علمت “صحراء ميديا” من مصادر مطلعة أن الحكومة الموريتانية تحضر لإقامة جنازة رسمية للصلاة على جثمان الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين، الذي قتل إثر تعرضه للتعذيب في إحدى مفوضيات الشرطة بالعاصمة نواكشوط.
وقالت هذه المصادر إن الاستعدادات بدأت لإجراء الصلاة على الفقيد الليلة، على أن يحضرها عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة، دون تحديد هوياتهم أو رتبهم.
وأضافت أنه من المرجح أن يحضر بعض مستشاري رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني.
استلام الجثمان
قال موفد “صحراء ميديا” إلى مستشفى الشيخ زايد، حيث يوجد جثمان الناشط الحقوقي، إن عددًا من ذويه كانوا في المستشفى خلال ساعات المساء تمهيدا لاستلام الجثمان.
وسبق أن ربط بعض أفراد أسرته استلام الجثمان بالحصول على نسخة من التقرير النهائي الذي أعده الفريق الطب الشرعي الذي أشرف على عملية التشريح مساء أمس السبت.
وأضاف الموفد أن سيارات تابعة لوحدات مكافحة الشغب كانت تنتشر في محيط مستشفى الشيخ زايد.
جريمة وتحقيق
وكان وكيل الجمهورية في ولاية نواكشوط الشمالية محمد لمين باري المختار فال، قد أعلنَ ليلة البارحة، أن جثمان الصوفي ولد الشين خضع لتشريح كشف وجود كسر في فقرات الرقبة وتعرضه للخنق، مشيرًا إلى أن كلا السببين يمكنُ أن يؤدي إلى الوفاة دون الآخر.
وكان الصوفي ولد الشيخ قد استدعي من طرف مفوضية الشرطة رقم (2) بمقاطعة دار النعيم في نواكشوط، زوال يوم الخميس الماضي، ونقل بعد ذلك بساعات ميتًا إلى مستشفى الشيخ زايد.
وأثارت الحادثة موجة غضب واسعة في الشارع الموريتاني، وسط مطالب بتحقيق شفاف لكشف ملابسات الحادث، وتقديم المسؤولين إلى العدالة.
وأعلن وكيل الجمهورية أنه بناء على نتائج التشريح والتحريات أمرت النيابة العامة بتوقيف جميع أفراد الشرطة المداومين في المفوضية رقم (2) بمقاطعة دار النعيم، يوم وقوع الجريمة، بالإضافة إلى المفوض في نفس المفوضية.
ولم يحدد وكيل الجمهورية عدد الموقوفين، الذين يعدون أبرز المشتبه في تورطهم في الجريمة.
وأضاف: “أمرت النيابة العامة بتشكيل لجنة للإشراف على البحث، يرأسها المدعي العام لدى محكمة الاستئناف بعضوية نائبه، ووكيل الجمهورية لدى محكمة نواكشوط الشمالية ونائبه وضباط من الشرطة الوطنية من الإدارة العامة للأمن الوطني”.
وأكد في ختام حديثه أن “الجريمة ستكون موضوع بحث سيجرى خلال الأيام القليلة القادمة، ويقدم الجميع إلى العدالة”، على حد تعبيره.
غضب شعبي
وتسببت حادثة قتل الناشط الحقوقي في موجة غضب لدى الموريتانيين، فيما قررت السلطات إيقاف العمل في مفوضية الشرطة رقم (2) بدار النعيم، التي وقعت فيها الجريمة.
في غضون ذلك، تجمهر صباح اليوم بعض الشبان الغاضبين في محيط المفوضية، وأضرموا النار في إطارات السيارات، ولكن وحدات من مكافحة الشغب والدرك الوطني فرقت المحتجين.
ومنذ يوم أمس فرضت وحدات من الدرك الوطني طوقًا أمنيا على المفوضية التي أصبحت “مسرح جريمة”، وتعد أحد أهم أماكن التحقيق الذي فتحت النيابة العامة.
حزنٌ موريتاني
وأثارت جريمة قتل الناشط الحقوقي موجة حزن في البلاد، عبر عنها أغلبُ الموريتانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من سياسيين ومسؤولين وناشطين ومواطنين عاديين.
حزبُ تكتل القوى الديمقراطية وصف مقتل ولد الشين بأنه “حادثة محزنة ومفاجئة”، ودعا إلى “التعجيل في إجراءات التحقيق الذي أعلن عنه، والحرص على أن يكون شفافًا وعادلا ونزيهًا”.
وشدد الحزب في بيان تعزية، على “التطبيق الصارم للقانون في حالة ثبوت استهداف الفقيد أو تعذيبه أو قتل بصفة متعمدة”.
وخلص الحزب لدعوة الشعب الموريتاني إلى “استلهام المبادئ والأفكار الداعية إلى الوحدة الوطنية والئام الاجتماعي التي قضى الشهيد حياته يدافع عنه بلا كل ولا ملل”.
من جهة أخرى كتب الشيخ ولد بايه، رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، عبر حسابه على تويتر مساء اليوم إن “أقل ما يحتاجه البلد هو قتل دعاة اللحمة الوطنية”.
وأضاف ولد بايه في تغريدة مقتضبة: “اللهم ارحم واغفر للشهيد الصوفي ولد الشين، خطابه خطابنا”، قبل أن يتقدم بالتعزية إلى عائلته.
وكان الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين يقود تيار “اللحمة الوطنية”، ويحملُ خطابًا داعيا إلى الوحدة الوطنية، محذرًا من العنصرية والتمييز.
أقل ما يحتاجه البلد هو قتل دعاة اللحمة الوطنية…
اللهم ارحم واغفر للشهيد الصوفي ولد الشين. خطابه خطابنا.
أصدق التعازي لاهله ولاسرته الكريمه. pic.twitter.com/4nlwLBpP3V— الشيخ بايه Cheikh BAYA (@cheikh_baya) February 12, 2023