أعلن وكيل الجمهورية في ولاية نواكشوط الشمالية محمد لمين باري المختار فال، أن التشريح الذي خضع له جثمان الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين، كشف وجود كسر في فقرات الرقبة وتعرضه للخنق، مشيرًا إلى أن كلا السببين يمكنُ أن يؤدي إلى الوفاة دون الآخر.
وكيل الجمهورية الذي كان يتحدث في نقطة صحفية بمستشفى الشيخ زايد، ليل السبت/الأحد، قال إن التشريح “أسفر عن سببين يمكن أن يعتبر أي واحد منهما سببا للوفاة دون الآخر”.
وأوضح الوكيل أن “السبب الأول وجود كسر في فقرتين من الرقبة يمكن أن يؤدي إلى القتل، والسبب الثاني خنق أدى لحبس النفس يمكن أن يؤدي إلى الوفاة”.
وأضاف وكيل الجمهورية أن هذه النتائج “أولية”، مشيرًا إلى أنه “عندما يصدر التقرير في شكله النهائي ستكون فيه تفاصيل أكثر سيتم اطلاعكم عليها”.
وكان الصوفي ولد الشيخ قد استدعي من طرف مفوضية الشرطة رقم (2) بمقاطعة دار النعيم في نواكشوط، زوال يوم الخميس، ونقل بعد ذلك بساعات ميتًا إلى مستشفى الشيخ زايد.
وأثارت الحادثة موجة غضب واسعة في الشارع الموريتاني، وسط مطالب بتحقيق شفاف لكشف ملابسات الحادث، وتقديم المسؤولين إلى العدالة.
توقيف المشتبه بهم
وكيل الجمهورية وصف ما تعرض له الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين بـ”الجريمة”، وقال إنه بناء على نتائج التشريح والتحريات أمرت النيابة العامة بتوقيف جميع أفراد الشرطة المداومين في المفوضية رقم (2) بمقاطعة دار النعيم، يوم وقوع الجريمة، بالإضافة إلى المفوض في نفس المفوضية.
ولم يحدد وكيل الجمهورية عدد الموقوفين، الذين يعدون أبرز المشتبه في تورطهم في الجريمة.
وأضاف: “أمرت النيابة العامة بتشكيل لجنة للإشراف على البحث، يرأسها المدعي العام لدى محكمة الاستئناف بعضوية نائبه، ووكيل الجمهورية لدى محكمة نواكشوط الشمالية ونائبه وضباط من الشرطة الوطنية من الإدارة العامة للأمن الوطني”.
وأكد في ختام حديثه أن “الجريمة ستكون موضوع بحث سيجرى خلال الأيام القليلة القادمة، ويقدم الجميع إلى العدالة”، على حد تعبيره.
فريق التشريح
أشرف على تشريح جثمان الناشط الحقوقي فريق مختص ضم كلا من الدكتور محمد الإمام ولد الشيخ ماء العينين، والدكتور مولاي أحمد ولد الذهبي والدكتور الحسين ولد أبكم.
وتولت وزارة الصحة تشكيل الفريق ووضعه تحت تصرف النيابة العامة، وفق ما أعلن وزير الصحة المختار ولد داهي، الذي قطع إجازته بعد تعليمات من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
وبالإضافة إلى أعضاء الفريق، حضر التشريح بصفة مراقب الدكتور انجايْ ممدو، أخصائي الأمراض الباطنية في المستشفى الوطني.
كما حضره أيضًا بصفة مراقب منتدب من عائلة الضحية، الدكتور الصيدلاني الشيخ بتار ولد سكَّانْ، يرافقه الأخر الأكبر للضحية ختار ولد الشيباني.
توتر ثم ارتياح
استمر التشريح عدة ساعات، فيما تجمهر صحفيون وحقوقيون ومدونون ومواطنون عاديون في باحة مستشفى الشيخ زايد، ترقبًا لنقطة صحفية ستعلن فيها نتائج التشريح.
وقبيل إعلان نتائج التشريح، دخل ناشطون حقوقيون في مشادات كلامية، يرفضون فيها تسليم الجثمان من أجل دفنه، مطالبين بالإبقاء على الجثمان في المستشفى حتى اكتمال التحقيق.
ووصف أحد الناشطين الحقوقيين التعجيل بالدفن على أنه “تمهيد لإصدار تقرير معلب تعودنا عليه من طرف السلطات”.
وكان بعض الحاضرين غاضب، ويشكك في نتائج التشريح، حتى قبل إعلانها، وصرخ أحد الحقوقيين منفعلًا: “لا نريد تقريرا مضللا، إذا سكتنا عن العدالة للصوفي سنكون نحن ضحايا العنف”.
وفور إعلان نتائج التشريح من طرف وكيل الجمهورية، عبر ناشطون حقوقيون عن فرحتهم، وهتفوا بتحية العدالة الموريتانية.
وصرخ ناشط حقوقي: “يحيى العدل”، فيما قال آخر: “جزاكم الله خيرًا.. جزاكم الله خيرًا”.