أحمد كلي – صحراء ميديا – النعمة
يتنقلُ “عبد الله” لساعات بين المحلات التجارية في سوق مدينة النعمة، بحثا عن الأرز بسعر معقول، إلا أنه في كل مرة يصطدم بسعر يقول إن راتبه لا يمكن أن يتحمله.
ليس “عبد الله” وحده من يتحدث عن ظروف معيشية “صعبة” يعاني منها سكان مدينة النعمة، التي تراجعت فيها نسبة الاستهلاك خلال شهر يناير الماضي، وفق إحصائيات نشرتها الوكالة الوطنية للإحصاء والتحليل الديمغرافي والاقتصاد.
في السوق الشعبي الواقع شمالي المدينة، تبدو الحركة التجارية هادئة، حيث يصف التاجر “الحاج ولد أحمد” الإقبال على السوق بأنه “ضعيف”.
يملك “الحاج” محلا لبيع السلع والمواد الأساسية، بدا محبطًا من ضعف الإقبال على محله، إذ يؤكد أن ارتفاع الأسعار أضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
ويضيف في حديث مع “صحراء ميديا” أن صغار الباعة من أصحاب محلات التجزئة لا يتحملون مسؤولية ارتفاع الأسعار، مشددا أن الغلاء تقع مسؤوليته على عاتق من وصفهم بـ “التجار الكبار ورجال الأعمال”.
غير بعيد من محل “الحاج” تنهمك “لاله” في تطريز الحناء التقليدية على يد إحدى زبوناتها، فهي تعمل في هذا المجال منذ ما يربو على عشرين سنة، إلا أن أعباء الحياة زادت عليها خلال العام الأخير، فمع تفاقم الوضع الاقتصادي توفي زوجها، الذي كان يتحملُ العبء الأكبر من إعالة الأسرة.
تعمل “لاله” لأكثر من عشر ساعات يوميا، لا يشغل بالها سوى تحصيل لقمة عيش لأبنائها الأربعة، إذ تتحمل وحدها تكاليف مصاريف الاسرة، وتقول لـ “صحراء ميديا” إن وفاة زوجها العام الماضي جعلتها تتحمل عبء مضاعفًا، مؤكدة أن عملها في مجال الحناء أنقذ أسرتها من “الفاقة” في ظرف صعب.
تشتكي “لاله” من ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وخاصة الأرز والخضار، ولكنها تشتكي أكثر من صعوبة النقل من بيتها إلى محلها في السوق، مشيرة إلى أن النقل وحده يكلفها يوميا ألف أوقية قديمة.
مدينة النعمة التي لا تصنف ضمن المدن الكبيرة، تشهدُ ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار سيارات الأجرة، فتصلُ إلى 500 أوقية قديمة، منذ أن رفعت الحكومة أسعار الوقود.
في هذا السياق يقول “خطاري ولد بونه”، وهو سائق سيارة أجرة، إنه هذه الأسعار طبيعية وغير مبالغ فيها، ويضيف: “من الطبيعي أن يكون سعر نقل الشخص الواحد بخمسة مائة أوقية قديمة”.
ويضيف السائق الذي يعتمد على سيارته في تحصيل قوة يومه، أن أسعار النقل تتأثر بأسعار المحروقات التي رفعت الحكومة سعرها العام الماضي، مؤكدا أنهم زادوا السعر نتيجة تلك القرارات التي تصدر عن السلطات المركزية.
مدينة النعمة التي يقطنها أكثر من 65 ألف شخص، شهدت تحسنا ملحوظا في الخدمات الأساسية، ذلك ما يقوله الفاعل السياسي في المدينة “حمادي ولد ارحيل”.
يتجول “حمادي” بين الأسواق، يشرح للباعة والمتسوقين ضرورة حضور استقبال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني غدًا الخميس، ويؤكد لهم أهمية هذه الزيارة.
يقول “حمادي” إن الظروف الاقتصادية الصعبة في المدينة جزء كم “تداعيات فيروس كورونا المستجد، والحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأسعار الطاقة”.
ويضيف في حديثه مع “صحراء ميديا” أن هذا الوضع “لا تعانيه مدينة النعمة وحدها، وإنما يشمل مختلف مناطق موريتانيا”، ويوضح أن “الأسعار في النعمة أغلى منها في باقي مناطق البلاد، لأن جل البضائع تأتي من نواكشوط البعيدة (1200 كلم)، وتكاليف النقل زادت مع رفع أسعار الطاقة”.
كل هذه التبريرات يسردها “حمادي” وهو يحاولُ إقناع السكان المحليين باستقبال الرئيس وأعضاء الحكومة، حين يعقدون اجتماعهم في النعمة غدًا الخميس، لمناقشة “تنمية” ولاية الحوض الشرقي.