وأفاد مصدر مرتبط بنشاط مكافحة الإرهاب في الساحل لـ”الخبر”، بأن دليلا صحراويا قاد الجيش الموريتاني إلى آثار الخاطفين الذين كانوا على متن 3 سيارات دفع رباعي مساء يوم الاثنين 30 نوفمبر الماضي في مكان صحراوي بين بلدتي أطار وتجكجة وسط موريتانيا، وقررت هيئة أركان الجيش الموريتاني في حينه مطاردة الجماعة الخاطفة، لكن الجيش الموريتاني واجه صعوبة بالغة في حصار الخاطفين الذي كان ممكنا قبل حلول ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، بسبب افتقار الجيش الموريتاني للطائرات العمودية وسلاح الجو بالعدد الكافي، والسرعة الكبيرة لسيارات الخاطفين، الذين غيّروا الاتجاه أكثر من مرة من أجل تضليل القوات الموريتانية، باستعمال حيلة السير في دوائر مغلقة في الصحراء. ولم تكن القوات الخاصة الغربية قد وصلت بعد إلى المكان.
وقد تلقى العسكريون الموريتانيون إشارة لاسلكية من الخاطفين تفيد بأن أي تعرض لهم يعني تصفية الرهائن. وكانت الحكومة الإسبانية، حسب مصدرنا، واثقة بأن أي عمل عسكري لتحرير الرهائن في تلك الظروف سينتهي بمذبحة؛ حيث رأى الإسبان ”أن أية عملية عسكرية يجب أن تكون مبنية على معلومات جيدة، وأن يخطط لها بشكل جيد وأن تنفذها قوات خاصة غربية متمرسة على عمليات مكافحة الإرهاب”. بينما رأى الموريتانيون أن تأخير التدخل سيعقد الأمور أكثر فيما بعد.
وحسب مصدرنا، فإن الجيش الموريتاني فقد آثار الخاطفين منذ فجر يوم الثلاثاء الماضي في موقع يبعد عن العاصمة الموريتانية بـ500 كلم تقريبا. وتقول التقارير الأمنية إن العمل العسكري لتحرير الرهائن لا يزال غير مستبعد لكنه يحتاج للتحضير الجيد. في ذات السياق، استبعد متابعون للشأن الأمني في الساحل أن يكون مرتزقة أو مجرمون وراء عملية الخطف، بدليل أن قاعدة المغرب نفذت عدة عمليات في موريتانيا بواسطة مجندين موريتانيين؛ حيث تشير تقارير أمنية إلى أن عدد خلايا الإسناد والدعم التابعة للقاعدة في داخل العاصمة الموريتانية تفوق العشرة، وأن الأمن الموريتاني لم يتمكن من التعرّف عليها لحد الآن بسبب طبيعتها العنقودية. وتشير ذات التقارير كذلك، أن الأمن الموريتاني يبحث بجدية بالغة عن مسؤول القاعدة في نواكشوط، وهو سلفي تكفيري متخفٍ، تم رصد اتصالات له على شبكة الأنترنت في شهر جوان الماضي، وطورد عبر عملاء للأمن الموريتاني ثم اختفى ولم يظهر له أي أثر. وهو ما يعني أن قاعدة المغرب ليست بحاجة للتعاقد مع مجرمين محترفين. كما أن الهدف من الحديث عن تورط مرتزقة في العملية هو إعطاء مصالح الأمن الموريتانية فرصة للعمل من أجل تدمير خلايا القاعدة النائمة داخل المدن. ومن المرجح أن عملية الخطف هذه تمت بتخطيط مباشر من الإرهابي يحيى جوادي.
ونفى مصدر أمني جزائري رفيع، بشدة، ما تم تداوله من معلومات في صحف إسبانية بشأن تورط مقربين من أمير كتيبة الملثمين مختار بلمختار في خطف واحتجاز الرهائن الإسبان الثلاثة بموريتانيا قبل أيام. وحصلت ”الخبر” على معلومات موثوقة، تفيد بأن الأمن الجزائري يسعى لإقناع الإرهابي بلمختار مختار الموجود في حالة هدنة هشة، لاستغلال علاقاته القوية بتكفيريين وسلفيين موريتانيين داخل قاعدة المغرب، من أجل دفع الاتصالات الرامية للإفراج عن الرهائن إلى الأمام. وتشير المعلومات المتوفرة بأن الأمن الجزائري دخل على خط هذه الاتصالات عبر عدة قنوات، منها ما يرتبط بقبائل الكنتة والأجواد وأعيانهم في شمال مالي وعرب النيجر وأولاد سيدي الشيخ في مالي والنيجر وبعض المهربين السابقين، من أجل الإفراج عن الرهائن الإسبان الثلاثة والفرنسي المخطوف في بلدة ميناكا شمال النيجر. وكانت أجهزة الأمن المكلفة برصد ما يسمى إمارة الصحراء، قد حذرت، قبل عدة أشهر، من عملية إرهابية كبيرة في الساحل. وهو ما أشارت له ”الخبر” في أعدادها سابقا قبل أن يقع بالفعل.