى المركز الموريتاني للبحوث و الدراسات الإنسانية أن يطرحه اليوم على بساط البحث أما م ما يعتبره نخبة متميزة من المثقفين و الفاعلين السياسيين المتمرسين، تعد آراؤهم حول الموضوع ، وتقييماتهم لمختلف جوانبه مرجعية منيرة يمكن أن يستأنس بها الباحثون و أن يسترشد بها صناع القرار الذين يرغبون في أن يتسم قرارهم بالحكمة و التبصر.
و سوف يقوم سعادة السفراء محمد فال ولد البلال و محفوظ ولد دداش كل من منطلقه و منظوره الخاص بمقاربة هذه الإشكالية و تسليط الضوء على مختلف جوانبها و أبعادها على أن تشفع هذه المحاضرات بتعقيب للأستاذ أبوبكر ولد أحمد ثم يلي ذلك نقاش مفتوح أمام جميع الحاضرين.
, شكرا للجميع على حسن الإصغاء.
نواكشوط 11 فبراير 2012.
أ.محمد الأمين ولد الكتاب