مع قلة الامطار ورداءة المحاصيل وارتفاع اسعار المواد الغذائية, تواجه خمسة بلدان في منطقة الساحل الافريقي بشكل خاص خطر مجاعة في 2012 ما لم تتخذ تدابير عاجلة وعلى نطاق واسع.
واعتبر توماس يانغا رئيس المكتب الاقليمي لبرنامج الاغذية العالمي لغرب افريقيا ان “الازمة قائمة وكل ما نستطيع فعله هو محاولة تخفيف وقعها على الشعوب وخصوصا الشعوب الاكثر اصابة او الاكثر حرمانا”.
وتعتبر الشعوب في النيجر وتشاد وموريتانيا وبوركينا فاسو ومالي الاكثر تعرضا لهذا التهديد لكن السنغال وغامبيا معرضتان ايضا للخطر.
ويؤكد برنامج الاغذية ان ما بين خمسة وسبعة ملايين شخص يعانون من “وضع انعدام الامن الغذائي” وبحاجة لمساعدة فورية.
وتتجاوز تقديرات منظمة اوكسفام غير الحكومية ال20 مليون شخص موزعين في المناطق المعرضة بينهم ستة ملايين في النيجر و9,2 مليون في مالي و700 الف في موريتانيا.
وتشير معطيات غير رسمية الى ما يقرب من مليوني شخص في بوركينا فاسو بينما قد يكون هناك في تشاد 13 منطقة مهددة من اصل 22.
ولم تشهد منطقة الساحل هطول امطار بكميات كافية كما لم يكن توزيعها متوازنا اذ كان هطول الامطار اقل في احواض الانهر للزراعات والمواشي. يضاف الى ذلك تراجع تحويلات اموال المهاجرين التي تسمح لعائلاتهم في البلاد بسد حاجاتهم.
ولشراء المواد الغذائية التي اصبحت باهظة الثمن — ارتفعت بنسبة 40% مقارنة بمعدلها منذ 2006 — فان الفلاحين يبيعون مواشيهم او بذورهم, بالنسبة للذين يملكونها, بابخس الاثمان مما يعرض وسائل عيشهم للخطر خلال فترة موسمي حصاد, وبالنسبة لزراعاتهم في 2012.
وتضم النيجر من ناحيتها “نازحين بسبب الجوع” بينهم داري هارونا وهو مزارع من منطقة تيلابيري (جنوب غرب) وصل الى نيامي لايجاد لقمة العيش. وقال لوكالة فرانس برس “في قريتي لم يعد هناك اي شيء نأكله, الجميع هربوا حتى النساء والاطفال, لم يبق سوى العجائز”.
وفي تشاد تقدر السلطات النقص في الحبوب ب650 الف طن خصوصا في كانيم (غرب) حيث “الوضع مثير فعلا للقلق” لا سيما وان هذه المنطقة “استقبلت اكثر من 10 الاف +عائد+ من ليبيا” بحسب حاكمها نغامايي دجاري الذي قال “ان الايدي العاملة غادرت المنطقة للذهاب الى جنوب البلاد” بسبب عدم توفر “الوسائل لاستغلال” اراضيهم.
وقال عبد الله ماليمي وهو مزارع من كانيم باسى “ما رأيته في حقلي هذه السنة جذوعا التهمتها الحشرات بعد ذلك (…) ان لم يتم فعل شيء بالنسبة لنا فاننا سنموت”, مضيفا “ما زال من الممكن تفادي الاسوأ”.
ومنذ تشرين الاول/اكتوبر اعدت بعض البلدان خططا لمواجهة الازمة وطلبت المساعدة مدعومة بالامم المتحدة والاتحاد الاوروبي ومنظمات غير حكومية, بهدف تجنب وقوع كارثة غذائية شبيهة بتلك التي حصلت في 2009-2010 واصابت نحو عشرة ملايين شخص في الساحل.
وبين التدابير المتخذة او المطروحة في موريتانيا والنيجر ومالي او في بوركينا فاسو توزيع مجاني للمؤن والبذور او المعدات الزراعية, او بيعها باسعار متهاودة , و”العمل مقابل المال”.
وستطلق واغادوغو “اعتبارا من كانون الثاني/يناير” عمليات توزيع مجانية للمواد الغذائية لانها تعتبر ان “بعض العائلات المتواضعة ستواجه اعتبارا من اذار/مارس-نيسان/ابريل 2012 صعوبات خطيرة في تأمين الاحتياجات الغذائية” كما اكد وزير الزراعة في بوركينا فاسو لوران سيدوغو لفرانس برس.
الى ذلك يستعد صندوق الامم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) للتدخل في ثمانية بلدان في الساحل لصالح اطفال مهددين بسوء التغذية.
وقررت فرنسا منح برنامج الاغذية العالمي مساعدة غذائية عاجلة بقيمة 10 ملايين يورو لبلدان الساحل.
وقال محمدو بيتيي من اوكسفام في دكار ان “الوضع يبدو مثيرا للقلق البالغ بالنسبة لملايين الاشخاص”. واضاف “لكن ما زال من الممكن تجنب الاسوأ من خلال رد سريع”. وراى ان هذه التدابير العاجلة يجب ان ترافق بتحرك على المدى الطويل من اجل “الوقاية من ازمات مقبلة”.
واوضح فانسان تاياندييه المسؤول في منظمة العمل ضد الجوع غير الحكومية ان منطقة الساحل “تواجه بانتظام الجفاف كل اربع او خمس سنوات كمعدل وسطي (…) وما يتخذ اليوم سيحدد ما اذا كانت ازمة غذائية جديدة واسعة النطاق ستحل”.
وحذر من ان “التأثير المتراكم للوضع الحالي بعد اقل من سنتين من الازمة الغذائية الكبرى ينبىء باسوأ ازمة منذ 2005”.