صحراء ميديا ترصد اجواء منع رئيس المحكمة العليا من مزاولة عمله وقراره التمسك بمنصبه
نواكشوط ـ سعيد ولد حبيب
فجر رئيس المحكمة العليا السيد ولد الغيلاني قنبلة قضائية من العيار الثقيل برفضه قرار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز تعيينه سفيرا في اليمن وتعيين رئيس محكمة الحسابات صو ابو دمبا رئيسا للمحكمة العليا بديلا عنه ، وجرت أحداث غير عادية لاول مرة في تاريخ العلاقة بين السلطتين القضائية والتنفيذية وعند مدخل المحكمة العليا تمسك ولد الغيلاني بشرعيته كرئيس للمحكمة رغم قرار رئيس الجمهورية
ومنذ صباح الأحد اول ايام الدوام الرسمي حيث يفترض بدء سريان مفعول القرار فوجئ القضاة والمحامون والموظفون الوافدون الى مبنى المحكمة بوجود افراد من الحرس عند البوابة الرئيسية وهم يتثبتون من هويات الراغبين في الدخول ويمنعون البعض ويبدو ان اسم السيد ولد غيلاني كان ضمن لائحة الممنوعين الموجودة عند رجال الحرس ، وقال نقيب المحامين الموريتانيين من المؤسف ان رئيس المحكمة العليا يتصدر قائمة الممنوعين من الدخول ويمنع من مزاولة عمله وهذا امر لا يتناسب ومبدا فصل السلطات
ووصلت سيارة رئيس المحكمة العليا في حدود الساعة الحادية عشرة ونزل ولد الغيلاني وقد ارتدى ملابسه المعهودة بذلة داكنة وربطة عنق وقد نزع نظارتيه فيما كان في انتظاره لفيف من المحامين يتقدمهم نقيبهم ووجوه قانونية فيما غاب القضاة ووسط جلبة اعلامية وذهول المارة ازاء مشاهد لم يالفوها من قبل ، تقدم ولد الغيلاني باتجاه البوابة الرئيسية التى تعود الولوج منها دون عقبات ليصطدم بجدار من الصد مثله تمترس افراد الحرس المتواجدين هنالك خلف بوابة احكموا اغلاقها وطلبوا من الحضور الانصراف
حاول الرئيس المقال مخاطبة فرقة الحرس متسائلا عن الجهة التى اصدرت اوامرها له بمنعه من الدخول
لكن احدا لم يرد فقد ذاب رجال الحراسة في لحظات كفص ملح داخل المبنى العتيد وبات على المتجمهرين خارج المحكمة مناجاة بوابات مزركشة بالقرميد والالمنيوم وسط اجواء مصمت مهيب
صمت كان بعض المحامين يقطعونه من حين لاخر فقد دخلوا في مشادات مع الحراس انتهت بولوج عدد محدود من السيارات واغلاق المجال امام البقية .. كانت ملامح “الرئيس المقال” تعكس حالة من الغضب والاصرار في ان معا ازء منعه من مزاولة مهامه فالرجل لم يعترف بقرار تعيينه وهو متمسك بوظيفته كرئيس للمحكمة العليا استقبل ولد الغيلاني القبلة وصلى ركعتين وقال احد المقربين منه انه تعود على اداء ركعتين كل يوم لدى قدومه لمزاولة عمله، صلاة اقامها هذه المرة في الفضاء الطلق فيما اعتبرها احد الحاضرين صلاة استخارة مباركة الخطوة التى ينوي الرجل القدوم عليها رفع احد اهم القضاة في المؤسسة الفضائية واكثرهم اثارة للجدل حاليا يديه الى السماء قارئا بعض الادعية قراءة صامتة قبل ان يخرج عن صمته
قال ولد الغيلاني لقد عرض علي رئيس الدولة ن اكون سفيرا في اليمن ورفضت التعيين فقرر تعيين رئيس اخر للمحكمة العليا انني اتمسك بشرعية ماموريتي التى تستمر خمس سنوا قضيت منها اثنتين وما زالت ثلاث انا لم استقيل ولن استقيل
