حركة دؤوبة وسط مدينة النعمة، أقصى شرقي موريتانيا، فالمدينة البعيدة في أذهان كثير من الموريتانيين، أصبحت منذ أيامٍ مركز الأحداث، لأن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وحكومته سيزورونها، فسبقهم سياسيون وصحفيون ومدونون ومواطنون عاديون وغير عاديين.
خلال جولتنا في قلب مدينة النعمة، اكتشفنا أن هنالك انتعاشًا في سوق بيع وتأجير خيام القماش التقليدية، كانت نسوة كادحات يجهزن هذه الخيام بعد أن ظلت كاسدة لشهور طويلة، ولكنهن اليوم يجدن فرصة سانحة للتعويض.
فاطمة انديمان، وهي تاجرة خيام، قالت في حديث مع “صحراء ميديا” إنها بادرت إلى استغلال زيارة الرئيس وحكومته، حتى تؤجر أكبر قدر من خيامها، لتعويض خسائر السنوات الماضية.
تضيف فاطمة أن سعر تأجير الخيمة الواحدة تضاعف مرتين، بل إنه وصل إلى 40 ألف أوقية قديمة يوميًا، وهو ما يزيد على مائة دولار أمريكي، وهو مبلغٌ محترم.
تشير فاطمة إلى أن الزبائن الذين يقبلون على تأجير الخيام وبأسعار مرتفعة هم سياسيون يتنافسون لإظهار قوتهم ووزنهم الانتخابي، يستغلون بدورهم زيارة الرئيس لإثبات وجودهم، فيقيمون مخيمات يجمعون فيها “أنصارهم”.
أمَّا فاطمة التي ترى في هؤلاء السياسيين زبائن موسميين مهمين، أكدت لنا أنها “لا تثق فيهم” للدفاع عن مصالحها، وبررت ذلك بالقول إنهم لا يحضرون إلا في المناسبات السياسية وخلال الحملات الانتخابية.
مولاي ولد الشيخ أحمد، واحد من شباب النعمة تخرج قبل سنواتٍ من المدرسة الوطنية للصحة ولكنه بقي دون عمل، ويحمل مسؤولية ذلك للدولة وللسياسيين المحليين على وجه الخصوص.
يقول ولد الشيخ أحمد في حديث مع “صحراء ميديا” إن الحياة في مدينة النعمة هادئة ورتيبة، تغلب عليها المعاناة في أغلب فترات السنة، قبل أن يضيف: “مجيء السياسيين بدأ يكسر تلك الرتابة وذلك الهدوء”.
وقال: “تخرجتُ من المدرسة الوطنية للصحة في النعمة منذ أعوام، ولم أستطع الحصول على وظيفة، وها أنا أعاني من البطالة”، ثم يضيف أن “95 في المائة من شباب النعمة يرزحون تحت وطأة البطالة”، على حد تعبيره.
وأكد أن جائحة كوفيد – 19 تسببت في تفاقم معاناة سكان مدينة النعمة، وخاصة الشباب العاطلين عن العمل.
وخلص إلى أن المسؤولية تقع على عاتق السياسيين المحليين “الذين لا يتفاعلون مع مطالب الأهالي، ولا ينقلون معاناتهم إلى الجهات الرسمية المختصة”، على حد قوله.
برامج حكومية
المدينة التي تشير بعض التقديرات إلى أن عدد سكانها تجاوز 60 ألف نسمة، مع متوسط عمر يقدر بعشرين عامًا، ما تزالُ تعاني من نواقص كبيرة في البنية التحتية والمشاريع التنموية، فيما أطلقت الحكومة قبل أكثر من عام برنامجًا طموحا لتغيير المدينة خاصة، وولاية الحوض الشرقي بشكل عام.
البرنامج الذي عبأت له الحكومة أكثر من 4 مليارات أوقية قديمة، بمساعدة شركاء خارجيين، سيشمل 29 مشروعا، تهدف إلى تحقيق “تعبئة إمكانات النمو الخاص بالولاية وتنمية رأس مالها البشري وتعزيز الحكامة فيها”.
وذلك ما سيناقشه الرئيس وأعضاء الحكومة خلال اجتماع مجلس الوزراء المرتقب في مدينة النعمة، في إطار ما سماه ولد الغزواني “مجالس أو حلقات” بدأتها الحكومة من مدينة روصو شهر يناير الماضي، على أن تشمل عواصم أخرى.
ولد الغزواني في حديثه عن آلية العمل الحكومي الجديدة، قال إن الهدف منها هو “الاطلاع على أوضاع العامة في الولاية، والتداول مع أطرها، ومع فاعليها السياسيين والاقتصاديين في المجالات التي تهم الولاية”.
آمال السكان
وفيما يتطلع سكان مدينة النعمة إلى ما سيسفر عنه اجتماع مجلس الوزراء، من مشاريع على الأرض تساعدهم في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، كانت الجهات الرسمية تحاولُ إدخال تحسينات على البنية التحتية للمدينة النائمة بين الجبال، والتي تحملُ خلفها تاريخًا طويلًا من مقاومة الاستعمار والصمود.
يتحدثُ السكان هنا عن تحسن طفيف في مظهر المدينة خلال الأيام الأخيرة، بعد تنظيف وتجهيز الطرق المعبدة.
ولكن السكان يعلقون آمالًا كبيرة على اجتماع الحكومة في مدينتهم، على غرار ما حدث قبل خمس سنوات حين احتضنت النعمة احتفالات الاستقلال الوطني عام 2018.
حينها تغيرت المدينة، فلم يعد مدخل المدينة كما كان في السابق، والطريق المعبد المؤدي إلى وسط المدينة صار فسيحا، على جنباته تنتشر منازل فخمة شيدت حديثا، يقول بعض السكان إنها لسياسيين ووزراء، ورجال أعمال.
في هذا السياق يقول “أمين”، وهو موظف في إحدى المؤسسات العمومية، إن احتضان مدينة النعمة لاحتفالات ذكرى لاستقلال آنذاك، غير من وضعية عاصمة الحوض الشرقي.
ويضيف أمين أن البنية التحتية تحسنت كثيرا، حيث شيدت الدولة طرقا معبدة، ووضعت إشارات مرور، وظهرت مجمعات تجارية “عصرية” لم تكن موجودة في السابق.
في السياق ذاته يقول أحمد ولد معلوم، وهو تاجر في سوق النعمة: “نحنُ نعول كثيرا على زيارة ولد الغزواني ورئاسته لاجتماع الحكومة هنا، وننتظر منه تحسين أوضاع المدينة”.
الثلاثاء, 26 نوفمبر
24/24 :
- مسؤول في سنيم: توسع الشركة يخلق فرص وظيفية جديدة
- روصو.. تدشين مشروع لكهربة المناطق الزراعية
- روصو.. غزواني يؤدي زيارة لمركز إيواء المتضررين من الفيضانات
- موريتانيا.. “نقابات التعليم” تدخل في إضراب عن التدريس
- موريتانيا.. القوات المسلحة تخلد ذكرى تأسيسها
- الرئيس الموريتاني يبدأ من مدينة روصو زيارة لولايات الضفة
- جبهة تحرير أزواد توقف عصابة استولت على سيارتين لمنقبين موريتانيين
- مالي والنيجر وبوركينافاسو تقرر توحيد وثائق السفر والهوية
سكانُ النعمة.. آمال معلقة تترقبُ اجتماع الرئيس وحكومته
بواسطة أحمد كلي
شاركها.
فيسبوك
تويتر
واتساب
لينكدإن
البريد الإلكتروني