وأعلنت وزارة الدفاع النيجرية أن الدورية الاميركية النيجرية وقعت “بمكمن نصبه عناصر ارهابيون على متن حوالى عشر اليات وعشرين دراجة نارية” في جنوب غرب النيجر قرب الحدود مع مالي.
وقتل أربعة جنود نيجريين وأربعة أميركيون وفق ما اكدت وزارة الدفاع الأميركية.
ويندرج هذا الكمين الذي تم إعداده بدقة ضمن سلسلة هجمات لا تحصى في المنطقة، حيث تواصل التنظيمات المسلحة استهداف القوات النيجرية، والوضع مشابه في شمال بوركينا فاسو المجاورة وشمال مالي.
وعزز الاوروبيون القلقون انتشارهم بقوة منذ سنوات في المنطقة، وأبرزهم فرنسا مع عملية برخان التي تعد 3000 جندي تقريبا.
كما يوجد الاميركيون الاكثر تكتما عبر قاعدة للطائرات المسيرة في اغاديز (شمال النيجر) وكذلك قوات خاصة ومدربين في الميدان لم تعلن أعدادهم لكن مصادر محلية قدرتها ببضع مئات.
ويخوض الفرنسيون والاميركيون عمليات عسكرية ويدربون جيوش بلدان المنطقة لتحسين فعاليتها. في المقابل تعد قوة الامم المتحدة في مالي حوالى عشرة الاف رجل.
لكن الغربيين يدركون عجزهم عن مكافحة الجماعات المسلحة بفعالية دون جيوش دول الساحل نفسها. فليس صدفة ان يزور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بنفسه باماكو بمناسبة إطلاق قوة مجموعة دولة الساحل الخمس في يوليو.
ويفترض أن تضم القوة الخماسية في مرحلة أولى 5000 جندي من موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.
مؤخرا أكد الرئيس المالي ابراهيم بوبكر كيتا ان قوة مجموعة الخمس الساحلية “ستثبت فاعليتها في مستقبل قريب”. وأضاف “ادركنا ان دفاعنا وامننا هي امتيازات وواجبات تقع على عاتقنا نحن أولا”.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في نيامي في مطلع الاسبوع “انا مقتنع ان تشكيل هذه القوة رد مناسب على المسائل الأمنية”.
لكن مصدرا امنيا غربيا رفض الكشف عن اسمه صرح “باستثناء بعض الوحدات، تبدو الجيوش الافريقية التي تفتقر الى التجهيز والتدريب عاجزة في الوقت الراهن عن التمتع بقدرة هجومية كفيلة بمواجهة هذه الجماعات”.
أضاف المصدر “باستثناء تشاد، أفضل ما يمكن للدول الاخرى فعله هو نشر جنود لحراسة القواعد والمراكز، لا أكثر. وهذا أفضل من لا شيء، فقد يحرر وحدات يمكن الاستعانة بها في العمل الهجومي وهذا يجيز اثبات حضور. لكن علينا ألا نتوهم”.
اما العقبة الأخرى فتكمن في التمويل. ففي منتصف سبتمبر دعا رئيس النيجر محمد ايسوفو “المجتمع الدولي الى التعبئة” لتزويد قوة مجموعة الخمس في الساحل “بوسائل إتمام مهمتها” نظرا لمواردها المالية المحدودة.
وقال لاسينا ديارا صاحب كتاب “المجموعة الاقتصادية لدول افريقيا الغربية أمام الإرهاب العابر للدول” ان “الخطاب السياسي موجود، لكن المطلوب إرادة تعاون فعلية”.
ولفت الخبير الى “انعدام الثقة” بين الدول أحيانا، مذكرا على سبيل المثال بالعلاقات الغامضة بين رئيس بوركينا فاسو السابق بليز كومباوري والجماعات الإسلامية المتطرفة التي حمت بلاده حتى سقوطه، ما يثير تردد الماليين في التعاون مع واغادوغو.
وتعتبر الاستخبارات احدى الثغرات الكبرى في مبادرة مكافحة الجماعات الإسلامية. ففيما تبدو الطائرات المسيرة والمراقبة الالكترونية من العناصر الضرورية، “تبقى الاستخبارات البشرية أساسية” بحسبه.
غير ان “القوات الغربية غالبا ما ينظر اليها بصفتها قوات احتلال وفدت للاستيلاء على الثروات الجوفية” او حماية مصالحها الاقتصادية، بحسب ديارا.
واستفاض المصدر العسكري الغربي بهذا الاتجاه موضحا انه “في مالي، في النيجر، في بوركينا تتشكل أغلبية الجيوش من جنود من الجنوب وهم من اثنيات مختلفة عن شعوب الشمال. ولا يستسيغ العسكريون التوجه شمالا الى منطقة يجهلونها، فيما يبدي السكان حذرا واحيانا عداء ازاءهم”.
في المقابل في تلك المناطق الفقيرة التي غالبا ما تهملها الدول المركزية يجد خطاب التظيمات الذي “يزرع الشقاق” اصداء مؤيدة، فيما تملك هذه الجماعات قدرة استخباراتية بشرية فاعلة. ويشكل كمين الاربعاء برهانا على ذلك.