اهتمت الصحافة العربية والعالمية هذا الأسبوع بمجموعة من الموضوعات ، الساخن منها أصبح باردا ومملا ، ولم يعد يثير إنتباه القراء مثل الأزمة السورية التي دخلت مرحلة حرجة مع أمل ضعيف في نجاح مبادرة أنان وخوف كبير من فشلها ، والملف النووي الإيراني الذي فتحت مفاوضات اسطنبول بين إيران والدول الغربية ثغرة صغيرة في جداره المصمت ، علي أمل توسيعها وتحويلها إلي نافذه أو باب في جولة قادمة من المفاوضات، ستعقد في بغداد إن إستطاع الطرفان إلي ذلك سبيلا ، ومصر التي بلغت فيها حملة الترشح للرئاسيات قمة الإثارة بعد أن قطعت لجنة الإنتخابات المستقلة، الشك باليقين ، وأصدرت حكمها النهائي الذي لا راد له بإقصاء المرشحين الثلاثة الكبار : سليمان والشاطر وأبو إسماعيل من سباق الرئاسة.
قمة الأمريكتين : جنس وكحول ومخدرات
كما اهتمت الصحافة بموضوعات أكثر طراوة وطرافة مثل انعقاد قمة الأمريكتين التي عقدت في مدينة قرطاجنة الكولمبية ، والتي كان أحد بنود جدول أعمالها مقترح مثير للجدل يقضي بالسماح بتناول المخدرات – لا محاربتها كما هي العادة – وتغيير التشريعات التي تمنع بيعها وتعاقب مهربيها ، ، وليس هذا غريبا في بلد أنجب ” بابلو أسكوبار” اشهر وأخطر وأكرم تاجر مخدرات عرفه التريخ علي الإطلاق ، خلط عملا صالحا ( تشييد المستشفيات والجامعات وشق الطرق وبناء المنازل للفقراء ) وآخر سيئا ( توزيع السموم اليضاء ) .. .فعسي الله أن يغفر له .
وقد رفض أوباما هذا المقترح وعارضه بقوة ، ولم يكن ذلك لدوافع أخلاقية – وهو الذي دافع عن الزواج المثلي – أو خوفا علي مواطنيه من أضرار السموم البيضاء بل لأسباب انتخابية بحتة ، فالقاعدة العريضة من المجتمع الأمريكي لا زالت محافظة ، وقد يثير قبول هذا المقترح ثائرتها ، فتنتفض ضد الديمقراطيين أشهرا قليلة قبل يوم الحساب ، في الرابع من شهر نوفمبر القادم
وقبل أن يصل” اوبوما ” لإفتتاح القمة بيوم واحد ، حدثت ملاسنات سرعان ما تحولت إلي مشادات خشنة في أحد فنادق قرطاجنة بين أفراد من حرس الرئيس الأمريكي الذين سبقوه لتحضير زيارته ، وذلك بسبب الصراع علي إحدي بائعات الهوي الكولمبيات التي استقدمها أحدهم لإشباع نزواته .
وقد تحولت هذه الحادثة إلي فضيحة مدوية ، تناقلتها وكالات الأنباء العالمية ونشرتها الصحف والمواقع الألكترونية علي صفحاتها الأولي وغطتها القنوات التلفزيونية الأمريكية ، وانشغلت بتغطيتها عن تغطية أحداث القمة التي حضرها أكثر من 20 رئيس دولة . وكانت هي الموضوع الرئيس في نشرات أخبار الذروة ، وكيف لا يكون الأمر كذلك، والسنة سنة انتخابات والإنتخابات – خصوصا في الغرب وبالأخص في أمريكا – تعيش بالفضائح الجنسية ، فلا تمسي إلا علي فضيحة ولا تصبح إلا علي آخري !.
