أسند الرئيس الموريتاني المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني، مهمة إدارة حملته الانتخابية إلى سيد أحمد ولد محمد، وزير الإسكان والاستصلاح الترابي في الحكومة الحالية.
وأشارت مصادر خاصة إلى أن ولد محمد استدعي إلى القصر الرئاسي مساء أمس الاثنين، بعيد مجلس الوزراء وأبلغ من طرف الرئيس بمهمته الجديدة.
وزير الثقة
يعد ولد محمد أحد الوزراء القلة الذين عينهم ولد الغزواني مباشرة بعد تسلمه السلطة عام 2019، وحافظ على وجودهم في جميع حكوماته.
وبدأ ولد محمد وزيرًا للتجارة، ثم وزيرا للمياه والصرف الصحي، وفي الأخير وزيرًا للإسكان والاستصلاح الترابي.
ولد محمد البالغ من العمر 53 عامًا، خبير بيئي ومستشار دولي، وناشط سياسي وحقوقي خلال فترة شبابه، قبل أن يبرز بقوة إبان ترشح ولد الغزواني للرئاسيات عام 2019، وفي السنوات الأخيرة أصبح من أكثر الوزراء قربًا من القصر.
حتى أن سيد أحمد ولد محمد يعد من بين خمسة وزراء حافظوا على مقاعدهم بشكل دائم في الحكومات المتعقبة: حننا ولد سيدي، الناها بنت مكناس، محمد سالم ولد مرزوك، الداه ولد الطالب أعمر.
في المقابل، أثار اختيار ولد محمد تعليقات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وربط بعض المعلقين اختياره بالشريحة الاجتماعية التي ينحدر منها، معتبرين أن مهمته الأساسية هي مواجهة الناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد والمحامي العيد ولد محمدن، اثنان من أبرز مرشحي المعارضة للرئاسيات.
الخبرة السياسية
في غضون ذلك، اختار ولد الغزواني أن يستدعي سيدي محمد ولد محم ليسند إليه منصب المدير العام المساعد للحملة الانتخابية، وهو الذي يشغل منذ قرابة عام منصب المدير العام لميناء الصداقة، أكبر ميناء في موريتانيا وبوابتها الأهم على المحيط الأطلسي.
يتمتع ولد محم (62 عامًا) بخبرة سياسية كبيرة حيث كان حاضرًا في واجهة المشهد السياسي الموريتاني لأكثر من ثلاثة عقود، كما قاد بصفته محاميا الدفاع عن كثير من المعتقلين السياسيين، ومن أبرزهم فرسان التغيير.
حضور ولد محم تعزز أكثر خلال الفترة من 2008 وحتى 2019، والتي دخل فيها الحكومة وتولى رئاسة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وكان أحد أبرز الوجوه السياسية لنظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
في العام الأخير من حكم ولد عبد العزيز، قدم ولد محم استقالته وعبر عن مواقف معارضة لنظامه، وحين ترشح ولد الغزواني كان من أبرز داعميه.
خلال محاولة ولد عبد العزيز رئاسة الحزب الحاكم نهاية 2019، واندلاع أزمة المرجعية، خرج ولد محم ليقول إن “ولد عبد العزيز ليس أفضل من يتحدث عن النصوص الداخلية للحزب”، رافضًا له لعب أي دور سياسي بعد خروجه من الحكم.
المعلمة الإدارية
من جهة أخرى، أسندت إدارة حملة النساء إلى زينب بنت أحمدناه، وزيرة التشغيل والتكوين المهني في الحكومة، وهي التي تحملُ خلفها مسارًا طويلًا من التقلب في المناصب الحكومية والإدارية، جعلها من ذوي الخبرة.
بنت أحمدناه (47 عامًا) حاصلة على شهادة المتريز في القانون العام من جامعة نواكشوط، كانت بدايتها المهنية معلمة ابتدائية، قبل أن تلتحق بوزارة الداخلية عام 2005، ليبدأ مسارها من رئاسة مصلحة الشؤون السياسية.
