غير أن كل الأسباب الماضية ما كانت لتحصد أرواح هذا الكم الهائل من المسافرين لو كانت القوانين رادعة للمخالفين، وزاجرة للغير، وعلى الطرق هناك من هو جاهز لإنفاذ القوانين، فالضرر الذي تخلفه هذه الحوادث كثير وكبير، إن تجاوزنا أعداد القتلى المرتفع، ينجد ضعفه من المصابين والمرضى، وخسائر اقتصادية فادحة للدولة والأفراد.
أسبوع الرعب
خلال أقل من أسبوع واحد قتل نحو 15 شخصا في أربعة حوادث على طرق متفرقة، كان أكثرها فداحة حادث طريق منطقة “تنزاك” قرب مدينة أطار، شمالي موريتانيا، إذ لقي 7 أشخاص مصرعهم وأصيب 5 آخرون بجروح خطيرة أول أمس الخميس، لينضاف هؤلاء إلى حادث طريق مطار نواكشوط القديم مطلع الأسبوع الحالي الذى أودى بحياة 4 أشخاص، وخلف عدداً من الجرحى.
ولم تُخلف طريق الأمل موعدها اليومي مع نزيف الطرقات، شرقي مدينة بوتليمت، 150 كلم من العاصمة نواكشوط، توفي بحر الأسبوع شخص وأصيب آخرون بجراح بعضهم وصفت جروحه بالخطيرة، وغير بعيد من العاصمة نواكشوط أصيب الأربعاء عدة أشخاص في حادث سير وقع 32 كيلومتراً إلى الشرق على طريق الأمل.
فداحة هذه الحوادث ووقوعها على طرق رئيسية أبرزها في عناوين الأخبار، كثيرة هي الحوادث والخسائر التي تحدث يوميا في طرق أخرى، ولا صدى لها.
تقول الإحصائيات الرسمية وفقا للناشط في حملة للحد من حوادث السير محمد الأمين ولد الفاظل، إنه ما بين العام 2003 و2015 سقط 2669 قتيلاً، وأكثر من 37 ألف جريح، بسبب ما يزيد على 100 ألف حادث سير وقعت على الأراضي الموريتانية.
وفى تحليل لهذه الإحصائيات يقول ولد الفاظل إنه في كل يوم يقع على الأراضي الموريتانية 22 حادث سير، أي أنه يقع حادث سير كل ساعة وست دقائق، ويصاب في كل يوم 8 أشخاص بجروح في حوادث السير، أي أنه في كل ثلاث ساعات يصاب شخص ما بجروح بسبب حادث سير، وفي كل 42 ساعة، أي في أقل من يومين يموت موريتاني بسبب حادث سير.
ويحذر ولد الفاظل من أن هذه الأرقام المفزعة تمثل بشراً رحلوا عن دنيانا الفانية بسبب موت مفاجئ في حادث سير من المائة ألف حادث التي وقعت في الفترة المذكورة.
وعن تبعات هذه الحوادث اجتماعيا يؤكد أن كل واحد من الرقم 2669 ترك خلفه قصة حزينة مليئة بالدموع، وربما حوت تلك القصة مشاكل نفسية لبعض الأقارب، ضف إلى ذلك معاناة الجرحى في المستشفيات التي تثقل كاهل الأسر وتترك عاهات عاهة مستديمة أو وفاة للجريح.
آلاف الموريتانيين يفقدون أرواحهم في حوادث سير، فلا يكاد يخلو أي بيت من ضحية لهذا القاتل، وقصة معاناة كبيرة، بل إن الدولة نفسها تضررت إلى حد كبير من هذه الحوادث، فكم من المشايخ والعلماء والمسؤولين والفنانين ورجال الأعمال فقدوا أرواحهم في حوادث سير.