أول تظاهرة للشباب خارج “ابلوكات” مرت “بلا دموع .. ولا بلطجية”
نواكشوط ـ سعيد ولد حبيب
مرت أول تظاهرة للشباب الموريتاني خارج مساحة ابلوكات دون حدوث أعمال عنف، وتوافد عشرات المتظاهرين بعد صلاة الجمعة الى المساحة الجديدة قرب مبنى البرلمان حيث رفعوا لافتات تطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية.
عن يسار المكان بدت ساحة ابلوكات خالية إلا من رجال أمن يسيرون دورياتهم جيئة وذهابا، في مشهد استعراضي بين قطع أرضية وضعت لها حفارات الدومين العام آثارا تحدد نصيب كل مستثمر لقطعة ارض بيعت في مزاد علني بعدة مليارات من الأوقية.
امتدت الأعلام الموريتانية على طول المساحة فيما بدا الشباب يرددون شعارات وهم يحملون لافتات تعبر عن مطالبهم… ما لم تقله فرقة “الهيب هوب” التى أنعشت مناخا حارا طارد فيه المتظاهرون ظلال الأشجار والجدران المحيطة، قاله المحتجون بكلام مسجوع ومقفى أحيانا، وهم الذين بدؤوا منذ انتهاء صلاة الجمعة في التوافد على الساحة الجديدة.
بالقرب من قبة البرلمان حيث يتم تشريع القوانين كانت أصوات المحتجين تردد مطالب من قبيل “إصلاحات دستورية ونظام سياسي يحد من تغول مؤسسة الرئاسة ويمنح البرلمان سلطات أوسع.
“”لقد تعبنا من هذه الوجوه والأسماء نحن شباب نطمح للتغيير الحقيقي أن الأوان لهم كي يسمعونا نريد جيلا جديا يتبنى هموم المحرومين، يؤسس لبناء دولة تذوب فيها الايقونات العرقية والقبلية “؛ يقول أحد المتدخلين.
وبأسلوبهم المعهود كان خطباء شباب 25 فبراير يرددون تلك الشعارات التي نسجت بطريقة أدبية منسجمة وبين الفينة والأخرى كانوا يمنحون متحدثين باللغات الوطنية الأخرى مساحة من الوقت للحديث.
وعرض المحتجون جملة مطالب موجهة إلى الحكومة الموريتانية من بينها دعوات بإقالة الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، من التكنوقراط، “بصلاحيات واسعة، لتطبيق برنامج إصلاحي يستجيب لتطلعات كل الموريتانيين” على حد تعبير المحتجين.
وأكدت العريضة على ضرورة زيادة الحد الأدنى لرواتب الوظيفة العمومية، “ليصبح 73 ألف أوقية”؛ وهو ما تطالب به النقابات العمالية.
وطالبت “منسقية شباب 25 فبراير” برفع أجور القطاعين العام والخاص “لتواكب القوة الشرائية للمواطنين ارتفاع الأسعار وانخفاض الأوقية”.
كما شددت العريضة المطلبية على ضرورة التركيز على الخبرات الوطنية في مجال التشغيل، “بدل الاعتماد على الكفاءات الأجنبية”.
وفيما يشبه تحولا في نبرة الشباب الذين هجروا بلوكات بعد معارك وقمع يبدو ان المتظاهرين هجروا أيضا أو قللوا من ترديد تلك الشعارات التي ترفض بيعها وفق راي احد المراقبين ، اذ لم تتكرر شعارات من قبيل “بيع الساحة باطل والشباب عاطل”
لقد تغير ظرف المكان وبقي الزمان وستظل تلك الساحة تمثل بالنسبة لنا رمزا من رموز الفساد؛ يعلق احد المتظاهرين.
وأطلق المتظاهرون الذين قدر عددهم بالمئات عبر مكبرات الصوت في ساحة الاحتجاج نداء إلى كل الموريتانيين لمتابعة عريضتهم المطلبية حتى تتحقق كاملة غير منقوصة.
صقور .. وحمائم
ووسط جدل إعلامي وسياسي محتدم حيال اتهام لبعض ثوار حركة 25 فبراير بالتعرض لاختراق من طرف جهات سياسية في الحكومة والمعارضة، نفي الشباب أي خلخلة في بناء المنسقية متهمين جهات وصفوها بالمغرضة “ببث اشاعات لإطفاء جذوتهم المتقدة”؛ حسب تعبير احد أعضاء المنسقية.
وأضاف “لن تفت من عضدنا الشائعات فنخن متماسكون ومؤمنون بموريتانيا حرة يتساوى فيها الجميع في الفرص وسنواصل الاحتجاج بطريقة سلمية”…
ويثور جدل كبير إزاء قرار المتظاهرين بنقل مكان الاحتجاج إلى مساحة تقع بين وزارة الثقافة ومبنى البرلمان في ظل عدم ارتياح مجموعات على القرار.
وينقسم ثوار حركة 25 فبراير إلى صقور وحمائم.. ففيما يأخذ الصقور على باقي المجموعات جنوحهم إلى أسلوب أكثر هدوء وسلمية، يطالب هؤلاء بتصعيد نبرة المواجهة مع الأمن الذي يقولون انه هو من “بدأ بالتصعيد حين عمد إلى قمعهم رغم أنهم سلميون”.
وأعلنت مجموعات وصفت نفسها بأنها “مجموعات عسكرية تم فصلها تعسفيا”، تضامنها مع الشباب، وقال متحدث باسم المجموعة إنهم قرروا التظاهر بشكل سلمي بوصفهم مواطنين موريتانيين للتعبير عن “رفضهم للظلم والتهميش”.
ودعا حاكم سابق لمقاطعة كنكوصة جنوب شرق موريتانيا الآباء إلى دعم أبنائهم الشباب، والوقوف إلى جانبهم في ميدان الاحتجاج، وقال انه فصل من عمله لأنه لم يعلق صورة الرئيس في مكتبه، بعيد الإطاحة بنظام ولد الشيخ عبد الله، معلنا انضمامه إلى شباب 25 فبراير “من أجل تجاوز موريتانيا لهذه المرحل”؛ كما يقول الحاكم السابق.