في عام 2007 عينت بنت أحمدناه حاكمة لمقاطعة تفرغ زينه، ثم والية بلبراكنه حتى 2011، قبل أن تعود إلى نواكشوط لتتولى إدارة التعاون والدراسات والبرمجة في وزارة الداخلية حتى 2018، وأسندت إليها بعد ذلك الإدارة العامة للشؤون السياسية والحريات العامة.
مع مطلع عام 2020 عينت بنت أحمدناه في منصب الأمين العام لوزارة التنمية الريفية، ثم في نفس المنصب بوزارة الداخلية عام 2021، وهو ما قادها لأن تحمل أول حقيبة حكومية لها عام 2022؛ حين عينت وزيرة أمينة عامة للحكومة.
تحمل الآن بنت أحمدناه حقيبة التشغيل والتكوين المهني منذ يوليو 2023.
رئيس الشباب
وبما أن ولد الغزواني في رسالة ترشحه تعهد بأن تكون مأموريته الثانية متمحورة حول إشراك الشباب، قرر أن يختار لإدارة حملة الشباب أحمد ولد يحيى، رئيس الاتحادية الموريتانية لكرة القدم، وأحد أبرز الوجوه التي تحظى بشعبية في الأوساط الشبابية.
يعد أحمد ولد يحيى (48 عامًا) رجل أعمال ينحدرُ من مدينة نواذيبو، له شغف كبير بقدرة القدم قاده عام 1999 إلى تأسيس نادي أف سي نواذيبو ورئاسته، ولكنه سرعان ما كبرت أحلامه وقرر أن يستقيل من رئاسة النادي (2011) بحثا عن رئاسة الاتحادية.
ترشح ولد يحيى للانتخابات في الاتحادية وفاز برئاستها عام 2011، وبدأ العمل في واحد من أكثر المشاريع الكروية التي أشاد بها الإعلام الدولي خلال العشر سنوات الأخيرة، حتى أصبح ولد يحيى حاضرًا في أروقة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم وفي الفيفا.
نجاح ولد يحيى على مستوى كرة القدم الموريتانية، لم يمنعه من الحضور السياسي، فكان يقود الحملات الانتخابية على مستوى ولاية داخلت نواذيبو، والتي كان آخرها حملة الانتخابات التشريعية الماضية، والتي خسرها الحزب الحاكم.
الآن أسندت إلى ولد يحيى مهمة قيادة الحملة على المستوى الوطني، لإقناع الشباب الموريتاني بالتصويت لولد الغزواني في مأمورية رئاسية ثانية اختار لها عنوان “الشباب والحرب على الفساد”.
إعلام الحملة
ولد الغزواني قرر أيضًا أن يسند رئاسة لجنة الإعلام والاتصال في حملته الانتخابية إلى أحمد ولد سيد أحمد ولد أجَّ، وهو الذي يشغل حاليا منصب وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان.
وفيما تبدو مهمة إدارة الإعلام والاتصال شديدة التعقيد في حملات انتخابية أصبحت تجري على وسائل التواصل الاجتماعي، يستعد ولد أج لهذه المهمة وهو يحمل درجة الماجستير في إدارة الأعمال والتسويق والاتصالات من الجامعة الأورو-أمريكية الدولية.
ولكن ولد أج (61 عامًا) يحملُ أيضًا تجربة مهنية كبيرة، بدأت عام 1990 في هيئة البريد والمواصلات، ليخوض مسارا ما بين القطاعين العام والخاص، قبل أن يصبحَ في الفترة من 2010 وحتى 2014 المدير الإداري لوكالة النفاذ الشامل للخدمات.
وفي الفترة من 2014 وحتى 2023 حافظ ولد أجَّ على منصب الأمين العام في عدة وزارات: وزارة الشؤون الاقتصادية والتنمية، وزارة الصحة، وزارة الخارجية والتعاون، وزارة الصيد والاقتصاد البحري، وزارة المياه والصرف الصحي.
وفي شهر يوليو الماضي دخل ولد أجَّ الحكومة وزيرا للثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان.