تعرض الصحافي السويسري كلود أوليفي فولوز المقيم في موريتانيا، للتوقيف من قبل السلطات وذلك بعد أن تم تجريده من جميع وثائقه الثبوتية وفي مقدمتها جواز سفره.
وقال فولوز في حوار مع صحيفة “إيلاف” الاليكترونية، وهو يشرح ما تعرض له، “تم إيقافي من طرف إدارة مراقبة التراب الوطني، عندما كنت أغطي مظاهرة أهلية للسود الذين يعتقدون أنه يمارس بحقهم التمييز العنصري بسبب الإحصاء السكاني الذي يجري في الوقت الحالي”.
وأضاف في نفس السياق أن “هذه المظاهرة قمعت بقوة”، موضحا احترام مجلته لأدبيات العمل الصحفي، وذلك بأنه يعطي الكلمة لكل الفرقاء “كما يفرض ذلك علينا ميثاق شرف الصحافة، لكن ربما هذا لا يكفي ويزعج…”، بحسب تعبيره.
ويشعر فولوز أنه “في وضع غير آمن لأنه لم يبد له أي سبب وجيه لتوقيفه. قيل لي أنه كان عليه أن يطلب اعتماد لتغطية الحدث، موضحاً: “قدمت طلب الاعتماد حتى يسجل لدى وزارة الاتصال سنة 2010، يقولون لي اليوم أنه لا يمكن أن يعطوني اعتماد لأن اللجنة التي تبت في هذه الطلبات لم تعد موجودة منذ يناير 2011، وإذ بي أجد نفسي تحت التهديد المستمر بالتوقيف”.
ويخشى الصحافي السوريسري أن يكون غرض السلطات الموريتانية من ذلك تقديم حالته كعبرة لدفع باقي الصحافيين بنواكشوط ليبتعدوا عن معالجة مثل هذه الحركات الاحتجاجية ومواضيع أخرى صعبة.
ويتابع في ذات الاتجاه “الطريقة المستعملة لا تترك مجالا للشك. فقد,استجوِبت لثلاث ساعات من طرف إدراة مراقبة التراب الوطني “لاديستي”، وحجزوا أدوات عملي، وجواز سفري لمدة أربعة أيام، كما لم يكن ممكنا لي أن أتنقل وحُجزت مني الصور التي التقطتها للمظاهرة كما أُمرت بأن لا ألتقط صوراً للمناسبات الحساسة.”
ويعتبر فولوز أن “هذه ضغوطات غير مسموح بها في لحظة تقول فيها السلطات المرويتانية إنها ترغب في دمقرطة المجتمع وتطوير حرية الصحافة.”
وعرض ناشر مجلة “سيتي ماغ نواكشوط” ما تعرّض له على منظمة “مراسلون بلا حدود” كما أبلغ مجموعة من الصحافيين في أوروبا والعالم العربي، مشيرا إلى أنه يشعر “بإرادة حقيقية لتطوير حرية الصحافة والحريات عموما في العالم العربي وخصوصا في المنطقة المغاربية في خضم الربيع العربي”.
ويقول فولوز إن “العديد من الصحافيين العرب يرفضون أي عودة إلى الوراء، وهو الأمر نفسه بالنسبة للكثير من الصحافيين الموريتانيين الذين استغربوا ما حدث وعبّروا عن انزعاجهم منه.”
وزاد قائلا “يمكن لي أن أعتمد على دعمهم ودعم نقابة الصحافيين الموريتانيين وعلى المثقفين الذين تعبئوا بدورهم من أجلي. وأستغرب أنه يمكن إيقاف أجنبي في موريتانيا، حجز جواز سفره لمدة تصل تقريبا إلى الأسبوع دون أن يحدث ذلك أي رد فعل من قبل الدبلوماسيات الغربية.”
ورغم المضايقات التي يتعرض لها، يظل فولوز “إيجابيا” لكنه يوضح وجوب بقائه عقلانيا، ويفيد بأن “هامش تحركاتي اختزل بشكل أكثر بعد هذا التوقيف، فأنا مراقب عن قرب”.
و يؤكد في نفس المضمار أن “الشرطة أفهمتني أنه يمكن أن تعتقلني في أي لحظة… أستمر في النضال من أجل أن لا تتوقف مجلتي عن الصدور، وهي تعتبر الصحيفة المجانية الوحيدة في موريتانيا والأكثر قراءةً، وهذه خصوصية يجب الحفاظ عليها”.
وكلود أوليفيي فولوز صحافي سويسري متخصص في الشأن الدولي. غطى العشرات من النزاعات لعدد من وسائل الإعلام الأوروبية منذ 2006. واختصّ في المنطقة المغاربية كما شارك في خلق ميدي1 تي في بالمغرب، وقدم لمدة سنتين نشرة المساء بالفرنسية على هذه القناة.
ويدير فولوز منذ 2010 مجلة “سيتي ماغ نواكشوط”، الصادرة بالفرنسية من العاصمة الموريتانية، والتي تستقطب أكبر عدد من القراء في هذا البلد المغاربي، بمعدل 20 ألف قارئ.
عبر بيير أومبرواز المسؤول عن مكتب إفريقيا بمنظمة مراسلون بلا حدود، في تصريح لـ”إيلاف”، عن “قلقه” مما يعانيه الصحافي كلود أوليفيي فولوز، موضحا “علمت أن زميلنا الذي يستقر في نواكشوط ويصدر منها مجلة “سيتي ماغ”، لم يتوصل لأن يكون معتمدا من طرف السلطات الموريتانية”.
ويضيف في ذات السياق “كما علمت أنه يُستدعى من طرف السلطات الموريتانية ويستنطق كما حدث خلال عطلة نهاية الأسبوع.. وأنا أبحث عن السبب وما يعنيه هذا وما الذي تؤاخذه عليه السلطات الموريتانية.”
ومنظمة مراسلون بلا حدود هي “بصدد الدخول في إجراءات مع السلطات الموريتانية” بحسب أومبرواز، إلا أنه “يجب أولا معرفة وضعية زميلنا وفهم الصعوبات التي يواجهها، وذلك بمحاورته أو محاورة أشخاص آخرين قادرين على إخبارنا”.
ويتابع مسئول المنظمة:”بعدها سنربط الاتصال بالسلطات الموريتانية لأجل معرفة رأيها، والطريقة الأمثل لإيجاد مخرج لهذا المشكل”، متمنيا “أن يحل المشكل بسرعة وفي أحسن الشروط.”
ولا يرى بيير أومبرواز أن موريتانيا بلد ينصح بعدم الاشتغال فيها بالنسبة للصحافيين الأجانب، فهو يقول “يمكن لصحافي أجنبي أن يشتغل في موريتانيا، ولهذا بسبب تفاجأت بهذه الوضعية” أي لما تعرض له فولوز.
وستفتح المنظمة تحقيقا لمعرفة ما حصل. و”يتلهف” محدثنا لسماع تفسير السلطات الموريتانية للحادث، ويوضح في الوقت نفسه أن “موريتانيا ليست بجنة حرية الصحافة، لكن البلد عرف تقدما معتبرا منذ 2005 بخصوص احترام الصحافيين ووسائل الإعلام”.
ويؤكد أومبرواز، بشأن وضعية الصحافة في مويتانيا، أنه “بالطبع لازالت هناك مشاكل قائمة، لكن عموما الإعلام الأجنبي لا يشتكي من مضايقات”، مستدركا أنه “يجب أن نبقى حذرين ويقظين…”.