من عريشها المتواضع وسط سباخ دار النعيم، التي تحاصرها المياه، جاء خديجة طلق مفاجئ، وبسبب الأمطار المتهاطلة حينها، لم تتمكن من الوصول للمستشفى، بعد تعذر الحصول على وسيلة نقل.
نساء الحي حملن خديجة وهي في حالة تصفها «بالصعبة »، إلى المدرسة الابتدائية في الحي، هناك وضعت مولودها بشكل طبيعي في أحد الفصول الدراسية بمدرسة «الطالب أحمد».
خديجة بنت محمد الثلاثينية، تحكي قصتها لـ « صحراء ميديا » من داخل أحد الفصول بمدرسة «الطالب أحمد» بدار النعيم شمالي نواكشوط، وما عاشته من لحظات صعبة.
تقول خديجة، “الأمطار غمرت العريش الذي أقيم فيه، بالتزامن مع مجيء المخاض، اضطررت للجوء للمدرسة القريبة، في ظل عدم توفر وسيلة نقل تحملني للمستشفى”.
هذه المدرسة تضيف خديجة، تحولت منذ ذلك الوقت إلى مأوى لي ولأسرتي، بعد أن غمرت المياه حينا، الذي لم يعد صالحا للسكن في الظرف الحالي”.
في ثوب خفيف أهدته جمعية خيرية لخديجة، لفت فيه صغيرها الذي لم يتجاوز أسبوعه الأول، بين قاعات التدريس ورائحة الطباشير التي لم تفارق المكان المغلق منذ أكثر من شهر.
ليست خديجة الحالة الوحيدة التي تتخذ من هذه المدرسة مأوى لها بعد أن أجبرتها مياه الأمطار على مغادرة منزلها، هنالك العشرات من الأسر التي تقيم في الفصول الدراسية في مدرسة الطالب أحمد بدار النعيم .
“أحياؤنا أصبحت بحورا عائمة، علينا أن نقتني قوارب صغيرة للعبور من جهة إلى أخرى” هكذا تتندر سيدة في ركن قصي من قاعة تدريس.
المدرسة ذات الطابقين تضج بالأقدام، هنا ينام الأطفال على مقاعد ألفوها للدراسة، وهي اليوم تأويهم من مياه الأمطار، تتصاعد أعمدة الدخان، وروائح الطبخ تملأ المكان الذي كسرت الأمطار هدوءه بعد شهر على العطلة الدراسية.
تقول باته بنت رمظان، المتحدثة باسم الأسر القاطنة في المدرسة، إن الفصول كلها « مكتظة، فهنا تسكن 186 أسرة، وهو عدد كبير جدا ومتوقع أن يزداد خصوصا إذا ما تهاطلت أمطار أخرى ».
تضيف باته في حديثها مع « صحراء ميديا » أن الأسر «اتخذت من المدرسة مسكنا لها منذ سبع ليال، بسبب الأمطار الأخيرة التي أخرجتهم من مساكنهم قسرا».
وتؤكد أن من تصفهم « اللاجئين، ليس لديهم أي شيئ يقتاتون عليه الآن سوى ما تقدم لهم جهات خيرية أو جهود السلطات المحلية للمقاطعة، غير ذلك الأمور هنا سيئة جدا»، حسب تعبيرها.
تشير إلى أن القاطنين في المدرسة مازالت « تنقصهم أمور أساسية وضرورية جدا لتفادي الأمراض، مثل الناموسيات، بالإضافة إلى الرعاية الطبية، خصوصا أن هناك حالات تحتاج للمتابعة ».
وطالبت باته من رئاسة الجمهورية والحكومة التدخل السريع لإنقاذ الأسر المتضررة وتوفير النواقص، وضرورة إيجاد حل للمشكلة التي أجبرت السكان على اللجوء للمدارس.
وشهدت نواكشوط في الأسابيع الماضية تهاطل كميات كبيرة من الأمطار، غمرت مساحات واسعة من مقاطعتي الميناء ودار النعيم، وصفها خبراء بأنها مناطق « منكوبة » بسبب الأمطار التي أجبرت السكان على المغادرة من منازلهم.