وأعتبر ولد الغيلاني في تصريح صحفي ان قرار فصله “إجراء تعسفي”، مؤكداً أنه “الرئيس الشرعي للمحكمة العليا ولن يقدم استقالته”، مضيفاً بأن “كل أحرار العالم سيقفون في وجه هذا الإجراء التعسفي”، حسب تعبيره
واشار ولد الغيلاني ان هذ الاجراء المتخذ في حقه غير دستوري ولا قانوني واصفا ما حدث بانه انقلاب
ويبدو ان العلاقة المتوترة بين رئيس المحكمة العليا ووزير العدل في الحكومة الموريتانية القت بظلالها على العلاقة التى كانت الى عهد قريب راسخة بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ورئيس المحكمة العليا ، ويرى مراقبون ان البلاد في مثل هذه الظروف قد تكون مقبلة على فصول ساخنة من الصراع بين المؤسسات الدستورية خصوصا بين السلطة التنفيذية والقضائية
وتشهد الاجهزة القضائية في موريتانيا حاليا منذ مدة صراعا صامتا طرفاه الرئيسيان وزارة العدل من جهة والمحكمة العليا من جهة أخرى.
ويتهم وزير العدل الموريتاني عابدين ولد الخير ورئيس المحكمة العليا السيد ولد الغيلاني كل منهما الاخر ، بالسعي لسحب الصلاحيات والثقة من الآخر.
وتعود جذور الخلاف الى مجموعة نصوص قانونية يعكف كان اعدادها رئيس المحكمة السيد ولد الغيلاني من شانها توسيع صلاحياته بشكل كبير .
وهي تقضي في احد اكثر بنودها اثارة للجدل بتخويل رئيس المحكمة العليا رئاسة المجلس الاعلى للقضاء نيابة عن رئيس الجمهورية، وهو قرار من شانه تبعا لذلك ان يمنح رئيس المحكمة صلاحيات واسعة فيما يتعلق بتعيين القضاة وتمديد مأموريتهم والاعتماد على المتقاعدين منهم بالإضافة الى امتيازات مالية ووظيفية اخرى.
وينص القانون الجديد في احدى بنوده على تمديد سن تقاعد قضاة المحكمة العليا الى 86 سنة قابلة للتجديد؛ والسماح بتمديد مأمورية رئيس المحكمة خمس سنوات قابلة للتجديد؛ فيما تذهب المادة الثالثة الى جعل رئيس المحكمة العليا في الرتبة الثالثة بعد رئيسي غرفتي البرلمان في البروتوكول.
وتشير المصادر في الاطار ذاته الى امتعاض رئيس المحكمة العليا من القرارات الاخيرة التي اتخذها المجلس الاعلى للقضاء بإيعاز من وزير العدل وسمحت بعودة القضاة المفصولين الى وظائفهم .
وتؤكد مصادرقضائية لصحراء ميديا وجود امتعاض لدى وزير العدل الموريتاني من الإجراءات التى تعكف عليها المحكمة العليا كهذه من خلال محاولاته المتكررة للوقوف في وجهها، وفي إطار معركة لي الذراع بين الطرفين تتحدث المصادر عن وقوف الرئيس محمد ولد عبد العزيز الى جانب أحد الطرفين دون ان يعطي المصدر توضيحات أكثر.
وكان رئيس المحكمة العليا عاد من زيارة الى السودان التقى خلالها الاجهزة القضائية في ذلك البلد حيث يعتقد انه استقى منها معظم النصوص والتطبيقات القانونية التى اعتمد عليها في صياغة الوثيقة الجديدة.
وجاء قرار تعيين رئيس جديد للمحكمة العليا وابعاد ولد الغيلاني عنه في وقت تم تشكيل جمعية لقضاة محسوبة على وزير العدل وهي الهيئة التى كان يتعرض عليها رئيس المحكمة العليا