و في موضوع متصل تناقلت الصحف الأمريكية ومواقع التواصل الإجتماعي أخبار السهرة التي قضتها اكلينتون في حانة ” هافانا ” أثناء انعقاد المؤتمر، حيث قضت ليلة حمراء من ليالي ألف ليلة وليلة، تناولت فيها من كؤوس الراح حتى لعبت الحميا برأسها، فألقت جلباب الحياء بعيدا ، وخلعت العذار جانبا ، وتخلت عن وقار الوزارة فكشفت عن ساقيها ورقصت مع خليلاتها ، كما لم ترقص راقصة من قبل ، وواصلت الشرب والرقص حتى أدركها الصباح ، وكانت في غاية النشوة والإرتياح – كما قال أحد المشاركين في تلك السهرة – وكما توحي بذلك صورة التقطت لها في الحانة أثناء الرقص .
وقد توجهت اكلينتون إلي حانة ” هافانا ” بعد يوم شاق من العمل والنقاشات المحتدة ، صبت فيه اكلينتون جام غضبها علي كوبا ، وطالبت فيه الحاضرين بتضييق الخناق علي ” هافانا ” وشطب إسمها من منظمة ” الأمريكتين ” !.
تعدد الزوجات : مثني وثلاث.. وخماس .. وعشار .. و..
كما اهتمت الصحافة أيضا بالإستعدادات التي تجري علي قدم وساق في قصر الرئاسة بجنوب إفريقيا لإستقبال زوجة جديدة للرئيس زوما الذي تجاوز عمر السبيعين ، تضاف إلي زوجاته الأربع الأخري اللواتي يتقاسمن معه غرفة نومه ، ويسمح العرف في جنوب أفريقيا بتعدد الزوجات دون حدود ، مثني و ثلاث و رباع وخماس وعشار.. و.. وللتذكير فإن عدد زوجات ملك الزولو – وهي القبيلة التي ينتمي إليها الرئيس الحالي لجنوب أفريقيا – يناهز المئتين ، ، ولم يطالب أحد من قادة ANCالذين قادوا النضال ضد نظام الميز العنصري بمن فيهم ” ويني ماندلا ” منع تعدد الزوجات ، ولا حتى تحديد عددها ، كما لم يعتبر أحد منهم هذا العرف تعديا علي المرأة أو نقصا من قيمتها أو امتهانا لكرامتها ، ولم يحل هذا العرف ايضا جنوب إفريقيا من أن تخطو نحو التقدم والحداثة حيث تعتبر من بين دول ” البريكس ” الصاعدة اقتصاديا وسياسيا وعلميا … والتي تفصلها عن العالم العربي سنين ضوئية من التقدم !
الغرياني : أقوي رجل في ليبيا
ونشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرا مسهبا عن ” الغرياني ” وعن الدور الريادي الذي يقوم به في ليبيا ما بعد القذافي ، وقالت إنه أصبح بعد الثورة – التي ساندها مبكرا- أكبر مرجع ديني في ليبيا ، يفتي بما هو محلل وما هو محرم في الشريعة الإسلامية ، ويحظي باحترام الجميع، سواء كانوا من أصحاب القرار أو من المواطنين العاديين ، الذين يلجأون إليه عادة لفض النزاعات خارج المحاكم ويحل الشيخ السبعيني ضيفاً على برنامج حوار يبث أسبوعياً على التلفزيون يجيب خلاله عن أسئلة المتصلين حول موضوعات جمة، لكنه متواضع بشأن دوره.
وفي أغسطس أصدر المجلس الوطني الانتقالي اعلاناً يفيد بأن تكون الشريعة «المصدر الاول» للتشريع، مما اثار قلقاً لدى الغرب بشأن التساهل الديني وحقوق النساء. وقال المفتي: «لا نقول إن الإسلام يجب أن يكون المصدر الوحيد للتشريع، ما نقوله هو أن أي قانون يناقض الإسلام باطل». وأضاف أن «القوانين التي يضعها الانسان مقبولة، شرط ألا تتناقض مع القرآن والسنة»، موضحا أن 90٪ من القوانين الواردة في الدستور لا تطرح مشكلة..
