
صحراء ميديا ترصد أجواء أول يوم من شهر الصوم في أسواق نواكشوط
نواكشوط ـ سعيد ولد حبيب
تركت سلم، 42 عاما، سوق اللحوم الحمراء بقلب العاصمة نواكشوط وهي تكيل الشتائم جراء الأسعار الملتهبة التي وصل لها كلغ اللحم في أول أيام شهر رمضان المبارك، فيما طفق الجزار في تبرير تحديد سعر 1400 أوقية كسقف ادني للحم الضان دون أن يلقى آذانا صاغية.
تلك صورة من صور أول يوم من رمضان في أسواق العاصمة الموريتانية نواكشوط كما رصدتها كاميرا صحراء ميديا ، فمع الساعات الأولى لصبيحة رمضان تدفق الآلاف، رغم إضراب الناقلين، على الأسواق لشراء حاجياتهم وسط تضارب كبيرفي أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية.
وازدحم المتسوقون داخل الأسواق الرئيسية في العاصمة بحثا عن مؤن الشهر الفضيل في أول أيامه وسط ارتفاع مذهل في درجات الحرارة “لا يوزايه سوى التصاعد الصاروخي في أسعار المواد الأساسية”، على حد تعبير احد المتسوقين.
وانتظم المتسوقون طوابير لدى دكاكين بيع الطحين لشراء حاجاتهم من تلك المادة الأكثر حضورا في موائد الإفطار، ويحضر الموريتانيون من مسحوق الدقيق شرابا ساخنا يتم توزيعه في كوؤس على أفراد العائلة .
ويستخدم المشروب الذي يتم مزجه بالحليب والسكر بشكل واسع في أوساط الفقراء بينما يعتمد الأغنياء على “الشوربة المصطنعة” من مواد الخضر واللحوم والتوابل.
وهاجمت مريم، القادمة من الحي الساكن، ما أسمته غياب الدولة عن رقابة الأسعار في وقت وصل سعر الطحين بنوعيه، طحين القمح وطحين الزرع، 350 أوقية وهو ما لا يتماشى مع القدرة الشرائية لشعب غالبيته من الفقراء، بحسب ماتقول مريم.
وتسائل المصطفي، وهو يبحث عن أسعار أخفض، عن مصير موظف يتقاضى را تبا في حدود 40000 ألف أوقية مع موجة الغلاء هذه، وقال “جئت وفي جيبي 2000 أوقية لشراء مصروفات يوم واحد وعدت الى البيت دون ان أتمكن من استكمال لائحة المشتريات .. سيكون علي إلغاء جانب هام من وجبة الإفطار لهذا اليوم لأنني عجزت عن توفيره .
وارتفع سكر السكر الى حدود 300 أوقية وهو يستعمل بشكل كبير في تحضير وجبات عديدة للصائمين إضافة الى الإفراط في استخدامه في مادة الشاي وتصاعدت أسعار مادة التمر الأكثر إقبالا عليها في هذا الشهر، ووصل سعر كيلوغرام التمور المتوسطة نحو 1000 أوقية.
وعلق احد المتسوقين لصحراء ميديا بالقول: رغم أن مادة التمر تأتي من جهات مختلفة من البلاد وتستورد من الخارج وتوزع مجانا أحيانا من طرف محسنين عرب، فان تلك السلعة تظل في ارتفاع مستمر من ذا الذي ينجي السوق من غول الأسعار هذا الذي يأتي على الأخضر واليابس “
إقبال .. وإدبار
وفيما تشهد بعض السلع إقبالا غير مسبوق في شهر رمضان تصاعدت أسعارها مع ازدياد الطلب عليها ووصل سعر زوج البطاطا والبصل 9000 أوقية بدل 6000 أوقية قبل يومين. وقال ابراهيم، أب لعائلة من 5 أفراد، قد نضطر لاستبدال “الاطاجين” بوجبة أخرى لان أسعار البطاطا في تصاعد دائم ولا تخلو وجبة إفطار الصائم من “الاطاجين” المعد من البطاطا واللحوم والخضروات يستوي في ذلك الغني والفقير، وإضافة لانتعاشها يقبل الكثيرون على النمور.
وأخيرا أصبحت الحلويات قبلة الكثير من الموريتانيين، ويتزاحم الكثيرون لدى محلات اغلبها يملكها مواطنون من الجاليات العربية لشراء المكسرات والحلويات في تقليد لعادات غذائية من الجوار العربي.
ويبدو مواطن مغاربي في نواكشوط مبتهجا للإقبال الذي تشهده تجارته مع حلول شهر رمضان، وتعرف تجارة الدجاج إقبالا منقطع النظير في هذا الشهر وهو ما يساهم أيضا في رفع سعر تلك المادة في رمضان.
وفي المقابل يعزف الموريتانيون في رمضان عن مواد كالأرز والمشروبات الجاهزة رغم ان ذلك العزوف لا ينعكس على أسعارها إذ تبقى مادة الأرز في مستويات عليا من الارتفاع، وكذا بالنسبة للأسماك التى يقل تناولها في هذا الشهر ولا يساهم عدم الإقبال عليها في خفض سعرها لان المواد التى يرتفع ثمنها لا ينخفض أبدا مهما بلغ سعره عالميا وفق ما يقول الكثيرون في هذا البلد.
ويرجع خبراء ارتفاع الأسعار الى زيادة سعر المحروقات ثلاث مرا ت خلال اقل من شهر والى ضعف القوة الشرائية للمواطن وتكاليف الجمركة، إذ يتم استيراد اغلب المواد الاستهلاكية من أسواق خارجية إضافة الى الأزمة الاقتصادية العالمية.
وأصدرت جمعيات حماية المستهلك بيانات أدانت فيها الارتفاعات المتكررة لأسعار المحروقات والمواد الغذائية، وطالبت الحكومة بوقف جماح الأسعار وانتهاج اسيتراتيجية دائمة لموا جهة الغلاء .
خطة رمضان
ومن اجل مواجهة غول الأسعار دأبت الحكومة الموريتانية على افتتاح محلات خاصة بالفقراء في الأحياء المختلفة بالمدن والقرى والبلدات الموريتانية، ووسعت الحكومة من خطة التضامن لتشمل شهر رمضان.
وقال عبد الله، مسير دكان من دكاكين التضامن، ان الخطة شملت هذا العام مواد المعكرونة والبطاطا والزيوت”، وهي مواد “لم تكن موجودة في الخطط السابقة، وعقد مقارنة بين أسعار السوق والأسعار التى يتم بها بيع المواد الغذائية للمواطنين يوضح فارقا يصل في بعض الأحيان 80 في المائة اقل من سعر السوق”، على حد تعبيره.
ويجد المواطنون صعوبة في اقتناء تلك البضائع بسبب الكميات المحدودة منها المخصصة للبيع وطوابير الانتظار الطويلة