الشيخ محمد حرمه – صحراء ميديا – سان بطرسبورغ
اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، الغرب بالوقوف في وجه وصول الحبوب إلى الدول المحتاجة، مشيرًا إلى أن النسبة الأكبر من الحبوب الأوكرانية التي صدرت بموجب اتفاق “مبادرة البحر الأسود للحبوب” حصلت عليها دول الاتحاد الأوروبي.
الرئيس الروسي كان يتحدث في افتتاح قمة روسيا – أفريقيا المنعقدة في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، وخصص جزء كبيرا من خطابه للدفاع عن قرار روسيا وقف العمل باتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وحمل الغرب مسؤولية ذلك.
وقال بوتين أمام القادة الأفارقة إن بلاده قادرة على سد الفراغ الذي تخلفه الحبوب الأوكرانية في السوق العالمية، مشيرًا إلى أن روسيا تستحوذ على 35 في المائة من سوق القمح، فيما لا تمثل صادرات أوكرانيا سوى 5 في المائة فقط.
وأعلن الرئيس الروسي أن بلاده تستعد في غضون ثلاثة أشهر لتقديم شحنات من الحبوب مجانًا إلى ست دول أفريقية، وأوضح أن الأمر يتعلق بما بين 25 إلى 50 ألف طن من الحبوب ستحصل عليها بوركينا فاسو وزيمبابوي ومالي والصومال وجمهورية إفريقيا الوسطى وإريتريا.
وخلص بوتين في هذا السياق، إلى القول إن “الدول الغربية تتهمنا زورا بالتسبب في الوضع الراهن للأزمة في سوق الغذاء العالمي، إلا أنها في الوقت نفسه تعيق إمداد الحبوب والأسمدة للدول المحتاجة”.
خطة مشتركة
من المرتقب أن تسفر قمة روسيا – أفريقيا عن اعتماد “خطة مشتركة” للتعاون ما بين روسيا والاتحاد الأفريقي، تعنى بشكل بقضايا الأمن والإرهاب، ومواجهة الأزمات التي تندلع في القارة الأفريقية.
وكان بوتين قد أعلن خلال لقاء مع هيئات ومنظمات أفريقية، رغبة بلاده في تعزيز التعاون مع أفريقيا مجال مكافحة التهديدات كالإرهاب والتطرف، وأضاف: “اليوم، ستتم الموافقة على خطة عمل مشتركة واسعة النطاق بين روسيا والاتحاد الإفريقي حتى عام 2026”.
وأوضح الرئيس الروسي أن “اعتماد هذه الوثيقة الشاملة يأتي لتطوير لمذكرة التفاهم لعام 2019 بين الحكومة الروسية ومفوضية الاتحاد الإفريقي، حول أساسيات العلاقات المتبادلة والتعاون”.
وأضاف أن الوثيقة الجديدة “تنص على تكثيف الاتصالات حول قضايا السلام والأمن وحل الأزمات”، مشيرًا في السياق ذاته إلى أن “التعاون بين روسيا والاتحاد الإفريقي يمكن أن يخلق آلية حوار دائمة جديدة للتشاور حول القضايا الملحة؛ مثل محاربة الإرهاب والتطرف وضمان الغذاء والأمن المعلوماتي والبيئي”، وفق تعبيره.
بوتين في خطابه المطول أمام القمة، قال إن حجم التبادل التجاري بين روسيا وإفريقيا بلغ عام 2022 حوالي 18 مليار دولار، وزاد في النصف الأول من عام 2023 بنحو 35 في المائة، كما أن مجالات التعاون الرئيسية بين روسيا والقارة الإفريقية تشمل الطاقة واستخدام التربة والزراعة.
أزمات أفريقيا
رئيس اتحاد جزر القمر عثمان غزالي، الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، خلال خطابه في افتتاح القمة، قال إن إفريقيا تعاني من الهجرة ومن مشاكل الأمن ونقص المواد الغذائية ومشكلات المناخ وغيرها.
وأضاف أنه “بينما يقف العالم على حافة الانهيار، فإن إفريقيا دائما هي الضحية”، مشيرًا إلى أن “العالم يواجه تحديات اقتصادية وسياسية ذات أبعاد خطيرة، ولا يفهم كثيرون أهمية استخدام موارد العالم في خدمة البشرية، وليس في الحروب والصراعات”.
وقال غزالي إن قمة روسيا-إفريقيا تعد “منصة هامة لمناقشة قضايا التعاون بين روسيا وإفريقيا، وكذلك القضايا الدولية الراهنة، بوصف روسيا دولة عظمى مؤثرة في مشهد السياسة الدولية”.
مبادرة السلام
وفي سياق آخر، قال غزالي إن القادة الأفارقة لن يتخلوا عن “مبادرة السلام الأفريقية” التي أطلقوها قبل أشهر من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا، وأكد في تصريح صحفي على هامش القمة أن الدول المشاركة في المبادرة “لن تستسلم أو تتخلى عن المبادرة، وأنهم يعتزمون مناقشتها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.
وأوضح غزالي أن رؤيته للصراع في أوكرانيا “لم تتغير بعد زيارة زعماء دول المبادرة إلى روسيا وأوكرانيا”، قبل أن يضيف: “لقد اتفقنا كدول في المبادرة على إعداد مذكرة لتحديد كيفية متابعة الوضع، ولكن ما نشهده هذه الأيام أن الوضع أسوأ، ومع ذلك فلن نستسلم”.
وعبر عن أمله في اللقاء الذي سينعقد مع الرئيس الروسي من أجل “إحياء المبادرة وتحقيق نتائج إيجابية”، على حد تعبيره.
وكان الاتحاد الأفريقي قد أطلق مبادرة مطلع العام الجاري للوساطة في الحرب الأوكرانية، وزار وفد أفريقي كييف في يونيو الماضي، وعقدوا محادثات مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، وفي اليوم التالي، استقبل الرئيس بوتين الوفد في سان بطرسبورغ.
ولكن المبادرة لم تفض إلى أي نتيجة حتى الآن.