قال الدكتور انجاي أمادو ممادو، المشرف العام على تشريح جثمان الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين، إن التقرير الطبي لم يكن متناقضًا مع ما أعلنه وكيل الجمهورية بولاية نواكشوط الشمالية، مؤكدًا أن التقرير أثبت وجود كسور في فقرات رقبة الضحية.
كان المشرف على التشريح يتحدث في نقطة صحفية عقدها في مباني وزارة الصحة الموريتانية، لتقديم توضيحات حول التقرير بعد جدل وشائعات انتشرت بعد رفض عائلة الفقيد استلام التقرير الطبي.
وقال انجاي: “بناء على أمر تشريح من وكيل الجمهورية لولاية نواكشوط الشمالية كنت المشرف العام على تشريح جثة المرحوم، وقد أثبت التشريح وجود رضية للعضلات العميقة في العنق، مصحوب بكسر في قرني الغضروف الدرقي، والقرن الأيسر للعظم اللامي”.
وأضاف أنه انطلاقًا من ذلك فإن “الوفاة من الأرجح أن تكون ناجمة عن اختناق رضي بواسطة الخنق”.
وشدد على أن الكسور التي تحدث عنها وكيل الجمهورية “أثبتها التقرير في صفحته الثالثة”.
وخلص إلى التأكيد على أن التقرير كتب بـ “كلام طبي معتمد في العالم أجمع، وهي المعتمدة في علم التشريح، وتكتب به التقارير حتى في الدول الغربية”، وفق تعبيره.
الوزير يشرح
من جهة أخرى، نفى وزير الصحة الموريتاني المختار ولد داهي عبر صفحته على الفيسبوك، أن يكون هنالك أي تناقض بين ما تضمنه التقرير الصادر مساء اليوم الأحد، بعد تشريح جثمان الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين، وما أعلن وكيل الجمهورية ليلة البارحة.
وكتب الوزير عبر الفيسبوك: “لا بيان إلا بيان وكيل الجمهورية البارحة، والتقرير الطبي الذي وصل وسائل الإعلام من مصادر عائلة المغفور له، قوي أمين جلي”.
وأضاف الوزير أن التقرير في خاتمته يشير إلى أن “الوفاة ناجمة بسبب الخنق”.
وأوضح الوزير في تدوينة ثانية مرفقة بصورة من التقرير مع بعض لملاحظات، أن “التقرير الطبي بلغة (الطب)، والفقرات المنوه عنها تُبينُ بلغة التقرير الفقرات الدالة على كسر في الرقبة”.
وقال الوزير في السياق ذاته أن “كلمة (كسر مُكدَّمْ) في الغضروف الدرقي بالرقبة (fracture ante mortem)، بما يعنى أن الكسر حدث قبل الوفاة، وهو دليل على الخنق (strangulation manuelle)”.
وكان أحد أفراد عائلة الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين، الذي توفي مساء الخميس الماضي بعد ساعات من استدعائه لدى إحدى مفوضيات الشرطة، قد اعترض على التقرير الطبي، وقال إنه “مفبرك”، ما أثار جدلًا واسعًا في وسائل التواصل الاجتماعي.
مصدر اللغط
ويعود الجدل إلى أن وكيل الجمهورية تحدث في تصريحه عن كسر في فقرتين برقبة الضحية، وهو ما قال منتقدو التقرير إنه لم يرد في التقرير، ولكن مختصين أكدوا أنه ورد ولكن بلغة علمية، حسب ما شرحَ الوزير في تدوينته الأخيرة، وأكده بعد ذلك الطبيب المشرف على التشريح.
وكتب بعضُ الأطباء والمختصين حول الموضوع على الفيسبوك، من أبرزهم الطبيب أحمدو بلال، الذي قال إن التقرير أشار إلى أن “الوفاة حدثت بسبب غلق مجري التنفس، وذلك تم عن طريق الخنق”.
وأوضح الطبيب: “إذن السبب المباشر هو الخنق، لكن هذا لا ينفي أن ثمة أضرارا أخرى ككسر في الرقبة ورضوض في بعض أماكن الجسم، لكن هذه ليست السبب المباشر للوفاة، لأنها لا تؤدي للوفاة”.
وخلص الطبيب في تدوينته إلى القول: “بالتالي لا تعارض بين ما صدر البارحة عن الوكيل، وما هو مكتوب في التقرير، الخلط فقط أن التقارير الطبية تكتب بصيغة معينة، وكلام الوكيل البارحة كان باللغة العامية وليس بلغة طيبة”، وفق تعبيره.
تأجيل الصلاة
وأدى اعتراض عائلة الفقيد على مضمون التقرير الطبي ورفض استلامه، إلى تأجيل إقامة الصلاة على جثمانه، وقالت مصادر خاصة لـ “صحراء ميديا” إنه من الراجح أن يستلم الجثمان صباح غد الاثنين، بعد أن تفهم أفراد من عائلة الفقيد مضمون التقرير الطبي.
وأضافت المصادر أن الصلاة على الجثمان ستجري في مسجد “الدعاة” بمقاطعة الرياض، جنوبي العاصمة نواكشوط.
ومن المرتقب أن تعقد عائلة الفقيد مؤتمرًا صحفيًا عقب الصلاة، تشرحُ فيه ملابسات ما جرى، وتوضح موقفها من التقرير الطبي، حسب ما أكدت المصادر.
ورغم ذلك، ما تزالُ المواقف متضاربة في ظل انتشار الشائعات وتجاولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وسبق أن أكملت السلطات الموريتانية الاستعداد لإقامة جنازة رسمية للناشط الحقوقي، الذي توفي بعد استدعائه من طرف إحدى مفوضيات العاصمة نواكشوط، وتشير بعضُ التقارير إلى أنه “قتل بعد أن تعرض للتعذيب”.
وكان من المفترض أن يحضر الصلاة عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة، من بينهم بعض مستشاري رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني.
في غضون ذلك، رفضت عائلة الفقيد استلام نسخة من التقرير النهائي للتشريح الطبي، وقالت إنه “مفبرك” لأنه رجح أن سبب الوفاة هو “الخنق”.
وطالب المتحدث باسم العائلة بالقصاص من مرتكبي جريمة قتل الصوفي ولد الشين، وقال: “لا نريد سوى القصاص”.
وبناء على ذلك، رفضت العائلة استلام الجثمان، وبالتالي تأجل موعد إقامة الصلاة على الجنازة، وفق ما كانت تستعد له الحكومة.