ويحذر المفتي من أن الاخوان المسلمين والسلفيين والصوفيين مهددون من قبل العناصر المتطرفة في صفوفهم الذين يسعون الى نشر الفوضى.
وقلل الشيخ من المخاوف المرتبطة بصعود المتطرفين السلفيين في ليبيا بعد اطاحة القذافي، مؤكداً انهم اقلية تستفيد من الفراغ الامني في مرحلة ما بعد القذافي. وقال ان «هؤلاء يشكلون جزءاً صغيراً من المجتمع الليبي، وبرزوا الآن بسبب انعدام الامن والاستقرار في البلاد».
واوضح «لو كان الامن مضبوطاً، واي شخص يرتكب جريمة يعاقب على فعلته، لما ظهر هؤلاء ولم نكن حتى لنمسع عنهم».
و يعارض الشيخ تدمير المزارات الصوفية التي تعرضت لهجمات، وأصدر فتوى في هذا الخصوص في مارس، بعد مواجهة بين افراد في زليتن وسلفيين مسلحين كانوا يريدون تدمير مزار في هذه المدينة و لعبت الصوفية دورا تاريخيا في شؤون ليبيا، وهي نقيض السلفية المعتمدة في قطر والسعودية..
عن مرشح فرنسي يحب العرب
إذا كان من مفاجئة في الإنتخابات الفرنسية الحالية ، فهي صعود ” جان لوك ميلونشون ” إلي الواجهة وتبوؤه المرتبة الثالثة ، وذلك حسب استطلاعات الرأي التي تعطي المرتبة الأولي للأشتراكي ” هولاند” والمرتبة الثانية للديغولي ” ساركوزي ” .
وسواء صدقت هذا التنبؤات أو كذبت ، وإن غدا لناظره قريب ، فإن” ميلونشون ” ، كان هو بطل هذه الحملة دون منازع ، ، فلقد أستطاع الرجل أن يجمع حوله حملة الفكر اليساري من شيوعيين وتروتسكيين ومدافعين عن البيئة وأن يعيد القيم اليسارية إلي الساحة النقاش الفكري والسياسي في فرنسا .
وتعود شعبية “ميلانشون ” إلي تركيزه علي قيم العدالة الإجتماعية التي هجرها المفكرون والسياسيون الفرنسيون ، ونقده لواقع العولمة ، ورفضه الخضوع للأوغارشية الرأسمالية التي تسيطر علي فرنسا ، ومناداته بضرورة إعادة توزيع الثروة وتقاسمها بصفة عادلة بين الفرنسيين ، ويطالب ” ميلانشو ” يتغيير الدستور الفرنسي ، وإنشاء جمهورية سادسة ، تعيد السلطة إلي الشعب ،لا إلي الرئيس الذي يعد في الدستور الحالي بمرتبة الملك المتوج .
وقد ولد ميلانشون بمدينة طنجة في المغرب التي غادرها إلي فرنسا بعد بلوغه الحادية عشرة ، وحصل علي شهادة في الفلسفة ، وأشتغل في محطة لتوزيع الوقود ، ثم مصححا لغويا في صحيفة يومية ، ثم ولج عالم السياسة من بوابة الحزب الإشتراكي ليصبح منتخبا محليا ، ثم عضوا في مجلس الشيوخ ثم وزيرا قبل أن ينفصل عن الحزب ويتحرر من هيمنته .
أما فيما يخص موقفه من العرب فقد سجله دون خجل أو وجل، في مهرجان انتخابي حاشد حضره مئات الآلاف في مدينة مرسيليا، ولخصه في جملتين خفيفتين علي اللسان ، ولكنهما ثقيلتان في الميزان السياسي الفرنسي : ” لقد أعطانا العرب الطب والعلوم قبل عصر الأنوار ، لا مستقبل لفرنسا دون العرب ! ” .