اختتمت فعاليات النسخة الأولى من مهرجان جول الثقافي، ليل الأحد/الاثنين، بحفل تحدث فيه وزير الثقافة محمد ولد اسويدات عن رمزية “نداء جول”، مشيرًا إلى أنه يؤكد حرص الرئيس على “تبني سياسات الإنصاف والعدل والمساواة بين كافة أبناء الشعب الموريتاني”.
وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني والسيدة الأولى مريم بنت الداه، مع شخصيات أخرى، قد وقعوا على “نداء جول”، ضمن فعاليات المهرجان.
وفي هذا السياق قال وزير الثقافة إن “توقيع فخامة رئيس الجمهورية على (نداء جول) له دلالة رمزية، خاصة وأنه يؤكد حرص فخامته على تبني سياسات الإنصاف والعدل والمساواة بين كافة أبناء الشعب الموريتاني”.
وأضاف أن النداء “يشكل قطيعة أبدية مع كل أشكال التمييز والغبن تحت أي ذريعة كانت”.
مشروع مجتمعي
وزير الثقافة خلال حفل الاختتام، قال إن المهرجان “ترجم مقاربة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في أبعادها التنموية والثقافية والاجتماعية”.
وأضاف أنها مقاربة قائمة على “بسط كل الامتيازات الوطنية أفقيا حتى ينعم بها الجميع أينما وكيفما كانوا”، وفق تعبيره.
وأوضح ولد اسويدات أن “المشروع المجتمعي لفخامة رئيس الجمهورية قائم في أساسه على خلق نهضة تستثمر في شتى المجالات الاجتماعية والثقافية والتنموية”.
وأشار في السياق ذاته إلى أن الرئيس “حرص على تسليط الضوء على تاريخ وتراث وثقافة البلد بمختلف جهاته”، وفق تعبيره.
وخلص إلى أن مهرجان جول “شكل بوابة كبرى لتثمين ثقافة مناطقنا المطلة على الضفة، بوجهها الآخر الذي مزج بين العلم والجهاد، وساهم في كتابة الجزء الأهم من تاريخ إفريقيا جنوب الصحراء”.
نداء جول
وجرى التوقيع على نداء جول من طرف كثير من الشخصيات الموريتانية التي حضرت المهرجان، وهو الذي يطلقُ ما سمي “ديناميكية وطنية جامعة”، وتسعى هذه الديناميكية إلى ما سماه النداء “عدم الارتهان لخطابات التفرقة، وقطع الطريق عليها من خلال رفع الظلم والحيف والتمييز”.
وفيما يلي نص النداء، الذي كان الرئيس الموريتاني أول الموقعين عليه:
إننا نحن المجتمعون في مدينة جول من مختلف نخب وقوى المجتمع وفعالياته الثقافية، ومن الذين يحلمون بوطن جامع، مانع، قوامه العدل والمساواة والإنصاف، وطن قادر على البقاء في خارطة الدول الناجحة، والطامحة لتأمين مستقبل أجيالها.
إننا نحن الرافضون لكل دعوات الفرقة، والنابذون لجميع خطابات التعالي والتفوق الساذج.. الحالمون بأن تتحول موريتانيا إلى جنة للتعايش والتآخي، وفضاء للتشييد والبناء، حيث يكون الوطن شجرة وارفة، يتفيأ الجميع ظلها، بكل تضافر واتحاد.
إيمانا منا بعزة وطننا وشرفه، وسعيا إلى الرقي به نحو مصاف التقدم والرفاه، وتوخيا لتجاوز كل العوائق والمطبات الاجتماعية التي حالت وتحول دون خلق ديناميكية شعبية قادرة على رفع التحديات التنموية الكبرى ومهيأة لكسب رهانات التقدم والازدهار.
ثم استجابة لنداء فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في وادان وتيشيت، الذي دعا فيه “كافة المواطنين الى تجاوز رواسب الظلم وعدم الانصاف في موروثنا الثقافي وإلى تطهير خطاباتنا ومسلكياتنا من الاحكام المسبقة والصور النمطية الزائفة.
وكذا الوقوف في وجه النفس القبلي المتصاعد والمنافي لمنطق الدولة الحديثة ولما يقتضيه الحرص على الوحدة الوطنية وكذلك لمصلحة الأفراد أنفسهم، إذ ليس ثمة ما هو أقدر على حماية الفرد وصون كرامته وحقوقه من وحدة وطنية راسخة في كنف دولة قانون حديثة”.
نعلن انخراطنا في ديناميكية وطنية جامعة، هدفها عدم الارتهان لخطابات التفرقة، وقطع الطريق عليها من خلال رفع الظلم والحيف والتمييز.
إننا نريد أن نطل من مدينة “جول” على مستقبل أساسه المساواة والعدل والقانون والإنصاف.. مستقبل تتحطم فيه كل الفوارق، ويتساوى فيه كل المواطنين.. مستقبل تحتفي فيه الدولة بكل مواطنيها؛ دون أن تعبأ بأصولهم أو شرائحهم أو جهاتهم.. مستقبل تذوب فيه الأعراق والفئات والشرائح والقبائل في الدولة الوطنية، وتصبح المواطنة هي المعيار الشرعي والوحيد للانتماء لهذا الوطن.
وإننا مدركون بأن ذلك لن يتم دون تقديم تضحيات كثيرة ليس أقلها طي الصفحات التي تعيق تقدمنا، وفتح أخرى أكثر إيجابية وإشراقا وإيمانا بالمستقبل المشترك لكل أبناء الوطن.
لقد آن الأوان للتحرر من قيود وأوهام التعالي بين الشرائح، كما آن الأوان للتوقف عن سد طريق الوحدة باجترار مظالم تاريخية بهدف إعاقة أي إرادة للتقدم والنماء.
علينا أن نعلنها بصوت واحدة وبكل لغاتنا الوطنية: نريد موريتانيا واحدة، لا تفوق فيها لمواطن على مواطن إلا بقدر ما يقدم للوطن من خدمة.. لقد ولى زمن التعالي والتمايز الشرائحي، وبدأ عهد جديد قوامه التسامح والتآخي واعتبار الماضي عبرة ودرسا تنبغي الاستفادة من محطاته المضيئة، والعمل على أن لا تتكرر دروسه المعتمة.
ولتجسيد ذلك نهيب بكل القوى والنخب الوطنية الصادقة، والطامحة إلى وطن جامع قوامه القسط والانصاف، نهيب بكل صنعة الرأي الثقافي والاجتماعي والسياسي، نهيب بكل العلماء والفقهاء والأكاديميين والتربويين والكتاب والمفكرين والشعراء والفنانين ورجال الأعمال والفلاحين والصناع التقليديين والرياضيين والسياسيين والنقابيين والحقوقيين والإعلاميين والعسكريين، إلى تبني هذا النداء، وذلك من أجل حاصر محفز للبناء ومستقبل مطمئن للأجيال القادمة”.