احتفلت السفارة الألمانية في نواكشوط ليل الثلاثاء/الأربعاء، بالذكرى الثانية والثلاثين لـ “يوم الوحدة”، بحضور وفد حكومي موريتاني ونخبة المجتمع السياسي والثقافي والاقتصادي في البلد، فيما قالت السفيرة إزابيل هنين بالمناسبة إن العلاقات بين ألمانيا وموريتانيا قائمة على “الثقة”، وتعززت خلال الأشهر الأخيرة.
السفيرة التي ألقت خطابًا بحضور وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، قالت إن الأشهر الماضية “كانت غنية بالتبادلات السياسية بين موريتانيا وألمانيا”، مشيرة إلى أنه في فبراير الماضي التقى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بالمستشار الألماني شولتز، خلال قمة إفريقيا – الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وأضافت في السياق ذاته أنه في يونيو الماضي “على هامش قمة الناتو في مدريد، بحث وزير الخارجية السيد مرزوك مع نظيرته السيدة بيربوك (..) السيد الوزير شاركتم أيضًا في نهاية شهر يونيو في المؤتمر الدولي حول الأمن الغذائي في برلين”.
وقالت السفيرة: “أنا سعيدة بهذا المستوى العالي من الثقة، وأشكركم جميعًا على مثالية حوارنا، وجهودكم لصالح الشراكة بين بلدينا”.
شراكة وتعاون
ووصفت السفيرة العلاقات بين موريتانيا وألمانيا بـ “الشراكة”، وأضافت: “بروح الشراكة هذه على قدم المساواة، نعمل نحن، ألمانيا وموريتانيا، معًا من أجل السلام والاستقرار والتنمية المستدامة والتماسك الاجتماعي والازدهار المشترك”.
وأوضحت السفيرة الألمانية أن التعاون بين البلدين، يتم على مستويات ثنائية وإقليمية، مشيرة إلى أن مجالات التعاون تشمل “حماية البيئة، الحكم الرشيد والتماسك الاجتماعي، التنمية الاقتصادية المستدامة والتكوين المهني والتوظيف”.
وقالت: “في شراكتنا، يلعب المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية أيضًا دورًا مهمًا. نحن ملتزمون – وهذا موضوع بالغ الأهمية لدينا – لصالح حقوق الإنسان، وحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين على وجه الخصوص”.
الأزمة العالمية
وفي سياق حديثها عن الوضع الدولي، قالت السفيرة الألمانية إن ذكرى يوم الوحدة يتزامن مع “ظروف معقدة، إذ نجد أنفسنا اليوم في سياق اضطراب عميق في عالمنا”.
وأضافت: “لم نكد نخرج من أزمة صحية عالمية حتى اندلعت أزمة أخرى، أمنية وسياسية، لها عواقب اقتصادية كبيرة. أنا أتحدث بالطبع عن الحرب العدوانية التي تشنها روسيا على أوكرانيا”.
وشددت السفيرة على أن “ألمانيا كانت ولا زالت تقدم دعمها اللا مشروط لأوكرانيا. ويمكنها أن تعتمد على تضامننا وتضامن الغالبية العظمى من بلدان العالم التي ترفض الحروب العدوانية”، مشيرة إلى أن موريتانيا دعمت أوكرانيا حين صوتت مع 140 دولة في الأمم المتحدة “لصالح قرار يدين هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي”.
وقالت السفيرة إن الحرب الروسية في أوكرانيا “تتسبب في معاناة تتجاوز حدود أوكرانيا، في العديد من البلدان، معنا، ولكن أيضًا معكم، في موريتانيا كما في أي مكان آخر في إفريقيا”.
وأضافت: “هذه الحرب هي التي تسبب نقصًا في أسعار الطاقة والمواد الغذائية وارتفاعها، مما أدى إلى تفاقم الوضع المتوتر بالفعل. وليست العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا”، وأكدت أن الحرب “تضيف تحديات إلى تلك التي فرضها علينا بالفعل تغير المناخ، مع فترات الجفاف أو الأمطار الشديدة التي عشناها، في موريتانيا وفي المنطقة”.
وحول موقف بلادها، قالت السفيرة إن “ألمانيا تدرك جيدا قضايا الأمن الغذائي التي تواجه موريتانيا ومنطقة الساحل، وتستجيب لها سواء من خلال الإجراءات الثنائية أو من خلال تمويل المشاريع المنفذة تحت رعاية الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي”.
وفي ختام خطابها قالت السفيرة إن موريتانيا “تتمتع بإمكانيات كبيرة من حيث الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر. هذه من المجالات التي تمتلك فيها ألمانيا التكنولوجيا المتطورة”.
معرض وموسيقى
في باحة السفارة الألمانية، أقامت السفيرة معرضًا لتاريخ مقاومة سلمية وثقافية قام بها الشعب الألماني من أجل توحيد دولتهم، قبل انهيار جدار برلين.
وتجول الحضور في المعرض، وأغلبهم من السياسيين والمسؤولين والصحفيين، بالإضافة إلى فاعلين بارزين في قطاع الأعمال، وأعضاء من السلك الدبلوماسي.
وطلبت السفيرة من الحضور التجول في اللوحات المعروضة للاطلاع على تاريخ وقوف الألمان ضد الفصل والقمع، وكيف كان الناس يقرؤون الكتب بشكل سري، وكيف يتبادلون الكتابات سرًا.
وفي خطابها قالت السفيرة إن توحيد الألمانيتين “حدث غيّر بلدنا وكذلك أوروبا والعالم بأسره”، ووصفته بأنه “يوم تاريخ”، ولكنه في الوقت ذاته “يوم خاص” بالنسبة للسفيرة، وقالت: “هذه هي المرة الأولى التي يشرفني أن أرحب بكم هنا منذ أن قمت بتمثيل جمهورية ألمانيا الاتحادية في جمهورية موريتانيا الإسلامية”.