في غضون ذلك جرى حوار بين الوزير ومدون يدعى خالد الفاظل، على صفحة الأخير عندما نشر تدوينة تحت عنوان “نيران صديقة” يخاطب فيها وزير الاقتصاد والمالية ويحدثه عن أوضاع المعلمين والأساتذة، وهو يعمل أستاذاً في مقاطعة تامشكط في أقصى الشرق الموريتاني، ويعد واحداً من أكثر الموريتانيين متابعة على الفيس بوك.
وقال الفاظل في تدوينته: “اليوم هو 12 فبراير، أي أن ثقل السنة الدراسية بدأ ينزاح جهة الغروب، وأجراس ختامها بدأت تقرع ويسمع صوتها القادم من شواطئ يونيو/حزيران؛ ومع ذلك، بجانبي أستاذ عقدوي مسالم لم تدخل جيوبه حتى الآن قطعة نقدية واحدة، وذلك بعد مرور ثلاثة أشهر تنقص قليلاً من التدريس على (امباله)”، قبل أن يضيف: “الخريجون من الأساتذة الرسميين منذ أربعة أشهر وهم يحضرون دروسهم داخل دفتر (الديون)، ينتظرون بلهفة تحرير رواتبهم المقيدة في أروقة وزارة المالية”.
نقص الطاقم التعليمي
وأشار المدون إلى أن “بعض الناجحين (في مسابقة المعلمين والأساتذة) كانوا من المتعاقدين، وهذا شيء متوقع، مما يعني أن حصصهم في تلك المؤسسات التي قدموا منها ستصبح خاوية، ولا بوادر لسدها في الوقت الحالي”.
وقال المدون إن النقص في الطاقم التعليمي “مؤلم وكبير”، ضارباً بعض الأمثلة “الطريفة”: أستاذ يدرس الرياضيات والتربية الإسلامية معاً، أستاذ إنجليزية يدرس التربية الإسلامية، وأستاذ فيزياء يدرس التاريخ والجغرافيا.
وانتقد المدون بشدة تأخر العلاوات، وقال في هذا السياق: “علاوة البعد ابتعدت واختفى شبحها في ضباب المماطلة، والتحقت بها علاوة التجهيز (…) أما علاوات الترقيات بكل أطيافها، فقد أكلها الذئب كما يبدو، بعضها تجاوز سنة كاملة من الغياب”.
وخلص المدون إلى القول إن: “الحديث عن أي بحبوحة اقتصادية ما، لم تصل ظلالها لقطاع التعليم بكل تشعباته ستبقى مريبة جدا؛ فالتعليم هو التلسكوب الذي سيجعلنا نرى مستقبلنا بكل وضوح، ودونه ستظل الغشاوة على عيون موريتانيا”، وفق تعبيره.
وحظيت التدوينة التي نشرت مساء اليوم الأحد بتفاعل كبير وصل في ساعات إلى قرابة ألف إعجاب وعشرات المشاركات، بالإضافة إلى أكثر من 220 تعليقاً، من ضمنها تعليق واحد لوزير الاقتصاد والمالية المختار ولد أجاي رد فيه على بعض ما جاء في التدوينة.
تعليق الوزير
الوزير قال في تعليقه: “فيما يخص المواضيع التي تفضلتم بإثارتها فاتفق معكم أولا أن أي تنمية وأي استثمار لا يأخذ التعليم معبراً مآله التلاشي والاضمحلال؛ لكن اقبل معي أن الأمور متداخلة أكثر مما نتصور”، مشيراً إلى أنه “للإنفاق على التعليم لابد من توفر حد أدنى من الموارد التي لن تتأتى إلا بالتخطيط لها”.
وعبر الوزير عن تفاجئه من مشاكل المعلم التي أوردها المدون، فيما يتعلق بتأخر الرواتب والعلاوات، وقال: “فيما يخص مشاكل المعلم التي ذكرت فقد فاجأتني كثيراً لأني أجزم بأن السنة المالية 2016 لم تغلق على أوقية واحدة متأخرة، أما ميزانية 2017 سيتم بدء الصرف عليها في حدود 20/02”.
وخلص الوزير إلى دعوة المدون إلى مراجعة المعلومات والتأكد من المستوى الذي وصلته هذه الملفات قبل مراجعته، مشيراً إلى أنه بدوره سوف يستفسر، خاتماً تعليقه بالقول: “أخيرا افتخر بلغتكم وأسلوبكم، أثلجت صدري بأنه مازال في مدرستنا أمثالكم”، وفق تعبيره.
بين الوزارتين
في رد على تعليق الوزير قال المدون: “شكرا لك سيادة الوزير على التواضع وروح الحوار وهو شيء مشرف جدا ويدعو للإعجاب حقا”، قبل أن يؤكد أن “المتأخرات المالية باتت تثقل كاهل المدرس الذي يعمل في المناطق النائية؛ تخيل أربعة شهور بلا راتب”.
وقال المدون في رده على وزير الاقتصاد والمالية إن “وزارة التعليم قد قالت إنها سلمت جميع الملفات لوزارة المالية، وإن التأخر يعزى لوزارتكم ونابع منها والملف الآن بحوزتها، هذا بالإضافة لعلاوة البعد والتجهيز”.
وكان وزير الاقتصاد والمالية قد نشر اليوم مقالاً يتحدث فيه عن “تحول اقتصادي عميق” في موريتانيا، وقد أثار الكثير من التعليقات بين الموريتانيين على مواقع التواصل الاجتماعي.